ميثاق نيروبي .. عندما يحتطب الساسة ليلاً

ميثاق نيروبي .. عندما يحتطب الساسة ليلاً
تقرير: مجدي العجب
لم يأت من فراغ توقيع ما يسمى ميثاق تأسيس جمهورية السودان الجديد، ليلاً، فقد اعتاد بعض الساسة على مر تاريخهم السياسي على “الاحتطاب ليلاً” وعند شروق شمس اليوم تجدهم صرعى من أثر ما أحتطبوه. أمتلأت القاعة في نيروبي بكل (حاقدً وحسود) وهو توصيف دقيق وصف به الدكتور منصور خالد بعض الذين مارسوا السياسة وهم يسترقون السمع لويلات الشعب السوداني. أما هذه المرة فقد جلس عبدالرحيم دقلو ليسمع حديث الجمهوري النور حمد والأخير تتجلى فيه أزمة المثقف السوداني الذي ينتظر من آل دقلو أن يدعموا مشروعه المستلف من الهندي الشهير “أحمد ميرزا” ومن ثم يستمع قائد ثاني مليشيا الدعم السريع لعبد العزيز الحلو وهو يحدثه عن العلمانية وانفصال الدين عن الدولة. اما “فضل برمة ناصر” رئيس حزب الأمة القومي فقد أسلم مؤلف الإمام الصادق المهدي (الديمقراطية عائدة وراجحة) للجنجويد حتى يمارسون عليها عادتهم المحببة، وهي حرق المعرفة، فالرجل أدخل ما تبقى من الحزب وتاريخه في جيب رجل لا يحسن القراءة ولا الكتابة.
وفي “ابراهيم الميرغني” تتجلى انتهازية الكل ضد الكل لأن الفارق بينه و”دقلو” أن الأخير امتطى ظهره ضد مؤروثه التاريخي، فهو نتاج لقاح (56) التي يتآمرون عليها وهو يتراقص مع ناشطين على قبر “السيد الحسن أبو جلابية”.
× تناقضات متباعدة:
إذاً ما حدث في نيروبي وبلمحة بسيطة هو عبارة عن تناقضات متباعدة الملامح، تجمعهم هتافية يتراقص في دائرتها من لا يدرك موسيقاها، فقد دفع “دقلو” آجر الأوركسترا، ولجهله بالأشياء ترك للحلو أن يختار اللحن، فكانت القاعة “مداح لاقوا دراويش” كما جاء في المثل السوداني الشهير والأشهر.
× غياب القوى المؤثرة:
وقال المحلل السياسي محمد تورشين رغم أن الميثاق التأسيسي لتحالف القوى السودانية يشكل تطورًا مهمًا في المشهد السياسي، إلا أنه يواجه عدة نقاط سلبية قد تعيق نجاحه وتحد من قدرته على إحداث تغيير حقيقي. أولى هذه التحديات هي غياب قوى مؤثرة وضعف التمثيل الشامل. وقال تورشين في تصريحه لألوان ذاكراً بعض السلبيات: (لم يوقع عبد العزيز الحلو، زعيم الحركة الشعبية – شمال، على الميثاق، مما يعكس وجود انقسامات داخل الفصائل المسلحة، ويقلل من شرعية التحالف وقدرته على تمثيل كافة الأطراف. كما أن التحالف يفتقر إلى دعم بعض القوى السياسية المدنية المؤثرة، مما قد يجعله أقرب إلى تكتل عسكري منه إلى تحالف وطني شامل. ووصف الميثاق بالغموض قائلا: (يعاني الميثاق من الغموض حول تقاسم السلطة وإدارة المرحلة الانتقالية، حيث لم يتضمن آلية واضحة لتوزيع المناصب أو تشكيل الحكومة القادمة، وهو ما يفتح الباب لخلافات داخلية قد تعرقل عمل التحالف مستقبلًا. كما أن عدم وجود خطة واضحة حول كيفية إدارة الدولة قد يؤدي إلى صراعات داخلية بين الموقعين، ما يعكس افتقار التحالف إلى رؤية سياسية متماسكة. وزاد: من الناحية الجغرافية، يواجه التحالف مشكلة ضعف القدرة على فرض السيطرة على الأرض، حيث لا يستطيع الموقعون على الميثاق التواجد في المدن الكبرى مثل الخرطوم، ما يجعل تأثيرهم محدودًا على المستوى الوطني. ويبدو أن نفوذ التحالف سيظل مقتصرًا على مناطق النزاع مثل دارفور وكردفان وجبال مرة، مما يعزز فكرة أنه مجرد تحالف جهوي وليس كيانًا وطنيًا جامعًا. كما يثير الرهان على القبلية والانقسامات الإثنية مخاوف كبيرة، حيث تعتمد بعض القوى داخل التحالف على الدعم القبلي والإثني، وهو نهج قد لا يكون فعالًا في السودان، نظرًا لتعقيدات التركيبة القبلية والعرقية. وأكد تورشين أن التجارب السابقة أظهرت أن التحالفات القبلية غالبًا ما تكون قصيرة الأمد، وقد تتحول إلى صراعات داخلية بدلًا من تحقيق الاستقرار.
× استقطاب وصدام:
وذهب تورشين في حديثه ويقول أن من أخطر السلبيات المحتملة أن تشكيل هذا التحالف قد يؤدي إلى مزيد من الاستقطاب والصدام مع القوى الأخرى، خاصة إذا اعتبرته بعض القوى محاولة لإقصائها. هناك أيضًا احتمال لصدام مباشر بين التحالف الجديد والحكومة الحالية أو بعض الفصائل المسلحة غير الموقعة، مما قد يؤدي إلى تأجيج الصراع بدلًا من تحقيق الاستقرار. وختم محمد تورشين حديثه لنا بأن موقف المجتمع الدولي والإقليمي يظل غير واضحا تجاه هذا التحالف، مما قد يحد من قدرته على تحقيق أهدافه. مشيرا إلى أن نجاح أي تحالف سياسي في السودان يعتمد بشكل كبير على الدعم الإقليمي والدولي، وحتى الآن لا توجد مؤشرات على اعتراف دولي.
× تناقض وتباعد:
فيما أبدى المحلل السياسي الدكتور محي الدين محمد محي الدين استغرابه من تناقضات الميثاق وقال في تصريح خص به ألوان: ان ما حدث بنيروبي امس الأول لم يكن سوى اجتماع مجموعة متناقضات من حيث بنود الوثيقة التى تحوى اشياء لا يمكن ان تحدث عبر منبر خارجي يجتمع فيه مجموعة من الناس ليحددوا مصير الشعب السوداني وأضاف محي الدين: اما من حيث المجتمعون فجميعهم لا يحمل رؤية لأي شيء، لذلك ما حدث هو عبارة عن جمهرة وانفض السامر.