القصر الجمهوري .. تحرير رمز السيادة

الجيش يقود زمام المبادرة ويرسل رسائل سياسية وعسكرية في بريد المليشيا

القصر الجمهوري .. تحرير رمز السيادة

 

خبير: ماقام به الجيش درس لشعوب العالم

+++++

أمدرمان: الهضيبي يس

استعاد الجيش سيطرته على القصر الرئاسي وسط الخرطوم، الجمعة، وذلك للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب مع قوات الدعم السريع قبل نحو عامين. وأعلن متحدث باسم الجيش السيطرة على القصر الجمهوري وآليات ومعدات تابعة لقوات الدعم السريع، وقال إن الجيش بات يسيطر كذلك على السوق العربي ومقار عدد من الوزارات في وسط الخرطوم. وجاء في بيان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أن قوات الجيش السوداني “تمكنت من سحق” قوات الدعم السريع بمناطق وسط الخرطوم والسوق العربي ومباني القصر الجمهوري والوزارات. وأضاف البيان: “دمرت قواتنا بفضل الله وتوفيقه أفراد ومعدات العدو تدميراً كاملاً، واستولت على كميات كبيرة من معداته وأسلحته بالمناطق المذكورة”. ونشر جنود من الجيش صوراً ومقاطع فيديو لانتشارهم في ساحات القصر، الذي تمت السيطرة عليه بعد معارك عنيفة استمرت لأكثر من 5 أيام، بدأها الجيش بمحاصرة قوات الدعم السريع المتواجدة في منطقة القصر الرئاسي وعدد من الوزارات.

+ رسالة خالدة للأجيال:

وأعلن وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية خالد الإعيسر استعادة الجيش السيطرة على القصر الرئاسي وتحت عنوان “لمن ظنّوا أن الأمر مجرد مزحة”، كتب الإعيسر: “أما الجنجويد والمرتزقة ومن معهم من القوى الداخلية العميلة والخارجية الواهمة، فقد ظنوا أن الأمر ليس سوى مجرد مزحة، لكنهم لم يدركوا أن معركة الكرامة السودانية ليست مجرد مواجهة عسكرية كسابقاتها المدونة في كتب التاريخ، بل هي رسالة خالدة للأجيال، مفادها أن الكرامة تُنتزع بثبات الأبطال”. وأضاف أن “الحقيقة التي لا تحتمل التأويل هي أن كل خطوة خطاها جنودنا البواسل منذ صباح 15 أبريل 2023م وحتى اليوم، وصولاً إلى القصر برمزيته السياسية والتاريخية، قد سطّرت مجداً جديداً يُضاف إلى سجل أمة لا تعرف إلا العزة والمجد”.

 

+ مطاردة الدعم السريع:

بالمقابل ذكر مصدر عسكري إن الجيش يجري عمليات تفتيش في المناطق المحيطة بالقصر بحثاً عن عناصر من مليشيا الدعم السريع، وأضاف المصدر أن عناصر من “الدعم السريع” دخلوا مباني ومحلات تجارية في غرب وسط الخرطوم، وقال: (عناصر الدعم أصبحوا داخل المباني والمحلات).

 

+ كيف سيطرت المليشيا على القصر؟

وعصر 15 أبريل 2023 ظهر قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير باسم (حميدتي) في فيديو بالقصر الجمهوري، وعقب ذلك تمددت قوات الدعم السريع لتسيطر على منطقة القصر الجمهوري ومنطقة وسط الخرطوم بكل المقار السيادية، والتي تجاور جميعها القصر. ومنذ ذلك الحين، عزلت قوات الدعم السريع المنطقة تماماً عن بقية أجزاء مناطق الخرطوم، كما عززت وجودها فيها بأسلحة وجنود نوعيين، واستفادت من وجود البنايات المرتفعة في المنطقة المحيطة بالقصر الرئاسي لنشر عشرات قناصة حالوا دون أي تقدم للجيش طوال تلك الفترة.

 

+ استعادة الجيش لزمام الأمور:

وعقب استعادة الجيش لزمام المبادرة العسكرية في العاصمة الخرطوم وبداية هجومه على قوات الدعم السريع بشكل واسع، في سبتمبر 2024، حيث عبرت قواته الجسور التي تربط الخرطوم المدينة بمدن بحري وأم درمان، واصل تقدمه نحو منطقة وسط الخرطوم. وتأخذ سيطرة الجيش على القصر الجمهوري أهمية كبيرة، إذ تعني أولاً انتهاء المعركة في وسط الخرطوم، والتي تمثل مركز الدولة والعاصمة ومقار الوزارات السيادية ودواوين الحكم، إضافة إلى كون المنطقة مركز ثقل اقتصادي وتجاري لتواجد رئاسات البنوك والمصارف والأسواق المالية وسوق الذهب، كما تطل على جسرين مهمين (النيل الأبيض، المك نمر) يربطان الخرطوم المدينة مع أم درمان وبحري. يضاف إلى ذلك التكلفة الفادحة “معنوياً” للهزيمة في هذه المنطقة “المليشيا” – الأمر الذي سيلقي بتداعياته على بقية مناطق الصراع.

 

+ حسم المعركة:

ويقول الباحث في الشؤون العسكرية الرشيد محمد أحمد، أنه بقدر ماتحمل معركة “القصر” من أبعاد معنوية على مستوى رمزية المكان تاريخيًا وسياسيًا، ولكن بذات البعد فإن المعركة بصورتها العسكرية تكون قد حسمت لصالح الجيش السوداني الذي خاضها بتكتيك حربي وبراعة تامة شكك فيه البعض عند بداية الحرب بسبب قلة العتاد العسكري “السلاح” وأيضا البشري في الاستمرار بالدفاع عن مواقعه الاستراتيجية ناهيك عن أخذ زمام المبادرة والهجوم، ومن ثم القضاء على عناصر المليشيا التي جثمت على صدور السودانيين لعامين كاملين.

ردود أفعال:

بالمقابل انهالت على قيادة “الجيش” ردود الأفعال والدعوات بتطهير ماتبقى من العاصمة الخرطوم فضلا عن التوجة نحو إقليم دارفور الذي بات مستباح من قبل المليشيا ومناصريها مما زاد حجم الانتهاكات بحق المواطنين الأبرياء. كذلك دعت مجموعات حقوقية لضرورة تدوين كافة الجرائم التي اقترفتها مليشيا الدعم السريع بتدمير البنية التحتية لدولة ومؤسساتها مما خلق واقع مغاير بنسبة للسودانيين اقتصاديا، واجتماعيا وتسبب في مضاعفة معاناتهم بصورة يومية.