فخر الدين محمد .. أسطورة الدبلوماسية السودانية

شخصيات ضد النسيان
++++++
فخر الدين محمد .. أسطورة الدبلوماسية السودانية
صلاح الدين عبد الحفيظ
إن كان هناك مائة شخصية سودانية تستحق الدخول في موسوعة عظماء السودان سيكون فخر الدين محمد أحدهم بلا منازع، وبل في صدارتهم، وهو الذي بين أياديه خير للسودان وأهله بكاب الجداد إحدى قري الجزيرة. وفي العام 1924 كان ميلاده الذي فجر في ردهات التعليم والدبلوماسية شلالات عمل مبدع وإنتاج خلاق جعله على لسان دبلوماسيي العالم أجمع.
× تعليمه:
إبان عمله الدبلوماسي
تلقي فخر الدين تعليمه اولا بالدويم ومن ثم التحق بكلية غردون التزكارية التي تخرج منها معلما في العام 1944 فكان ان وقع الاختيار عليه للالتحاق بمعهد التربية بخت الرضا تدريب المعلمين
التي شهدت علي عهد تدريسه بها بدايات تأسيس أدب الاطفال فوقع الاختيار عليه مع أساطين التربية والتعليم بتأسيس القسم وهم بشير محمد سعيد وعوض ساتي وجمال محمد والرسام ود الشيخ، وذلك لتأسيس أول مجلة أطفال في العالمين العربي والأفريقي. وفي بيت أهله وجد العلم والمعلمين ويكفي أن والدته هي صاحبة الفضل الأكبر منذ العشرينات في تعليم الفتيات بالمدارس الأولية وعرفت بإسم (ست مدينة) وهي الأستاذة طيبة الذكر مدينة عبد الله وهي أول معلمة سودانية صاحبة أول مدرسة خاصة لتعليم الفتيات بحي ودنوباوي.
× ابتكارات فذة:
عرف فخر الدين وسط زملائه وطلابه بدأبه ومثابرته للخلق والإبداع وذلك بإبتكاراته الفذة التي جعلت منه فنانا في مجالات عديدة، ففي العلوم الطبيعية كان يأخذ الطلاب إلى حقول الزرع لمراقبة سلوك الطيور حين تكون وحدها دون وجود بشر بجوارها، وبدون ذلك حتي يعلم الطلاب درجة نشاطها في الحالتين، أما في دروس اللغة الإنجليزية فكان يقوم بالتمثيل حين نطق الكلمات حتى يلفت إنتباه طلابه. ابتعث لجامعة لندن لنيل دراسات متقدمة في التربية وتأهيل المعلمين في العام 1948 فعاد أكثر تأهيلا وخبرة وهو ما جعله أحد أيادي حركة معهد التربية بخت الرضا. بقي معلما للمعلمين مع كتاباته الثرة بمجلتي الكبار والصبيان
وشكل العام 1952 عاما مفصليا في حياته إذ أتت لمكتبة معهد التربية بخت الرضا كتبا في شتى المعارف والعلوم فكان من رواد المكتبة التي وجد فيها ذات حياته المستقبلية قراءة وكتابة وتلخيصا لكل المقروءات التي قرأها
خلال هذه الفترة حتى ابريل من العام 1956م، وهو تاريخ اختياره أحد طاقم العمل الدبلوماسي.
× الدبلوماسية كمحطة رئيسية في حياته:
ظل في قراءات نهمة لتلك المعارف وتحديدا الأدب الإنجليزي والفلسفة، وفي أبريل من العام 1957م وقع عليه الاختيار للعمل كدبلوماسي من ضمن السفراء الأوائل، فعمل أولا بسفارة السودان بلندن لعامين، ومن ثم كانت فترة عمله مديرا للبروتكول هي الفترة التي أبدع فيها في تدريب الدبلوماسيين كيفية معرفة قواعد الأتيكيت (فن التصرف) زائدا عمله في ترجمة الوثائق الدبلوماسية التي تخصص فيها بإمتياز
في العام 1959م، حيث تم اختياره أول سفير للسودان في الصين، وتعتبر فترة عمله بالصين هي الأساس الذي سارت على نهجه الحكومة السودانية في ترسيخ وبناء علاقات ظلت حتي الآن في تطور ملحوظ.
