
عبد الله خوجلي يكتب: مائدة حاتم الرمضانية
مائدة حاتم الرمضانية
عبد الله خوجلي
وحاتم هو حاتم المفتي شاب نشط متدين عمل معنا في صحيفة ألوان
وقد تعود أن يتحف زملاءه بمائدة رمضانية بالصافية بالخرطوم بحري.
فارقته من مدة قليلة بعد نهاية عملنا بالصحيفة مساء ذلك اليوم
وبمجرد أن أويت إلى فراشي رن الموبايل، وكان المتصل الأخ حسين خوجلي وقال لي: يا عبدالله حاتم مات .. حاتم قتل، وهو الآن مع والده المصاب وشقيقه بالمستشفى الكبير بالخرطوم بحري.
ذهبت من فوري إلى مستشفى بحري، وجدت فيه الوالد المفتي وقد لف وجهه بالشاش إثر الإصابات التي نالها وإبنه من المعتدين، أما حاتم فقد حول إلى مشرحة مستشفى الخرطوم.
عرفت عندها تفاصيل الحادث فقد تعرض حاتم وشقيقه لزمرة من الجنوبيين الذين يسكنون في المنازل غير المشيدة في منطقة الصافية، يتجولون سكارى في شوارع ذلك الحي الهادئ، واشتبكوا في معركة بلا مقدمات مع حاتم وشقيقه أمام منزله. ثم بدأوا يقذفون المنزل بالحجارة والطوب،
فتطاير زجاج الشبابيك والأبواب، فخرج الوالد مذعورًا، فوجد المعركة دائرة مع أبنائه والجنوبيين، فنال بدوره الضربات واللكمات حتى أغمي عليه. وكان محصل العراك أن استشهد حاتم، وأخذ الباقون إلى المستشفيات. كل هذا في عهد الفوضى والإنفلات الأمني والتهاون بالأرواح.
توجهت بعدها إلى مشرحة مستشفى الخرطوم، وجدت هناك الأخ حسين خوجلي ودلفنا إلى المشرحة، وأخرج لنا حاتم على طاولة، تلقانا كعادته بإبتسامته المضيئة التي لم تفارقه حتى بعد موته. فهجم عليه الأخ حسين وهو يكلمه بصوت مرتفع قم يا حاتم، ألا تعلم أن وراءنا عمل كبير في انتظارنا؟. فقلت للأخ حسين أنسيت أن حاتم ميت؟.
أستغفر الله. إنا لله وإنا إليه راجعون.
والآن يرقد ذلك الجثمان الطاهر بمقابر السيد البكري بأمدرمان.
نسأل الله القدير أن يتقبله في هذا الشهر الكريم بقبول حسن ويفيض على والديه وإخوانه وزملائه الصبر الجميل، ويتقبل مائدته الرمضانية في ميزان حسناته .