حمدوك .. خطاب في الزمن الخطأ ومضمون مضلل

حمدوك .. خطاب في الزمن الخطأ ومضمون مضلل
تقرير: مجدي العجب
منذ أن جِيء بـ”حمدوك” مجرورًا من قدميه لتولي رئاسة وزراء السودان، ومنذ خطابه الأول، انكشف لذوي البصيرة أمر الرجل، وبانت ملامح العمالة في أقواله وأفعاله. والمحير في أمره أنه وصل إلى مرحلة متأخرة من عدم الحياء، وكأن العمالة أصبحت أمرًا يجاهر به. والمتابع لحركة السياسة والواقع في البلاد تلجمه الدهشة، خاصة بعد خطابه الشهير الذي طالب فيه ببعثة أممية، الأمر الذي انتقده “الإمام الصادق المهدي” انتقادًا لاذعًا، ولكن (قوى إعلان الحرية والتغيير) الحاضنة السياسية وقتئذ كانت سكرى بالسلطة، وكأنها لا “تعِي ولا تنطق”. وسار الرجل سادرًا في غيّه دون وازع وطني أو رادع أخلاقي يهمس في أذنيه بأن يتوقف.
+ خطاب عدائي:
خرج رئيس الوزراء المستقيل “عبد الله حمدوك” أمس الأول بخطاب تفوح منه رائحة العداء للوطن، بل وكان فيه حمدوك “كبائع لحم الخنزير في حارة اليهود”. تحدث حمدوك وجاء بكلامه العجب، كما هو متعارف عنه، وكان يحاكي قائد مليشيا الجنجويد في كل شيء، وكأنما أراد أن يقول للسودانيين: إن كلانا يعمل تحت إمرة كفيل واحد. حمدوك يدرك جيدًا أنه رجل بلا قاعدة ولا قواعد، ولا سند جماهيري أو أخلاقي، لذلك يردد ببلاهة خطاب المظلومية “56”، الذي جاء به حين غفلة رئيسًا للوزراء، ولولا أن الفراغ كان شاسعًا حينها، لما وجد كرسيًا يجلس عليه في أي برلمان ولائي. على كل حال، فكاتب “السيناريو” بعد أن أدرك نهاية المليشيا عسكريًا وانهيارها تمامًا، دفع به وهو لا يعلم أنه أصبح مثل جثث الجنجويد في شوارع الخرطوم.
+ ضد الجنجويد:
القيادي الاتحادي “الشريف الأمين الهندي”، في قراءة لخطاب حمدوك، قال: حمدوك لا يعلم أن حديثه جاء في وقت يقف فيه كل الشعب السوداني الآن داعمًا للقوات المسلحة. كما لا يعلم أن الحرب جَبَّت ما قبلها، ولم يعد الأمر يتعلق بقضية الديمقراطية أو غيرها، بل أصبح استعادةً لسيادة البلد التي باعها حمدوك ومن عاونه في سوق النخاسة. وأضاف: “كانت هذه الحرب، التي قادها حميدتي، استغلالًا للسودان ووضعه تحت الهيمنة الإماراتية. وأستغرب لحديث حمدوك عن الطيران، فهو تناسى أن الرأي العام السوداني قد تشكل ضد الجنجويد الذين ارتكبوا كل الجرائم في حق المواطن السوداني”. وذهب في حديثه قائلًا: “من الواضح أن الخطاب كان معدًّا مسبقًا، وكل ما فعله هو قراءة ما كُتب له”. وختم حديثه بقوله: “الحروب، في كثير من الأحيان، تكون نتائجها إيجابية، وحربنا هذه كلها إيجابية، إذ استطعنا هزيمة مستعمر إماراتي حاول استخدام الجنجويد وحمدوك لاستغلال وطننا. ولذلك، نجد أن لهذه الحرب طرفًا وطنيًا وهو المؤسسة العسكرية والشعب السوداني”.
+ مشروع إخضاع السودان:
المحلل السياسي الدكتور “محيي الدين محمد محيي الدين” لم يذهب بعيدًا في حديثه عن الآخرين، فقد قال: خطاب حمدوك، من حيث التوقيت، جاء متزامنًا مع توقيع جناح (تقدُّم) الآخر لما أسماه (الدستور التأسيسي)، وهو بذلك يدل على أن المسارين متسقان ويعبران عن فكرة واحدة، وهي دعم مشروع إخضاع السودان الذي ترعاه الإمارات”.وأضاف: “أما من حيث تحليل مضامين الخطاب، فنجد أنه استمر في فكرة الاستقواء بالخارج، من خلال الدعوة إلى تدخل أممي في شأن السودان. هذه الدعوة تشبه خطابه السري الذي طلب فيه تشكيل بعثة أممية للسودان”. ووصف الخطاب بأنه “استمر في نهج التضليل، من خلال الحديث عن طرفي نزاع، وبالتالي هو يساوي بين المليشيا والجيش القومي والحكومة الشرعية. بالعموم، الخطاب هو التحرك الموازي لحكومة المليشيا، وهو تأكيد على أن فك الارتباط بينهما وبين مجموعة (تقدُّم) إنما هو توزيع أدوار، وليس موقفًا وطنيًا”. وفي ختام حديثه، أشار د. محيي الدين إلى أنه “لا يمكن التعويل على مجموعة حمدوك، التي تعجز عن إدانة المليشيا أو استنكار تدخل الإمارات، لأنها إحدى أدواتها وأذرع تآمرها على السودان”.
+ لا جديد:
الأستاذ عادل عبد العاطي، رئيس حملة (سودان المستقبل)، قال إن الخطاب لم يأتِ بجديد، سوى أنه أعاد تعليب مواقف (قحت) وحمدوك القديمة في قارورة جديدة. وأضاف: “تشبيه الجيش الوطني بالمليشيا وجعلهما على حد سواء هو أكبر خطأ في موقف (قحت) وحمدوك، وهو ما جعلهم في الحقيقة يتماهون مع المليشيا. ليس من الغريب أن جزءًا من (قحت – تقدُّم) قد انضم للمليشيا مباشرة، بينما لا تزال مجموعة حمدوك تحاول خداع الرأي العام السوداني”. وتابع: “الملاحظة الثانية أن الخطاب تجاهل العامل الأكبر في استمرار الحرب، وهو دعم الإمارات وبعض القوى الإقليمية للمليشيا بالمال والسلاح والتسهيلات. هذا يوضح الموقف اللاأخلاقي لمجموعة حمدوك”. وختم بقوله: “إن الدعوة إلى حكومة مدنية انتقالية هي دعوة حق يُراد بها باطل. لن يقبل شعب السودان عودة الأحزاب للحكم دون انتخابات، لذلك فإن أي حكومة انتقالية يجب أن تكون حكومة تكنوقراط غير حزبية، ولا يمكن أن يدخلها أي شخص لم يكن له موقف واضح من المليشيا وحربها على شعب السودان”.