الحركات المسلحة .. تاريخ طويل من الصراع السياسي والعسكري ضد حكومات المركز

مخاوف من ارتباطها وبقاءها في السلطة بعد الحرب
الحركات المسلحة .. تاريخ طويل من الصراع السياسي والعسكري ضد حكومات المركز
++++++++
أمدرمان: الهضيبي يس
حملت وسائل إعلام محلية في السودان عن اصدار رئيس هيئة الأركان بالجيش الفريق أول محمد عثمان الحسين قرارا قضى بإيقاف عمليات التجنيد لصالح الحركات المسلحة وحصر الأمر فقط على القوات المسلحة السودانية وذلك بحلول مطلع شهر مارس الجاري. وعرف السودان الكثير من الحركات المسلحة عبر تاريخه، وقد كان أول ظهور للحركات المسلحة عام 1955 حينما تمرد فيلق الاستوائية، الوحدة العسكرية المكونة من الجنوبيين في توريت، لتتالى بعد ذلك الحركات المسلحة في الظهور من حين لآخر، وتشمل إقليم دارفور غرب البلاد وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
× الحركة الشعبية:
ففي العام 1972 أبرمت الحكومة السودانية اتفاقية سلام مع الحركة المسلحة الوحيدة آنذاك أنانيا، وتم استيعابها لتكون جزءًا من الجيش، ثم ظهرت بعد ذلك تحت مسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان وخاضت حربا ضد الحكومة عام 1983، ثم وقعت معها اتفاق نيفاشا للسلام عام 2005، وتم الاعتراف بقواتها ودخل قادتها في الحكومة المركزية وأصبح قائدها نائب رئيس الجمهورية. ولكن لم يطل عهد السلام بين الحكومة المركزية والحركات المسلحة في الجنوب، التي زاد ضغط مطالبتها بالانفصال لتحصل عليه 2011 بعد استفتاء شعبي. كانت أنانيا أول مجموعة مسلحة متمردة تظهر في الجنوب، وخاضت حربا طاحنة توقفت بموجب اتفاق مع الحكومة المركزية في اتفاقية أديس أبابا عام 1972، وتم استيعاب عناصرها في القوات المسلحة لتظهر في جلباب الجيش الشعبي لتحرير السودان، الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان، الذي خاض حربا ضد الحكومة المركزية من 1983 حتى توقيع اتفاقية نيفاشا.
جون قرنق نائب رئيس:
وقضت الاتفاقية بالاعتراف بقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان، ونال قائدها جون قرنق منصب نائب رئيس الجمهورية، وقد خلفه سلفاكير ميارديت بعد وفاته بتحطم طائرة كانت تقله، وهكذا واصل الجيش الشعبي لتحرير السودان عملية الكر والفر مع السلطة المركزية حتى انفصل جنوب السودان عام 2011. ولم تكن حركة الجيش الشعبي المسلحة هي الوحيدة الخارجة على النظام المركزي ممثلا في القوات المسلحة السودانية، بل امتدت خريطة الحركات المسلحة المتمردة لتشمل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ويستبعد أغلب الدارسين للجماعات المسلحة في السودان إمكانية عدها بسبب كثرة الانشقاقات فيها.
× انشقاقات مستمرة:
لم تكن حركة الجيش الشعبي المسلحة هي الوحيدة الخارجة على النظام المركزي ممثلا في القوات المسلحة السودانية، بل امتدت خريطة الحركات المسلحة المتمردة لتشمل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ويستبعد أغلب الدارسين للجماعات المسلحة في السودان إمكانية عدها بسبب كثرة الانشقاقات فيها. وعلى الطرف الآخر فقد بدت مليشيا الدعم السريع نشاطها في منطقة دارفور خلال العام 2003 وتأسست من جماعات من قبائل الفور والزغاوة والمساليت، وكانت تعمل على تنظيم القبائل ذات الثقافة العربية بدعوى حماية أمنها وثروتها من القوى التي حملت السلاح، وقادها آنذاك موسى هلال، ودعمتها الحكومة المركزية.
