ورقة قديمة جديدة وما أشبه الليلة بالبارحة

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
ورقة قديمة جديدة وما أشبه الليلة بالبارحة
كنا في الجامعة أعضاء في جمعية الشعر.. وكنا يومها معجبون بالقصيدة الكبسولة الصادمة لأحمد مطر، وكنت شخصياً معجباً بطريقة مريد البرغوثي والقصيدة الحرة والمقالات القصيرة.. وعلى شاكلة محطة الإعجاب القديمة كانت هذه الخاطرة الصغيرة حول التوقيعات والمواثيق ما بين أبوجا وجوبا ونيروبي للكلام وليس للسلام.. السلام الذي يراه الشعب بعيداً بعيداً ولكن ليس من عتب على الذين يضعون الحوائط الخرسانية على أعمدة النوايا الطيبة ولا يضيرنا شئ إذا قام أصحاب المصارف والمعارف بكتابة آلاف الشيكات السيادية المرتدة لأباطرة المعسكرات والنازحين وتجار الحرب، وليس في مقدور أحد أن يدخل الحكومات السجون، ولكن كل الساسة ومنتظري العطايا الحرام والإستوزار من أهل البندقية المأجورة والكيبورد المزيف المشترى وأصحاب الكفاح المصلح للمرتزقة وللحلاقيم يستطيعون بنفاقهم التاريخي أن يدخلوا البلاد والجماهير، جهنم (بالمزيكا)!
تقول الحكاية:
دخل الضابط العجيب القانع المركز العمومي بالمدينة النائية وفي صحبته طفله الصغير، فهب الجميع في اضطراب لإستقباله، وبطش البوت بالأرض حتى تعالى الغبار وضربت أصابع الأيدي الجباه تعظيماً حتى تعرقت.
وكانت الموسيقى التصويرية أصواتًا مفعمة ومنغمة بالخضوع الرسمي وخوف فوات الامتيازات وغصب العواصم البعيدة والمريدة. وهنا صاح الطفل الصغير في دهشة متسائلاً: لم كل هذا الصخب والتظاهرة؟
فرد النوبتجي مبتسمًا: كلها من أجل أبيك ياعزيزي!!
فرد عليه الطفل في براءة: إذن ماذا كنتم فاعلون لو جاءتكم أمي؟؟
عزيزتي الخرطوم وإنجمينا وجوبا ونيروبي: لقد قرأ الجميع وعود الجوار الكاذب والسلام المخبوء الزائف تحت ثياب القتلة من أصحاب السفارات والمخابرات المتخفين خلف الأناقة والياقات البيضاء. وأصبح هذا هو الموروث الوحيد للجماهير المغيبة، موروث صفري مليء بالتفاصيل المملة والثقوب هذه التي لا تُفضي إلى استقرار ولا تبشر بطمأنينة.
فقال الشعب مندهشاً : إذن ماذا أنتم فاعلون لو جاء (البعاتي)؟
عزيزي القارئ الرجاء من كل هذه الفنتازيا اختيار العنوان المناسب، أما فقد اخترت (ما أشبه الليلة بالبارحة) وأرسلها في بريد قصر غردون باشا أو القصر الجمهوري المهدم والملطخ بالدماء قبل الترميم أو الإزالة، أو النقل إلى مقره الجديد بالعاصمة الجديدة بعد فك القيد والاختطاف عن الخرطوم الولاية (كرش الفيل) التي أصبحت ملاذًا لكل المجرمين والغرباء والمرتزقة الذين قتلوا وسرقوا واغتصبوا وتسللوا عبر مسامات الجماهير الغافلة والنيات الطيبة.
** إضاءة:
وقال الفنجري بعامية فصيحة معلقًا على وضع الحدود الراهن:
زاحفين الليوث يا نيالا ما تنغشي
حالفين اليمين من الضرر تنفشي
بعد لبن البُكار عسل اللذيذ تتعشي
وسيل الغاضبين باكر بخُش (أبشي)