ونحن اليوم في ضيافة السادة المراغنة

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
ونحن اليوم في ضيافة السادة المراغنة
في إحدى حلقات برنامجي أيام لها إيقاع التلفزيوني تطرقت لقضية المحافظة على الأسماء السودانية العريقة لأنها تعبر عن تاريخنا الثقافي والمعرفي حول المناطق والقبائل والمفاهيم والمعارف ولها دلالات تشي بالأصالة والعمق وتحفظ للعوائل والأسر بصمتها في الحياة والتداول.
ودائماً ما كنت أعلق بأن القوى السياسية في قوائم الانتخابات كانت تحرص دائماً على الأسماء ذات البصمة والغرابة والدهشة والإنطباع في أذهان الآخرين، وقد برع الشيوعيون في مختلف الانتخابات الطلابية والنقابية على هذا الإسم الفني والسياسي حتي وإن لم يطابق الإسم الحقيقي بغرض الدعاية والتسويق. ومن لطائف الشيخ العالم يوسف إبراهيم النور أنه روى لخاصته بأن الشيوعيين كادوا أن يفوتوا عليه تشييع جثمان قريبه أبوالقاسم حاج الأمين لأنهم أذاعوه بإذاعة أمدرمان بإسم قاسم أمين ولولا تنبيه أبنائي من عشيرة اليسار لطالني لوم كثيف بتوتي وبري وأمدرمان.
ومن أشهر أسماء المرشحين في قوائم الجبهة الديموقراطية أسماء من شاكلة عبد الباسط سبدرات والخاتم عدلان، نعمات ماكرنجا، عثمان النصيري والقائمة تطول. ورغم هذه الأسماء البصمة فهنالك أسماء متفردة، فأهلنا في الشرفة يحكون أن لجنة من لجان الانتخابات كانت تسجل أسماء النساء اللائي يحق لهن التصويت في إحدى الانتخابات العامة وكانت هنالك سيدة فاضلة من نساء الشرفة تدعى “السما” وعندما وقفت أمام اللجنة سألها رئيس اللجنة عن أسمها فقالت له “السما” فرد عليها بغلظة: (السما اليبلعك، قولي أسمك ما عندنا وقت)، فردت عليه بغلظة مضاعفة: (السما اليبلعك إنت، دا إسمي). فضجت الصالة بالضحك وصارت أحدى حكايات المنطقة. وفي حلقة أيام لها إيقاع تلك حرضت العوائل على إعادة الأسماء العريقة ذات الدلالات وأذكر أنني قلت في تلك الحلقة أن من الأسماء الحبيبة إلى قلبي إسم “عديلة” و”نفيسة” ففي الأول العدل والإعتدال والإستقامة وفي الثاني النفاسة وعلو المقام وغلاوة السيرة، وأذكر أنه بعد الحلقة بيوم أو يومين إتصل بي أحد المتابعين للبرنامج من مستشفى الولادة بأمدرمان، وبشرني بأنه رزق بتوأمين (بنات) وقد أطلق عليهم إسم عديلة ونفيسة فقلت له ضاحكاً وكان الزمان يومها أخضر سيصلك موظف العلاقات العامة من قناة أمدرمان الفضائية ولك الخيار بين علبتي ماكنتوش أو ثمن خروف العقيقة فإختار الحلوى ومعها تهنئتي ببنات الشوق والنيل والحلوى والسكر، العبارة الشهيرة في قصيدة الشهيد الشاعر حافظ جمعة سهل. والحكايات حول الأسماء السودانية تطول وقد دهشت لإهتمام القراء بإستراحة القلم التي أكتبها (من غير ميعاد) حول أبجدية المشاهير. ومن ما لحظته قلة إسم المهدي والميرغني وسط أهل الشهرة في بلادنا ولم أجد لذلك تفسيراً رغم انتشار ونفوذ طائفتي الأنصار والختمية في بلادنا. وفي هذا المقام والمقال اخترت إسم “الميرغني” فأرجوا التوفيق في توثيق هؤلاء الكبار وأرجو أن تمدوني بالبقية إن كان هنالك تقصير:
١/ السيد الميرغني الختم، الجد الأقرب للحسيب النسيب السيد علي الميرغني مؤسس وزعيم الطريقة الختمية بمصر والسودان وإثيوبيا.