× الأمم المتحدة وابداعاته اللغوية:
كثالث مندوب للسودان في الأمم المتحدة كانت فترة من فترات عمله الثرة، ففي تلك الفترة من عمله قام بخلق علاقات مع دول ذات بعد مستقبلي كان الدبلوماسيون يتعجبون منه في سعيه لتكوين منظومة علاقات مع دول ليست ذات تأثير سياسي في تلك السنوات، فكان يقول لهم سيأتي اليوم الذي تصبح فيه هذه الدول ذات تأثير واضح في الخارطة العالمية سياسة وإقتصادا. وهو ما كان بعدا لنظره من خلال قراءاته المستقبلية
من قصص إبداعه وحسن قيادته لوفد السودان بالأمم المتحدة إن كانت بعض الدول لا تقدم على خطوة التصويت لقرار محتمل في الأمم المتحدة إلا بعد معرفة موقف السودان من القرار، مما شكل ثقة في حسن قراره وبل معرفته الجيدة بالعلاقات الدولية وشعابها المتعرجة.
× المبتكرات الدبلوماسية لشخصه:
حين أتى احتفال البلاد بالعيد الأول للاستقلال في يناير 1957 كان يعمل في سفارة السودان بلندن فكان أن أوكل إليه السفير عوض ساتي مهمة دعوة البعثات الدبلوماسية واختيار موقع الاحتفال. فكان أن اختار مسرحا فخيما متسعا لهذه المناسبة وهو ما كان فيما بعد تقليدا سنويا لسفارة السودان بلندن
عرفته سفارات السودان بلندن وموسكو ونيودلهي والأمم المتحدة بنيويورك دبلوماسيا حصيفا أنيقا بليغا ذو قدرات لم تتوفر إلا لديه.
× القراءة والاطلاع سببا لنبوغه:
يقول زملائه منذ عهد كلية غردون التذكارية وحتى وفاته في سبتمبر 1996 أنه كان كثير القراءة والتلخيص، وبل الشغف المعرفي وهو الذي جعله حجة في أي موضوع يطرح للنقاش.
من نموذج ذلك حين احتدم النقاش داخل الأمم المتحدة حول قضية التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا في العام 1965 ألقى كلمة بها من الرصانة والبلاغة والمعلومات ما جعلها نموذجا لعرض القضايا المصيرية داخل أروقة الأمم المتحدة، فطاف بالأديان التي لا تبيح العنصرية وتطرق لحق الإنسان في المساواة والعدالة والحرية بنماذج دينية وقانونية من داخل ميثاق الأمم المتحدة. واختتم ذلك بأشعار تدين العنصرية، فكان يوما من أيام الأمم المتحدة التي جعلت للسودان إسما وزهوا بين الأمم بنيويورك.
× عمله برئاسة الوزارة بالخرطوم:
عمل فخر الدين نائبا لوزير الخارجية في فترة غلب عليها الإنفتاح على العالم، فكتب العديد من المذكرات المهمة في الشأن العالمي والعلاقات الدولية. ومن ذلك مذكرته الضافية حول العمل لخلق علاقات مع مؤسسات المال والاقتصاد والتعليم،
حين تقاعد في نهاية السبعينات عن العمل. وظل لصيقا بالعمل العام فأصبح أول أمين لجمعية الأمم المتحدة بالسودان وجمعية أصدقاء مرضى السكر ولجنة تأسيس جامعة أمدرمان الأهلية.
× قالوا عنه:
× السفير أحمد دياب:
يظل فخر الدين محمد أحد رموز الدبلوماسية السودانية لما قدمه لوطنه سفيرا ومديرا للبروتوكول ومندوبا لبلاده بالأمم المتحدة.
× محمد داؤؤد الخليفة:
كنا نسميه أديسون الصغير لأنه اقتطع جزء من غرفة صغيرة بمنزله وجعلها معملا لتجاربه العلمية.
× خليفة عباس العبيد:
كان أكثرنا ثقافة وأناقة وحلو حديث.