د. عمر كابو يكتب: المساواة في الظلم عدل .. لذا أطلقوا سراحهم

ويبقى الود

د. عمر كابو

المساواة في الظلم عدل .. لذا أطلقوا سراحهم

+ ليس لرجل اشتغل بمهنة المحاماة ونال نصيبًا لا بأس به من المعرفة والثقافة القانونية أن يذهب إلى تكريس المقولة الخطأ (المساواة في الظلم عدل) التي لاكتها ألسن العامة دون دراية أو تأمل أو تمحيصها.
+ فالظلم لن يكون البتة عدل في أي مسافة من مسافات الحياة ما دام أن الله سبحانه وتعالى حرمه على نفسه ونهى العباد عن اقترافه آمرًا لهم بالعدل والإحسان.
+ فإن كان العدل هو وضع الشئ موضعه فإن الظلم والخسف هو مفارقة ذاك الشئ موضعه الذي كان يجب أن يكون عليه…
+ مع ذلك فإن صدق الوصف وصح التعبير وجازت المقولة فإنها ستكون استثناء من ذات الأصل الذي ذهبنا إليه في عدم صحتها والاعتماد عليه كقاعدة أو مسلمة يمكن بناء الأحكام الشرعية عليها أو تأسيس أي موقف استنادًا عليها.
+ والاستثناء الذي نريد الإشارة إليه هو إطلاق سراح الرئيس المشير عمر البشير ورفاقه البر الميامين بكري حسن صالح وعبدالرحيم محمد حسين وبكري حسن صالح.
+ أربعتهم يدخلون عامهم السادس من السجن والاعتقال وسوء المعاملة والظلم الكسيح بعد أن تم إطلاق سراح جميع المساجين والمعتقلين السياسيين وبقوا عليهم أربعتهم دون أدنى مسوغ قانوني.
+ ويعجب المرء كل العجب أن السلطات الرسمية سمحت بإطلاق سراح عتاولة الإجرام في بلادي ممن هم في حالة الانتظار تنفيذًا لأحكام قضائية في جرائم عقوبتها الإعدام والسجن المؤبد.
+ تم إطلاق سراحهم كلهم أجمعين وتحفظت السلطات على هؤلاء الأربعة الكرام رغم أنهم لم يتم محاكمتهم فى أي بلاغ ولم يصدر بشأنهم أي حكم ماعدا محاكمة البشير الأولى والتي قضى فترتها وزاد عليها بثلاثة الأعوام.
+ ويبلغ بالمرء العجب أن كل ذلك يتم على مرأى من رئيس القضاء الذي أولى مهامه وسلطاته واختصاصاته التحري والتحقيق ومراقبة أوضاع المنتظرين و المحبوسين والمعتقلين في السجون والحراسات..
+ ولا أدرى كيف يسمح بالقبض على متهم أو مشتبه به بعد مرور ست أشهر حددها القانون الاجرائي الجنائي كفترة سماح للمحاكم به في حده الأعلى تجديدا للحبس إما أن يحاكم وإما إطلاق سراحه بعد استيفائها؟! لا أدري لا أدري…

+ الأخطر من ذلك فإن هذا القانون قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩١م طالب مثول المتهم أمام قاضي المحكمة ليقف على حالته ويستفسره عن صحته ليحدد بعد ذلك ارجاعه للحبس أم تحويله للمستشفى باعتباره أي القاضي هو الخبير الأعلى الذي يملك سلطة القرار في ذلك مستصحبًا توصية الخبير (الطبيب المعالج).

