وليد العوض يكتب: فرص ورهانات حكومة الجنجويد الموازية (1)

فرص ورهانات حكومة الجنجويد الموازية (1)
وليد العوض
لا يمكن النظر إلى سيناريوهات الحكومة الموازية، بمعزل عن متوالية الانهيار التي تعرّضت لها القوى المدنية “قحت المتحورة”، ومليشيا الدعم السريع. وبصورة أكثر دقة، فشل مشروعي الانتقال: السلمي برافعة الثورة، والعنيف برافعة الحرب والتمرد.
ونود أن نشير إلى أن هذه الرافعات مشروعة في أدبيات الثورة وتجارب الانتقال، لكن التجربة السودانية الماثلة من 2018 إلى 2025 على مستوى السلمية أو عنف الجنجويد، لم تتّبع المبادئ الثورية بصورة صحيحة من حيث بناء التحالف، أو وجود قضايا مركزية، كما افتقدت التحالفات إلى عامل الايدولوجيا ولو على الحد الأدنى.
فرص إنزال تصوّر حكومة الجنجويد الموازية تبدو منعدمة وضئيلة من حيث تنفيذ المهام المعلنة، ومن حيث وجود موانع طبيعية وسياسية فرضتها واقع “المعادلة الصفرية”، وهي تأسيس العملية السياسية على تناقضات سياسية واجتماعية، شكّلت التحالفات السياسية والمدنية والعسكرية، الأمر الذي جعل فترة العملية السلمية ومؤسسسات السطة الانتقالية، فترة شديدة الصراع. كما عملت على تسريع خطوات الانزلاق نحو حرب 15 أبريل.
لاحقت المعادلة الصفرية واقع الحرب، حتى أصبحت حرباً غير قابلة للتفاوض على الإطلاق، وهو ما رجّح حظوظ الحسم العسكري وانهيار مليشيا الدعم السريع وإنقسام قوى الإسناد السياسي الي تياري حكومة الجنجويد الموازية وتحالف “صمود” الحائر.
المعادلة الصفرية التي قادت الانتقال نحو انسداد الأفق السياسي والانزالاق نحو الحرب، ومن ثم قادت مليشيا الدعم السريع وتنسيقية “تقدم” نحو الانهيار، تتمثل في ثلاث قضايا رئيسة تأسس عليها المشهد الانتقالي، الأولى هي: مكاسب أزمة دارفور التي خلقت مراكز متعددة للثورة، شديدة الصراع والاختلاف الجذري “قحت/ الحركات المسلحة/ الدعم السريع”.
والقضية الثانية هو غياب القواسم المشتركة للمشروع السياسي. صحيح أن الحد الأدنى هو تصفية حزب المؤتمر الوطني عبر آليات غير سياسية، وبصورة أكثر دقة، تفكيك تيار سياسي وفكري راسخ، ويمكن القول أنه أصبح تياراً ثقافياً واجتماعياً عريضاً يتمظهر في فضاء حرب الكرامة، وهو ما أربك التيار الانتقالي في تحوّلاته وانقسامات في هواجس عودة الاسلاميين إلى السلطة مجدداً.
والثالثة هي عسكرة المشهد الانتقالي لصالح بناء الدولة المدنية بوثيقة الشراكة مع المؤسسات العسكرية وشبه العسكرية، “الجيش/ الدعم السريع/ تمازج/ الحركات”!
على مستوى الفكرة، تواجه الحكومة الموازية أزمة التعريف والتجربة، لأن تجارب العالم تتحدث عن واقع دولة موازية كما هو في حال تايوان، صوماليلاند، الصحراء الكبرى، كردستان العراق.
وفي المقابل الآخر، توجد تصورات الدولة الكردية، وما يُعرف بالدولة العميقة لحركة فتح الله كولن التركية، أو النموذج الحميد لدولة الظل في التجربة المغربية والبريطانية التي تقوم باسناد الحكومة الأصيلة.
وعلى أية حال، تستند هذه التجاربة على قضايا مركزية وفكرية غير متوفرة لدى حكومة الجنجويد الموازية.
النموذج الليبي بوجود حكومتين، هو الآخر لا يمكن إسقاطه على تصوّرات الجنجويد في تشكيل حكومة موازية لهم على نسق “خليفة حفتر”، لأنه واقع انقسام جهوي بين الشرق والغرب. كما أن تيار خليفة حفتر تشكّل بعد التغيير في ليبيا، وبعد التسوية السياسية لاتفاق الصُخيرات 2012، بينما كانت مليشيا الدعم السريع وقحت المتحوّرة، فاعلة ومتنفذة في خيارات الانتقال السلمي، وبالقوة العسكرية!