ملصق المأساة

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
ملصق المأساة
اتصل بي أحد شباب الصحفيين الثائرين وسلم علي بإقتضاب وبدأ متحدثاً بلغة غاضبة بجمل كالحمم وبمفردات غلفت باللهيب صاح بي آمراً ومحتداً وراجياً: إلى متى هذا الصمت يا أستاذ؟! ألا تسمع أو تقرأ أو تشاهد هذه البلطجة الصهيونية وإسرائيل تغتال في كل يوم مئات الأبرياء في سوريا وهي في مرحلة التعافي وأحداث درعا والقتلى الأبرياء بالأمس القريب ألا ترى احتلال لبنان وضرب الأبرياء بالمسيرات؟ ألا ترى المجازر في غزة والإبادة الجماعية للمئات من النساء والأطفال والشيوخ؟ ألا ترى .. ألا ترى؟ وأفاض مزمجراً ومصدراً أوامره المقدرة فكأنني الباب العالي محمد الفاتح قاهر القسطنطينية، أو الخليفة المعتصم العباسي قاهر الروم ورافع راية الاسلام في عمورية. وبعد أن إنتهى من مرافعته الثائرة والحزينة قلت له ممازحاً لتلطيف المناخ: ألم تقرأ رائعة أبو تمام الثائرة في نشيد الخروج الأكبر صوب الروم (السيف أصدق أنباءً من الكتب) ونحن أصحاب كتب وبعض الأوراق المهيضة الجناح. وحينها ألقى في وجهي السؤال الحائر المتردد في قلوب الملايين: ألا ترى هذا العالم الإسلامي بملياراته الثلاثة من البشر وثرواته التي لا تطال وعقيدته التي بعث الرسول بها رحمة للعالمين هاديًا ومجاهدًا ومؤسس حضارة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ألا ترى هذا الصمت المريب إبن عم الهزيمة والمذلة والإنكسار، ماهو توصيفك للعالم الإسلامي الآن في هذا المنعطف التاريخي الخطير؟! وأثناء زمجرة الأسد الشاب الغاضب الثائر قلت له سوف تجد الإجابة في العدد القادم. وقد لاحت لي الفكرة، فكان ردي على النحو التالي في هذا البوستر الذي يبلغ الآفاق هاتفاً بصرخة مباركة في وادي الصمت والليل الحالك المخيم المخيف.