صديق البادي .. الوثائقي منتج الكنوز

صديق البادي .. الوثائقي منتج الكنوز
كتب: صلاح الدين عبد الحفيظ
بجلابيته الناصعة البياض، وسمته الهادئ، ومشيته المتأنية، تجده يجوب شوارع الخرطوم، متجهًا إلى مكتبة لشراء الصحف والكتب، أو إلى صحيفة لتسليمها مقالًا، أو ربما إلى مطبعة لطباعة أحد كتبه، التي لا يشغله همٌّ سواها.
ظلَّ الأستاذ صديق البادي، الأسطورة الحيّة، معلمًا من معالم المعرفة السودانية الحقيقية، دون ادعاء أو سعي وراء الأضواء. فهو زاهد في الشهرة والمال، ساخر من بهارج الدنيا، حتى الطعام لا يتناول منه إلا ما يبقيه واقفًا على قدميه.
قال لي ذات مرة: “أجمل لحظاتي هي تلك التي أسير فيها طويلًا، متأملًا حياة أهل السودان، أصوات الباعة، صياح عمال المركبات، ضحكات الضاحكين، وشقاء المتعبين.”
إنسانيته الفريدة تجعله ينفق كل ما يملك لمساعدة محتاج، حتى لو أضطر للمشي مسافات طويلة لعدم امتلاكه أجرة المواصلات. ذات يوم، أعطى ما في جيبه لإمرأة بائسة، ثم سار من وسط الخرطوم إلى الكلاكلة على قدميه.
هذا النقاء الإنساني ينعكس في تحليله العميق للقضايا والتطورات السياسية. فقد كتب عددًا من الوثائقيات النادرة حول قضايا وموضوعات كان يفترض أن تتولى الدولة توثيقها. داخل مؤلفاته، يشعر القارئ برهق البحث وجدية التوثيق، فهو لا يكتب إلا بعد تحقيق دقيق للمعلومة.
ألّف كتبًا ذات قيمة تاريخية ووثائقية شاهقة، من بينها:
• مشروع الجزيرة.
• ود حبوبة.
• الشريف حسين الهندي.
• معالم وأعلام.
• حل الحزب الشيوعي السوداني.
• أحداث الجزيرة أبا وود نوباوي.
• رواد التعليم في السودان.
• رواد الإدارة في السودان.
• القبائل السودانية وغيرها.
في أي مجلس يحضر فيه، تكون المعلومة حاضرة، بأدق تفاصيلها، نتيجة نهمه المستمر للقراءة والاطلاع على تاريخ السودان القديم والحديث.
عرفته الصحافة السودانية كاتبًا في قضايا السياسة دون تعصب أو تحيّز، ما أكسبه احترام الجميع.
متعك الله بالصحة والعافية، أستاذنا صديق البادي.