× حميدتي والدعم السريع:
بعدها شبّ خلاف أنشأ بموجبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) قوات الدعم السريع، وتمت إعادة هيكلتها عام 2013 بواسطة جهاز الأمن والمخابرات واعتبرت قوات نظامية منفصلة عن الجيش تتبع للرئيس مباشرة، وتوسع نشاطها عن نطاق دارفور ليشمل السودان كله تقريبا. وتواجه هذه القوات تهما بارتكاب جرائم حرب في مناطق دارفور، وقد أوصلت هذه الحركة المسلحة قائدها حميدتي إلى مناصب رفيعة في الدولة السودانية كان آخرها نائب رئيس مجلس السيادة، قبل أن يحدث خلاف بينه وبين رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان سنة 2023 تحول إلى صراع مسلح في منتصف أبريل 2023.
× حركة تحرير دارفور:
بالمقابل تأسست في دارفور بمجئ للعام 2002م وعُرفت في البداية بإسم حركة تحرير دارفور، وكانت عضويتها مقصورة على أبناء قبيلة الفور، وأطلقت على نفسها إسم حركة تحرير السودان بعد انفتاحها على أبناء القبائل الأخرى، ثم شهدت انقسامات عام 2005؛ فإنبثقت عنها عدة حركات مسلحة. ومن بين الحركات المسلحة في منطقة دارفور، التي انشقت عن الحركة المذكورة، حركة جيش تحرير السودان ويرأسها خميس أبو بكر وهو من قبيلة المساليت، وهو من سياسيي حركة تحرير السودان الذين أسسوا مجموعة الـ19 وجمّدوا صلاحيات رئيس الحركة عبد الواحد محمد نور ثم فصلوه.
× العدل والمساواة:
تأسست العدل والمساواة 2001 على أيدي أبناء قبيلة الزغاوة وبدأت نشاطها العسكري، ثم شهدت عدة انقسامات كان أولها 2004، وخرجت من رحمها الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية، وحركة العدل والمساواة- القيادة الميدانية، وحركة العدل والمساواة جناح السلام. ويعتبر عدد من المراقبين السياسين لمساراتها تمرحل تلك الحركات يجدون صعوبة في ضبط عددها بسبب الانقسامات المتكررة، وشهد السودان مسارا طويلا من الحوارات والاتفاقات والمعاهدات والمواثيق بغية السيطرة على الوضع الأمني، وهذه أبرز مسارات التفاوض والاتفاقات.
× صف الجيش:
والآن بعد أندلاع حرب 15 من شهر أبريل لعام 2023 وبعد مرور عده أشهر من عمر القتال مابين الجيش والدعم السريع قررت بعض تلك الحركات المسلحة الإنضمام لصفوف الجيش. سيما وأن هذه الحركات كانت قد وقعت اتفاقا مع الحكومة السودانية وقتها أي بحلول العام 2020م لتدخل بعدها مرحلة جديدة بخلاف لما عرفت بعدائها العسكري والسياسي لسلطة المركز أبان عهد الرئيس السابق عمر البشير. ومؤخرا بدت تتولد بعض المخاوف داخل الأوساط السودانية حول مستقبل تلك الحركات مابعد “الحرب” ومخافة ان يدخل السودان والسودانيين في دوامة جديدة جراء اتساع نطاق تلك الحركات بدأ، أيضا ارتباط بعضها بالسلطة مايعني إرهاق كاهل الخزينة سياسيا، واقتصاديا تفشي نشاط الجريمة نتيجة لحمل السلاح وعدم تقنينه مما قد يفاقم حجم النزاعات الأهلية خاصة وأن المكون الأساسي بصورة بشرية لمعظم الحركات يحمل البعد العشائري.