عبد الخالق محجوب وحسن الترابي .. جدل لا ينتهي

عبد الخالق محجوب وحسن الترابي

كتب: صلاح الدين عبد الحفيظ
الاثنان لهما مشتركات خمسة جعلت منهما شخصيتان كثر المختلفون حولهما أكثر من المتفقين عليهما، حتى مؤيدي فكرتهما ظلا حتى الآن في جدال حول شخصيتهما وفي هذا يظلان من الشخصيات غير المتفق عليها في تاريخ الشخصيات السودانية.
أولى المشتركات هي نهلهما علمًا واطلاعًا من ثقافات غير سودانية الهوى والمزاج والوجدان، فعبد الخالق محجوب نهل من معين الحركة الشيوعية العالمية بمصر قبل أن يصل السودان في نهايات العام 1949 زائدًا اهتمامه الواضح بالأدب الإنجليزي الذي جعله مترجمًا من أصحاب القدرات العالية في ترجمة الأدب الإنجليزي.
أما حسن الترابي فقد إلتحق ببواكير المبتعثين لفرنسا بعد استقلال السودان لنيل درجات علمية عليا في القانون فكان شديد التأثر بالثقافة الفرنسية التي جعلته قارئًا نهمًا لتاريخ وآداب الفرنسيين وبل صار حجة في ذلك .
ثاني المشتركات محبة القيادة والشراهة في الوصول لها فعبد الخالق محجوب وجد وحين عودته للسودان في نوفمبر 1949 الحزب الشيوعي مستقرًا وواضح المعالم بعضوية لا تعرف التكتلات أو الإنقسام حول رأي، فكان خميرة العكننة التي عجلت بأول انقسام له في اكتوبر 1952 م، أما حسن الترابي فقد عجلت طموحاته في العام 1957 بأول انقسام مكبوت لحركة احياء النشاط الإسلامي فكان من مؤسسيها الأوائل في عداد جناح آخر غير التنظيم المتفق عليه منذ أيام حنتوب الثانوية بقيادة جعفر كرار.
ثالث المشتركات وهي الأكثر بروزًا في شخصيتيهما وهي عدم الاستجابة لرأي المجموعة والسير رأيًا في حدة واصرار على بلوغ منتهى العمل التنظيمي دون الاستجابة لأي قرار من التنظيم .
يشهد على ذلك اصرار عبد الخالق محجوب على اعلان الانقسام الأول في وقت كان الحزب يحتاج فيه للتماسك أكثر من الانقسام.
كذلك حادثة انفراد الترابي وآخرين بقرار اعلان تأسيس جبهة الميثاق الإسلامي في وقت كانت الحياة السياسية لا تعرف بديلًا سوى الحزبين الكبيرين مع وجود خجول للحزب الشيوعي.
رابع المشتركات لديهما تقديراتهما الكارثية في قرارات مفصلية لحزبيهما فعبد الخالق محجوب إتخذ قرارًا في اغسطس 1970 بفصل نصف أعضاء اللجنة المركزية للحزب في أمر كان من البساطة حله وهو المشاركة الحزبية مع نظام مايو.
أما حسن الترابي فقد أمسك بزمام حركة الإخوان المسلمين لوحده مما جعل شخصية أسطورية مثل الرشيد الطاهر بكر ينسلخ من التنظيم باكرًا .
خامس المشتركات هي عدم احتمالهما للشخصيات ذات الأوزان الفكرية المحترمة، أو تلك التي لها قدرات تنظيمية وفكرية متقدمة.
فعبد الخالق محجوب تمكن عبر تمرير خدعة المتقاعسين وحاجبي أسس الماركسية عن باقي الأعضاء من فصل أقوى وأكثر الشيوعيين معرفة بالعمل التنظيمي وهو عوض عبد الرزاق.
بينما تمكن حسن الترابي من تمرير خطته للسيطرة على تنظيم الأخوان المسلمين بوجود شخصيات محددة دون غيرها، وترك ذوي القدرات العالية بعيدًا عن سدة القمة التنظيمية أمثال بابكر كرار وعبد الله زكريا