صلاح مصطفى .. زلزال هز عرش ألحان الغناء السوداني

صلاح مصطفى .. زلزال هز عرش ألحان الغناء السوداني
بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ
لا تذكر الألحان السودانية إلا ويذكر السبعة العظام أصحاب النصيب الأوفر والأعظم انتاجا كما ونوعا، وهم بالترتيب كرومة، عبد الرحمن الريح، التاج مصطفى، عثمان حسين، سيد خليفة، صلاح مصطفى، عبد الكريم الكابلي ووردي في مرتبة واحدة لظهورهما في عام واحد. ولد الفنان والملحن الفذ صلاح مصطفى في العام 1932 بأمدرمان بحي العبابدة الذي يقع شمال مستشفى أمدرمان وشرق منطقة الشهداء، في منطقة أنتجت كما من الزاهر إبداعا في شتى المجالات. وهو ما جعل طفولته تتنوع ما بين سماع أذكار المتصوفة داخل الحي، ففي داخل الحي كانت أذكار الاثنين والخميس زائدا وجود منزل أولاد دكة الذي كان له إسهام واضح في حركة الفن الغنائي في سودان الاربعينيات والخمسينيات، إلى جانب وجود نادي الهلال الرياضي.
× وسط فني وثقافي:
هناك مؤثرات أسهمت في تكوين شخصية صلاح مصطفى الفنية والثقافية أبرزها وجود مبنى الإذاعة السودانية قريب المسافة من دار أهله، وعمل والده موظفا حكوميا بمصلحة التلفونات. وهكذا كان إسمها آنذاك، مع اهتمامه بالغناء مع مجموعة أبناء الحي أولاد دكة وعازف الكمان والفلوت وهبة والد النجم الكروي بفرقة المريخ والمنتخب الوطني فيما بعد. لكل ذلك ووفق حديثه في برنامج إذاعي للزميل الشفيع عبد العزيز كان يستمع للأغاني من الراديو الخاص بوالده وهو ما كان نادر الوجود آنذاك.
× يوم في حياته:
يقول الاستاذ صلاح مسترجعا أيام طفولته انه استمع ذات مرة في أحد الأعياد لأغنية (حياتي حياتي) للفنان أحمد المصطفى، مما جعله يفكر في كيفية الوصول لمرحلة العميد أحمد المصطفى، وعلى الفور كان إتجاه حياته قد اتضح بصبر ودأب، وبل تضحيات جعلت منه نجما للغناء وزلزالا للألحان في مسيرتها السودانية منذ عهد كرومة وعبد الرحمن الريح.
× جوانب أخرى ساهمت في ابداعه:
تفوق صلاح مصطفى أكاديميا في مراحل دراسته بالمرحلتين الأولية والوسطى مع ثقافة واضحة اكتسبها من القراءات بمكتبة والده، أصبح زلزال الألحان ذو معرفة جيدة بما يحيط به من أحداث ساهمت فيما بعد لوصوله لمرحلة حسن الخطابة وجودة الكتابة ليصبح نقيبا للفنانين لدورات متعددة ليأتي العام 1953م ليتغنى عبر برنامج مع الهواة بأغنيات الفنان احمد المصطفى. وفي العام 1954م كانت المفاجأة التي جعلته فنانا بعد أن علم والده بمحاولاته الغنائية فكان أن أخبره أن يتبع خطى أحمد المصطفى بوصفه عنوانا للإحترام وهيبة الفنان.
× مصلحة التلفونات:
إلتحق زلزال الألحان وفي يوليو من العام 1954م بمصلحة التلفونات التي أصبحت مصلحة المواصلات السلكية واللاسلكية بأمدرمان، فكان أن نقل إلى مدينة ود مدني، فكانت الفرصة الذهبية ليتعلم العزف على العود الذي كان بحوزة كامل حسين الموسيقار المعروف، فحزق العزف عليه في فترة وجيزة للغاية مما أهله فيما بعد ليصبح الملحن الأول في تاريخ الغناء السوداني بمصلحة السلكية واللاسلكية التي كان يعمل بها كذلك الشاعر تؤام روحه شاعر العيون عبد الله النجيب، فكان أن لحن أولى أغنياته من كلمات عبد الله النجيب (عشان كدة أنا حبيتو)، وهي أولى الألحان له،
لعلاقة القرابة التي ربطته بالفنان عبيد الطيب. أما السبب في ثاني الألحان وهي (يا روحي سلام عليك) وهي أيضا من كلمات عبد الله النجيب، كان لإصرار عبد الله النجيب ليتغنى بثالث الأعمال التي كتبها، حيث قام بتلحين أولى الأغنيات التي تغنى بها. وهو الثاني بعد الكاشف الذي تغني بألحانه وهي أغنية (يا جميل وين أيامي الراحت).
× الزلزال ينتشر في كل السودان:
تتالت أجمل الألحان السودانية فإستمع السودان لأغنيات عظام على شاكلة (حبيبة غريبة، وصدقت العيون لعبد الله النجيب، ولمسة، والماضي والحاضر، لمحجوب سراج، وغالي الحروف، وشارع الصبر، وبريد الشوق، لمصطفى سند، وطريقك وين يا صاليني، للدكتور يوسف نور عوض، ومن الأعماق، لإسحق الحلنقي، ونوبة درويش، لمختار دفع الله، ونزهة .. أتذكرين نزهتنا في المقرن سوا، لمسعد حنفي، والغايب، سافر زمان قبال سنين). وهي أول أغنية يكتبها محجوب شريف. وتاريخ غنائها نوفمبر 1968م.
× تجربة كتابته للأغاني:
وجد الزلزال الطريق مفتوحا ليكتب أجمل الأغاني الخفيفة في زمن كانت فيه سائدة وهي الأغنية التي أسماها هو شخصيا (404) لوجود كلمة (لا لا لا) مكررة بذات الرقم. تغنى وبصورة جعلت كل متابعي الغناء يتوفقون بإعجاب ودهشة لطريقة أدائه لأغنية الحقيبة (غنى القمري على الغصون)، وذلك في سهرة إذاعية بتاريخ 23 يوليو 1982م، وهو التسجيل الذي جعل منه أحد أكثر الفنانين جودة لغنائها رغما عن مرور 50 عاما على ظهورها. للنجم اللحني والفنان الهرم وزلزال الألحان عظمة دور في تشييد المبنى الحالي للفنانين مع عمله في دورات عديدة كنقيب للفنانين ومديرا لقسم هندسة التلفونات بمصلحة المواصلات السلكية واللاسلكية.
بلغت الأغاني التي تغنى بها 78 أغنية شكلت عهدا مضيئا من غناء امتزج بألحان الجنان، وهو للعلم الفنان الأوحد في تاريخ الغناء السوداني الذي لحن كل أغنياته بنفسه، زائدا تلحينه لعشر أغنيات لفنانين آخرين.