٢/ السيد ميرغني حمزة، يعد واحدا من أميز السياسيين السودانيين، كان مهندساً صاحب بصمة في حركة البناء والتشييد السوداني منذ العهد الإستعماري، وعمل برلمانياً عن دائرة أمدرمان الجنوبية وأحد مؤسسي الحزب الوطني الإتحادي وحزب الإستقلال قبل أن ينضم مع مجموعته لحزب الشعب الذي كان تحت رعاية مولانا علي الميرغني بعد الإنقسام الذي قاده الزعيم اسماعيل الازهري، كاد أن يصبح رئيساً للوزراء في برلمان ١٩٥٧ وقد فاز عليه الأزهري بفارق صوتٍ واحد، كان أحد مؤسسي المعهد الفني الذي تحول إلى جامعة السودان من بعد. كان أحد مؤسسي المدرسة الأهلية أمدرمان ومعهد القرش. كان خطيباً مفوهاً وكاتباً عقلانيا سلس العبارة والديباجة، كان بيته عليه الرحمة منتدى حتي رحيله عام ١٩٧٤ للمثقفين والوطنيين من كل الإتجاهات الفكرية والسياسية.
٣/ السيد ميرغني النصري، أشهر نقيب للمحامين السودانيين وقد تقلد عضو مجلس سيادة في الديموقراطية الثالثة وأحد مؤسسي الحزب الإشتراكي الإسلامي مع رفيق دربه رئيس الحزب بابكر كرار.
٤/ السيد ميرغني حسين زاكي الدين، زعيم قبيلة البديرية بكردفان وأحد نواب حزب الأمة في العديد من البرلمانات، وصار إبنه معتصم واليا بشمال كردفان في عهد الإنقاذ.
٥/ الشيخ الأستاذ ميرغني المزمل، عضو برالمان ١٩٨٦ عن الجبهة الإسلامية القومية ووالد الشهيد مصطفى ميرغني.
٦/ الراحل اللواء شرطة ميرغني عشرية، أحد قيادات سجون السودان وكان مديراً لسجن كوبر.
٧/ اللواء ميرغني سليمان خليل، عمل مديراً للمخابرات العسكرية وهو إبن أخ الرئيس عبدالله بك خليل وزوج كريمته.
٨/ الطبيب الأخصائي ميرغني السنهوري، الجراح الشهير وأستاذ الطب بجامعة الخرطوم.
٩/ الفريق أول ميرغني إدريس سليمان، مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية، يعد من الكفاءات والخبرات العسكرية السودانية في مجال التسليح والصناعات العسكرية وقد لعب دوراً مهماً في تسليح الجيش السوداني في معركة الكرامة وقد فُرضت عليه عقوبات من قبل الخزانة الأمريكية خلال فترة رئاسة بايدن وذلك لتعطيل دوره الريادي في تسليح وإعادة المنظومة التي دمرتها الميليشيا، كما عمل سابقاً قيادياً بنادي الهلال الرياضي مما أكسبه شعبية ووجود اجتماعي واسع.
١٠/ المعلم والمطرب الراحل ميرغني بن عوف الشهير ب(محمد ميرغني) صاحب أغنية “أنا والأشواق” وبقية المعتقات وأخ الشاعر الراحل محمد المكي إبراهيم من والدته.
١١/ الأستاذ الراحل ميرغني البكري، من أشهر محرري الصفحات الفنية ومن موثقي حركة الغناء والنشيد السوداني، عمل محرراً للصفحات الفنية بالكثير من الصحف السيارة ويعد أحد الرواد في هذا المجال.
