إسحق أحمد فضل الله يكتب: أيام كانت هناك شمس وقمر (2)

مع إسحق

إسحق أحمد فضل الله

أيام كانت هناك شمس وقمر (2)

و.. رمية
والسعودي حتى لا يدفع للعامل السوداني حقه وبالإتفاق مع زوجته السعودي يتهم العامل السوداني بمحاولة الاعتداء على زوجته (العامل كان قد اعتاد على دخول البيت بحسب المعاشرة الطويلة)
والشرطة تعتقله للمحاكمة …
وفي السجن يلقى سودانيا مسجونا …
والسوداني العبقري يوحى إليه بفكرة …
وفي المحكمة السوداني المتهم بالاعتداء على زوجة من يعمل عنده يقول للمحكمة
:: نعم … أنا أعترف بأني كنت على صلة ممتدة مع زوجة هذا
والصاعقة تضرب
والرجل وزوجته يعترفون للمحكمة بأنهم إنما دبروا الإتهام هذا حتى يطرد العامل ويحرم من حقوقه …
هناك دائما طرف ثالث لكل مسألة
ونحن نستطيع أن نقبل وقف الحرب على شرط أن يعترف الدعم السريع بأن الإمارات هي من قام بتسليحه وقيادته لتدمير السودان ….
………..
ورمية….
والحديث عن السودان أيام الشمس والقمر يقود إلى الشمس الرائعة أيام الستينات …
وإلى الأحداث حولها …. الأحداث الثقافية والسياسية وإلى الأسماء
وإلى أيام كانت الصحافة فيها …. صحافة!!!
وفي الصحافة كان الصراع الرائع للأفكار
وكان الجدال الرائع
ويسن عمر الإمام يصاقع جعفر بخيت …
وصلاح أحمد إبراهيم يجالد شيوعياً مشلخاً ويقول عنه أن الخيانة فيه أكثر ثباتاً من شلوخه على وجهه
وخالد الكد يصارع الشوش دفاعا عن عبد الله الطيب
وعمر الحاج موسى وصاحب قرنق الذي يتهمه الطيب مصطفى بأنه عميل رسمي صنع على أصابع المخابرات الأمريكية … هو وعمر الحاج موسى يكتبان بروعة عن الإسلامية في السودان والأندلس …
وهامش الجامعة كان فيه حديقة حلمنتيش …
وإلى يوم الناس هذا الناس يذكرون قصيدة. يا سيدة. لا
وسيدة كانت طالبة تفصل للسقوط المتكرر
والشاعر زميلها في الجامعة يكتب
يا سيدة. لا
يا سيدة. لا
الجامعة بعدك كوم رماد
لا فيها هندسة لا اقتصاد
لا فيها طب لا صيدلة
…..
ويقول
ماله العميد
ماله العنيد
ماله لو رفد المصحح والمعيد
وخلى بت الناس تعيد …
هو يعني شرطا امتحان؟
ما انتي دستنقشن. حلا
يا سيدة. لا… يا سيدة لا
……
لكن الناس أيامها/ أيام كان المثقفون يتعشون فى الريفيرا ويصلون في المسيد قبل القعدة/ أيامها كان الحديث السياسي يضج حول الحزب الشيوعي…
والعارفون يقولون أن الحزب هذا سوف يظل مكسرا ما دام زعيمه هو عبد الخالق. والحكايات تنطلق
وزروق أبرع من كتب القصة القصيرة كان مشلولا تماما أمام عبدالخالق
مشلولا مع مشلولين
وكان ما يجمعهم هو. البريق
والسيد عبد الخالق كان يحطم كل من تبدو عليه علامات النبوغ…وزروق كان يقول باكيا لولا انانسى لكنت اليوم مثل تورجنيف
والنابغة م..ع..ع. يحوله الشيوعى إلى مجنون فى الشارع. وأهل مسجد في مروي يفاجأون / قبل صلاة الفجر/ بشاب يبكي في المحراب….كان هو فلان الشيوعي المعروف….
والتوبة كانت غريبة…
الشاب لم يكتف بأن أحرق ملابسه واستعار عراقي وسروال.. بل الشاب كان يجلس إلى تلاميذ الخلوة ويجعلهم يمسكون بأصبعه السبابة ويجعلونه يكتب على الأرض…ألف…با….تا…
فى أعظم انسلاخ من الماضي
وأيامها ذاتها كان هناك انسلاخ آخر. وآخر
انسلاخ من الماسونية
وخضر حمد يكتب سلسة يفضح فيها الماسونية وأعضاءها ورتبهم
والأسماء كبيرة (والانجليز قبل خروجهم كانوا قد سلموا كل مفاتيح الاقتصاد والتعليم والمصارف للماسون)
وعز الدين … أشهر رسام كاريكاتير … كان يرسم المحفل الماسوني رجلا يرفع قبضته إلى السماء صارخا
:: يا مهندس الكون يا صمد …. خمد. همد. لبد … كاشف الأسرار خضر حمد …
وكان زعيم الماسون في السودان (وهو شخصية مهمة) ينسلخ. ويطير إلى العمرة. ويعود. ويسقط في المطار …. ويموت بعد يومين
وكانت الجامعة/ التي هى ثيرمو متر السودان/ تعرف الميني جوب
والمرحوم عبدالله الطيب يكتب عن
(وكان. بعض الطالبات يجعلن البيرة. في زجاجات الكولا… وكان هذا أول الوهن)
كان السودان يشبه دول أمريكا الجنوبية
وحتى ماركيز … الكاتب الشهير … كان له مقابل فى السودان
كاتب يصدر كتابا مذهلا هو (عرس الزين)
وكان الكاتب الشاب هو الطيب صالح ….
كنا أغنياء وكان عندنا الشباب. والسينما الجيدة. والكتب الجيدة. والشعراء وبطيخ العيلفون
ما الذى لم يكن عندنا.