+ ليثور التساؤل المشروع ما دام أن السلطات الرسمية قد سمحت بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في البلاغ الذي يحاكم فيه البشير ورفاقه الثلاثة الآخرين فإنه ليس هناك ما يبرر حبسهم فإن حبسهم يعد أعلى قمم الفساد والجبروت واستغلال النفوذ والبطش بالخصوم السياسيين واضطهاد الآخر والإساءة إليه..
+ فإن كان مقبولًا حبسهم الشهور الأولى التي أعقبت الانقلاب على حكومة البشير الشرعية لانتشار ظاهرة الهتافية والصراخ والهياج الثوري والتنمر على رموز الإنقاذ دون وجه حق..
+ فإن ذاك المبرر قد انتفى الآن لطول المدة التي أعقبت تلك الفترة الانتقامية وبعد أن تكشفت للناس حجم المؤامرة التي قادت للإطاحة بالرئيس البشير وبحكومة الإنقاذ المفترى عليها.
+ وما دام الأمر كذلك فإن أمر اعتقالهم أضحى سبة في وجه البرهان خاصة أن البشير هو أحد أعظم قادة قواتنا المسلحة وأطولهم مكوثًا على كرسى القائد العام إن لم نقل أعظمهم إنجازا للوطن وللجيش ولشعبه ما في ذلك من شك..
+ بالطبع نرفض رفضًا تامًا مسألة اخضاعهم إلي الإقامة الجبرية بعد أن بدت لنا سجنًا أكبر لهم ولعوائلهم لما في الإقامة الجبرية من تحديد لهامش حركتهم وتنقلاتهم ومتابعة أمر علاجهم ومعاودتهم للأطباء المشرفين عليهم…
+ نعم الإقامة الجبرية كلها قيود تحد من حرياتهم الشخصية وتهدر حقوقهم كاملة التي كفلتها لهم المواثيق الدستورية وحقوق الإنسان
مثل حق التنقل والتجمع والعلاج والسفر والاقامة..

+ أمام ذلك يصبح ولما نعيش من ظروف أمنية معلومة أمر نقلهم لمنازل في مدينة مروي ذات المساكن المريحة الجاهزة تتيح لهم ولأسرتهم حرية أوسع وراحة أوفر مع توفير حماية أمنية مشددة على تلك المنطقة إلي أن تنجلى الحرب هو الخيار الأفضل يليق بهم ويرفع الحرج عن القضاء والبرهان المتهم الأول في الإبقاء عليهم هكذا في وضع لا يناسب مكانتهم كقادة عظام لجيش عظيم…

+ حبس أي قائد للجيش السوداني بغض النظر عمن هو ذاك القائد فيه إذلال للمؤسسة العسكرية لأنه محل للتكريم والاحتفاء والتوقير لا الإهانة والإذلال والعسف مهما كانت المبررات والأسباب..

+ من حسن الحظ أننا كتبنا مرارًا وتكرارًا مقالات طالبنا فيها بإطلاق سراحهم من منطلق قانوني ومهني خالص وقد بادر الزميل الضخم صاحب القلم الذهبي والأثر الباقي أستاذنا الهندي عزالدين مقالا طالب فيه بإطلاق سراحهم أسوة بغيرهم وجدت هذا المقال حظه من التقدير والاحتفاء ورأينا الرضا من الجميع لما سطره هذا الرائع…

+ بالطبع ستكون هناك شرذمة مناوئة للبرهان لا تريده إتخاذ أي قرار صحيح يسجله له التاريخ ويظهره بمظهر الفارس الشجاع الذي لا يخشى في الحق لومة لائم ومن ذلك يخوفونه بمسألة المجتمع الدولي تلك (الفقاعة) التي ما قتلت ذبابة..

+ لن يقف المجتمع الدولي ضد أي حكومة تجد سندًا من شعبها..
والآن يتمتع البرهان بشعبية واسعة سيزيدها توهجًا اتخاذه مثل هذه القرارات الكبيرة التي لا تصدر إلا من كبير عزيز نفس..

+ سيدي البرهان أفعلها فإن قوتك تكمن في مزيد ترسيخ لأصول العدالة وأولها رفع الظلم عن كاهل المحبوسين..

+ اللهم قيض لهؤلاء الرجال الكبار رحمة من لدنك وعافية وشفاءًا بقدر اخلاصهم وتجردهم لوطنهم الكبير..