١٢/ الأستاذ الراحل ميرغني أبوشنب، الصحفي الرياضي المثير للجدل وصاحب المعارك الصحفية الرياضية المشهودة التي أدارها في عموده الصحفي المقروء “بصراحة” وقد عمل رئيسا للقسم الرياضي بجريدة الأيام اليومية، وانتقل بعدها رئيساُ بالقسم بصحيفة أخبار اليوم، كما عمل لفترة محدودة رئيساً للقسم الرياضي بألوان.
١٣/ الاستاذ الصحفي الراحل ميرغني حسن علي، أحد المحررين المرموقين والكتاب بصحيفة الميدان الناطقة بإسم الحزب الشيوعي وقد غادرها لموالاته لجناح معاوية سورج وأحمد سليمان في الإنقسام الشهير، عمل بعدها بصحف مايو مع صديقه عبدالله عبيد.
١٤/ الفنان الشعبي الشهير الراحل ميرغني المأمون، شكل مع رفيقه أحمد حسن جمعة ثنائياً ناجحاً في غناء الحقيبة وقد وثقوا للكثير من الأغنيات النادرة في هذا الفن بتسجيلهم لكثير من القصائد التي كادت أن تندثر.
١٥/ رجل الأعمال الراحل ميرغني كركساوي، رجل المجتمعات الأمدرمانية وصاحب واحد من أكبر مصانع العطور بالمنطقة الصناعية أمدرمان.
١٦/ الأستاذ ميرغني ديشاب، الكاتب والموثق في الأدب الشعبي وقد تخصص في الأدب النوبي وله كتاب شهير عن تجربة الفنان الراحل محمد عثمان وردي.
١٧/ الموسيقار ميرغني الزين عارف وموزع موسيقي ومن مؤسسي فرقة السمندل الموسيقية، وقد هاجر لأمريكا وشكل مع صديقه مجدي العاقب وعمر بانقا وآخرين مجموعة متميزة قدمت الفن السوداني بطريقة علمية وساهمت في العزف مع الفنانين الذين زاروا الولايات المتحدة الأمريكية.
١٨/ الراحل ميرغني محجوب أحد الكفاءات السودانية في محال الادارك الزراعية وقد أسس الكثير من المشروعات الزراعية الناجحة وأورثه أبناءه حب الاستثمار الزراعي وفي طليعتهم رجل الأعمال الاستثماري الزراعي وجدي ميرغني مالك شركة محجوب أخوان وقد دخل مؤخرا في مجال الاعلام وقد أسس القناة الناجحة سودانية ٢٤، والشريك الأكبر في قناة النيل الأزرق. ورئيس مجلس إدارة قناة الزرقاء.
١٩/ الأستاذ ميرغني أبكر الطيب رئيس اتحاد جامعة الخرطوم في الثمانينات والتحق بالخارجية وعمل سفيراً في عدة محطات.
٢٠/ السيد ميرغني عبد الرحمن حاج سليمان (شيخ العرب) يعد من أبرز نجوم وأعيان بكردفان. بدأ حياته السياسية اسلامياً ومما رصد أنه نافس والده عبد الرحمن الحاج سليمان عن الحزب الإتحادي الديمقراطي في دائرة أم روابة. وقد عينه نميري بعد انقضاء الفترة الحزبية واليا بكردفان، وانتقل بعدها إلى الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وصار من المقربين للسيد محمد عثمان الميرغني، وقد عينه قبل أشهر نائبا لرئيس الحزب.
وعند هذا المقام أرهقتني الأسماء، وإنقطع نفس خيل القصائد، وأترك تكملة هذه الكوكبة للأخ المؤرخ النسابة وفتى أمدرمان عثمان بابكر إكمال بقية ما أفلت منا من أسماء ومشاهير، وأرجو من كل قلبي أن يقوم أحد الصحفيين المتميزين بتوثيق إفادات الأخ عثمان بابكر عن المجتمع السوداني والعلاقات بين عوائله وقياداته وأسره وقبائله قبل أن يزهد الرجل في الكتابة والإضافة والحديث، بعد أن غادر أمدرمان بقلب كسير وروح جريحة إلى إحدى المنافي البعيدة.