
د. عمر كابو يكتب: خطاب المرحلة (وزير الخارجية نموذجًا)
ويبقى الود
د. عمر كابو
خطاب المرحلة (وزير الخارجية نموذجًا)
** لكل مرحلة في تاريخ الشعوب لغة وخطاب ومفردات، فما يمكن أن يقال اليوم قد لا يكون مناسبًا بالأمس ولا الغد تلك مسلمة غير قابلة للجدال ولا تنتطح عليها عنزتان.
** أتابع باهتمام كبير كل خطابات المسؤولين منذ ذهاب حكومة الإنقاذ (المفترى عليها) ما يجعلني أتوفر على قدر من حرية التعبير تقييمًا لها.
** فالقدر المتيقن أنها اعتمدت أسلوب الكسب الرخيص (للثورجية) وبذل الجهد لنفي أي علاقة تجمع صاحبها بالمؤتمر الوطني والانقاذ حتى ولو كان ذلك مجافيا للواقع ومجانبا للحقيقة.
** ذاك من ناحية ومن ناحية ثانية اعتمدت منهجية الهتافية والتصريخ والتهييج حتى غدا سيد الموقف فارس الحلبة بطل الساحة هو من يملك (حلقومًا مشروخة) تسئ وتشتم (الكيزان) فذاك محله الاحترام والتقدير والاحتفاء من (الثورجية).
** ولأجل ذلك غاب الخطاب السياسي الراشد والتصريح الموضوعي السديد وساد الهرج والمرج بمستوى أضحى مثل خالد سلك ووجدي صالح ومحمد فكي سليمان وفيصل محمد صالح عباقرة مفكرين تنتظرهم (شباب المقاومة) ساعات طوال للاستماع لخطاب الكراهية وشيطنة الآخر.
** المؤسف في الأمر انتظم كل مسؤولي الدولة في المجلس السيادي إلا من رحم ربي في هذه (الطريقة) حيرانًا على رموز قحت آنفي الذكر.
** ويبلغ الأسف مبلغه الكبير انعدام الناصح الأمين الذي يذكر هؤلاء الحكام بأن تلك الكراسي التي يجلسون عليها تتطلب حدًا من الكياسة واللباقة والمنطق والوجدان السليم.
++ من الإنصاف القول أن مثل تلك الخطب الحماسية الممجوجة تسود الشارع عند كل انتقال ثوري فتلك طبيعة الأشياء لا نستطيع المطالبة بفرض خطاب الاعتدال في الشهور الأولى في بلد مثل السودان جياشة مشاعر أهله تغضب فرط الغضب وتفرح فرط الفرح دون مبالاة أو مراعاة للعواقب بلسان حال غلاب يرد : (خليها زي ما تجي تجي).
** أما وقد مضت أكثر من خمس سنوات على ذهاب الإنقاذ فليس من المعقول أو المنطقي الاستمرار في ذات نسق خطاب تجريم الآخر والاساءة إليه والتلويح تهديدا باقصائه أو عزله أو منعه من حقوقه السياسية المشروعة فإن ذلك هو الخبل بعينه…
** ولن يتم تجاوز ذلك الخطاب الذي عفا عليه الزمن إلا بقراءة واقعية منطقية بعيداً من الأسراف في الأمنيات للشأن السياسي في الداخل والخارج..
** داخليًا فإن هناك تغييرا كبيرا قد طرأ على الساحة السياسية من حيث الرفض والقبول حيث أضحى المزاج العام مع التيار الإسلامي الذي يقاتل الآن جنبا إلى جنب مع قواته المسلحة ما تزحزح عنها شبرا..
وخارجياً لم تعد هناك هيمنة على القرار بذات الصلف والاستبداد الأمريكي القديم خاصة بعد أن تحولت أميريكا لنمر من ورق لا تقوى على افتراس (الدب الروسي) ولا (الأسد الايراني) ولا (الفارس الفلسطيني)..
** هاهو الصلف والكبرياء الصهيوني كله يترنح أمام جسارة المارد الفلسطيني الذي يفرض الآن شروطه دون أن يتنازل عن أي حق من الحقوق …
** أعتقد أن وزير الخارجية السوداني الشريف على يوسف وبما له دربة طويلة وعلاقات واسعة وخبرة تراكمية كبيرة في مجال الدبلوماسية والسياسة الخارجية تمكن من صياغة خطاب خارجي رشيد أعاد التوازن المنشود واحتفظ للدولة السودانية بسيادتها وهيبتها وعظمتها…
** فما أحدثه الوزير الشريف علي يوسف يجب أن يحدث في خطابات الدولة ولن يتأتى ذلك إلا إذا عمل البرهان على تغيير الذين من حوله فإن استمرارهم سيجعله يتمسك بذات الخطاب المستهلك الذي أفقده البارحة كل شعبية بناها..
قلت برأي ومضيت.