الفاشر .. المدينة التي تحترق إنسانيًا

الفاشر .. المدينة التي تحترق إنسانيًا

 

+++++++

 

العدل والمساواة: ماتتعرض له الفاشر من هجوم على يد المليشيا يهدف لإجتثاث المجتمع

 

محلل سياسي: استخدام منهج الأرض المحروقة لتهجير مواطني الفاشر

 

++++++

 

أمدرمان: الهضيبي يس

 

أكد شهود عيان من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بأن مليشيا الدعم السريع نفذت، خلال الأسبوع الماضي، سلسلة من الهجمات الممنهجة بمنطقة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، غرب السودان. وأوضحت المصادر أنها قامت بإحراق عدة قرى ونهب ممتلكات المواطنين، بالإضافة إلى الاعتداء على عشرات المدنيين في قريتي شقرة وقولو، غربي الفاشر. وشملت الهجمات إطلاق نار عشوائي وتخريب للبنية التحتية، مما أدى إلى نزوح مئات المدنيين إلى مناطق مجاورة بحثًا عن الأمان.

 

 

+  استراتيجية ممنهجة:

 

وتأتي هذه الاعتداءات، بحسب مراقبين، في إطار إستراتيجية ممنهجة تتبعها مليشيا الدعم السريع لإحراق القرى؛ حيث تشير تقارير محلية إلى أنها نفذت عمليات مشابهة في ديسمبر الماضي، أحرقت خلالها نحو 11 قرية في منطقة أبو زريقة جنوبي الفاشر. وخلال شهر أكتوبر الماضي، أحرقت 45 قرية شمال غربي الفاشر، من بينها قرى بريدك، وأنكأ، وأمراي، ودونكي بعاشيم، وحلف، وبئر مزة، وبقر، ومتي، وأبوعاشوا، وجايو جية.

 

+  أوضاع إنسانية صعبة:

 

 

ويواجه آلاف السكان الذين فروا من قُرى غربي الفاشر نتيجة للهجمات المتكررة في الأيام الأخيرة أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة والتعقيد؛ فالكثير منهم يفتقرون إلى المأوى ويضطرون للنوم في العراء، مما يزيد من معاناتهم. كما أن انعدام كافة المستلزمات الأساسية للحياة من غذاء وماء ورعاية صحية يفاقم وضعهم الإنساني السيئ، مما يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي.

 

+  خوف مستمر:

 

ويقول سليمان آدم، من  الإدارة الأهلية بقرية شقرة، إن عناصر من الدعم السريع شنوا هجومًا على القرية الأسبوع الماضي وأحرقوا خلاله حلة مرة بالجزء الغربي منها، بجانب إحراق عدد من المنازل في حلتي موسي وأبو بكر. قاطعًا بأن السكان عاشوا حالة خوف خلال الهجوم، وقد فقد الجميع كل ما يملكون بعد إحراق منازلهم. وتابع “نحن بحاجة إلى حماية دولية عاجلة، فالوضع في غاية الخطورة”.

 

+  حرق القرى:

 

 

ويشير أبكر هارون وهو قيادي شبابي من منطقة أبو زريقة، إن عناصر من الدعم السريع أضرموا النيران في (11) قرية خلال الهجوم الذي نفذوه على المنطقة في أكتوبر الماضي. حيث تم إحراق كل من قرى آدم نيل وتمد الدحش وقرية يعقوب شرق وغرب وكيتنقا حداحيد والديم سلك وحلة موسى أصم والرخيو وحلة بكر وكبكا.

 

 

+  تهجير قسري:

 

ويوضح الكاتب الصحفي أرزق عبدون أن هذه الأحداث تأتي في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى إحداث تهجير قسري للمواطنين. وذكر أن السكان كانوا يأملون العثور على مأوى آمن بمنطقة شقرة لكنهم اليوم يعيشون أوقاتا عصيبة بعد دخول هذه القوات إليها. وقال هناك العديد من الأسر فقدت مصادر رزقها نتيجة الإحراق النهب، مما زاد من معاناتهم.

 

+  دوافع عنصرية:

 

وهنا يلفت الناطق الرسمي باسم “حركة العدل والمساواة” و المتحدث باسم “الكتلة الديمقراطية” محمد زكريا فرج الله، إن الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع على القرى المحيطة بالفاشر “تحمل دوافع عنصرية واضحة”.

 

مشيرا الى أن هذه “المليشيا” لا تمتلك مشروعا سياسيا، بل تتبنى أجندة قبلية، وهو ما يظهر جليا من خلال تركيز هجماتها على القرى ذات المكونات غير العربية. وجزم فرج الله أن استهداف الدعم السريع للقرى المحيطة بالفاشر يهدف أيضا إلى إضفاء طابع قبَلي على الحرب الدائرة حاليا، بالإضافة إلى تجويع المدنيين وقطع الإمدادات عن المدينة. وشدد على أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي لتصنيف الدعم السريع كـ”مليشيا إرهابية”.

 

 

+ الأرض المحروقة:

 

 

وفي المقابل اوضح ألامين الشؤون السياسية بـ”حركة العدل والمساواة”، معتصم عبد الله، إن قوات الدعم السريع تتبع في حربها على المجتمعات سياسة “الأرض المحروقة”، حيث تقوم بتفريغ القرى من سكانها مؤكدًا أن مدينة الفاشر أصبحت هدفًا رئيسيًا لهذه القوات بعد فقدانها للعديد من المناطق في السودان. وشدد على ضرورة وقوف الجميع مع الفاشر حتى لا تقع في أيدي “المليشيا” مع استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يمنع الدعم السريع من مهاجمتها. مشددًا على ضرورة إن الوضع في الفاشر والقرى المجاورة لها يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي لحماية المدنيين، وأضاف بشارة أن الشباب في الحركة يعملون على توعية المجتمع حول خطورة هذه التصرفات، ودعا في حديث للجزيرة نت، المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف حازمة للضغط على قوات الدعم السريع لوقف هذه الانتهاكات.

 

 

 

+  تهديد الأمن والإستقرار:

 

أما يعقوب الدموكي، المستشار الإعلامي السابق لقائد مليشيا الدعم السرييع “حميدتي”، وأحد معارضيه الآن فيقول إن عمليات إحراق القرى لا تعبّر فقط عن الانتقام بسبب فشل “المليشيا” في دخول مدينة الفاشر، بل هي أيضا جزء من إستراتيجية مدروسة تهدف إلى إحداث تهجير قسري للسكان. قطعًا أن معظم القرى المستهدفة تقع في مناطق تسكنها قبيلة “الزغاوة” غير العربية، مما يزيد من معاناة المدنيين وتشكل الهجمات تهديدًا حقيقيًا للأمن والاستقرار في المنطقة. وقال الدموكي إن هذا يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لحماية المدنيين وضمان سلامتهم. وقال الدموكي إن عناصر الدعم السريع اعتادوا على نشر انتهاكاتهم بأنفسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضح أن هذه الاعتداءات أصبحت متاحة للجميع، حيث يتم تداولها على مختلف المنصات. وأضاف أن هذا السلوك يعد انتهاكا صارخا للمعايير الإنسانية، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في فضح هذه الانتهاكات، وشدد على أهمية توثيق هذه الأحداث بشكل دقيق، لتكون دليلا على ما يحدث، ولتسليط الضوء على معاناة الضحايا.