مصر .. الاصطفاف مع السودان سياسيًا وأمنيًا

مصر .. الاصطفاف مع السودان سياسيًا وأمنيًا

أمدرمان: الهضيبي يس
أعربت مصر عن رفضها للمساعي الرامية إلى تشكيل حكومة موازية في السودان، مؤكدة أن هذه المحاولات تعقد المشهد وتعيق الجهود لتوحيد الرؤى في جارتها الجنوبية، التي تشهد صراعًا أهليًا بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع منذ ما يقرب من عامين. وقالت وزارة الخارجية المصرية – في بيان – إن مصر ترفض أي محاولات تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان الشقيق، بما في ذلك السعي نحو تشكيل حكومة سودانية موازية، الأمر الذي يعقد المشهد السوداني، ويعيق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السياسية السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية. وطالبت الخارجية المصرية كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط بصورة إيجابية في إطلاق عملية سياسية شاملة، دون إقصاء أو تدخلات خارجية. ويعيش نحو مليوني سوداني في مصر منذ اندلاع حرب 15 أبريل 2023، حيث سعت القاهرة إلى تقديم العديد من المساعدات للسودان، إلى جانب موقفها السياسي الداعم لاستقرار الدولة في ظل ما تتعرض له من انتهاكات.

+ مصالح مشتركة تربط البلدين:

وعن الدوافع التي يطرحها الشارع السوداني حول أسباب الموقف المصري، يقول المحلل السياسي عثمان ضو البيت إن هناك مصالح مشتركة تجمع بين مصر والسودان، تسعى القاهرة للحفاظ عليها بطرق عدة، خاصة أن الحرب الحالية أثرت على هذه العلاقة، التي كانت تحمل الطابعين الاقتصادي والأمني معًا. وأضاف ضو البيت أن مصر تبنت خلال الفترة الماضية حلفًا أفريقيًا في منطقة شرق أفريقيا، ضم ثلاث دول: مصر، إريتريا، الصومال، وأشركت مؤخرًا السودان، بهدف إعادة التموضع في منطقة البحر الأحمر وشرق أفريقيا، وإجهاض أي تهديدات محتملة قد تتعرض لها.

+ السودان في الاستراتيجية المصرية لعام 2024م:

وأكد ضو البيت أن السودان يظل محطة أساسية في السياسة المصرية على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا، نظرًا لما يمثله من مصالح آنية ومستقبلية. فمصر، وفق استراتيجيتها لعام 2024، تتبنى نهجًا اقتصاديًا وسياسيًا مختلفًا، حيث أن تأمين الأمن الغذائي وسط تزايد الاحتياجات الداخلية يدفعها لعقد شراكات مع دول الجوار، ويعد السودان الأوفر حظًا في هذا السياق. وأشار إلى أن مصر تمتلك آليات وبرامج تتيح لها العمل على إعادة إعمار السودان متى توفرت بيئة الاستقرار. كما توقع أن تكون مصر الحليف الاستراتيجي الأهم للسودان بعد انتهاء الحرب، نظرًا للقرب الجغرافي، واحتياجات الموارد المشتركة، بالإضافة إلى ثقلها السياسي في المحافل الإقليمية والدولية. ولفت إلى أن التحديات الأمنية بين البلدين تتداخل، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والجريمة العابرة للحدود، مما يستوجب تنسيقًا محكمًا بين الأجهزة الأمنية في الدولتين. وشدد على ضرورة وضع استراتيجية واضحة تتضمن ملامح الشراكة بين البلدين، استنادًا إلى آليات عمل محددة، نظرًا لأن مصر والسودان باتا يواجهان مصيرًا مشتركًا.

+ إعادة التموضع الإقليمي لمصر:

من جانبه، يشير الكاتب الصحفي عبدالجواد علي إلى أن مصر تحاول إعادة التموضع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بعد التحديات التي تعرضت لها في أعقاب ثورات الربيع العربي. وأوضح أن القاهرة، عقب اندلاع الحرب في السودان، عدّلت سياستها بشكل طارئ لدعم توجهات الجيش السوداني، في ظل ارتفاع حدة العنف والمخاطر الأمنية هناك. وأضاف أن مصر تنظر إلى الأزمة السودانية من زاوية أمنية حساسة، إذ تتخوف من اتساع رقعة الحرب بما قد يشكل تهديدًا مباشرًا لها، لا سيما في ملف مكافحة الإرهاب وتسرب الجماعات المتطرفة. وأشار إلى أن مصر تحتاج إلى استقرار السودان من الناحية الاقتصادية، خاصة في ظل الاضطرابات الإقليمية التي تواجهها، حيث تحيط بها الأزمات في فلسطين، وليبيا، والسودان، مما يجعلها تسعى إلى تحصين جبهتها الجنوبية عبر دعم استقرار الخرطوم.