
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (محطات)
مع إسحق
إسحق أحمد فضل الله
(محطات)
أستاذ…
فى ألوان هذه تنحدر عينك من المانشيت والحرب إلى فلان والحرب. وإلى فلان والحرب … وترهق. لذلك نجعل حديثنا نوعًا من البرندة والقهوة والهمبريب…
ونرسم حكايات العالم لنشرح حديث الحرب
……….
والسودان القادم يبدأ ترتيب بيته بالقانون…
وكلمة قانون وحقوق وحكايات تجلب إلينا حديث المسرح عن ذلك
وعن الحق…. وأين هو…. يقول المسرح
فى مزرعة العنب في ألمانيا الجرة الكبيرة الفخارية التي يخمر العنب فيها …. تنشق والوقت ضيق للحصول على غيرها .. وصاحب المزرعة الملهوف يجعل عاملًا صغير الحجم يدخل الجرة ليخيط الشق…
والعامل صغير الحجم يدخل ويشرع فى رتق الشق من أسفل الجرة…
دون أن ينتبه إلى شىء وهو
إن (فم) الجرة يضيق كلما صعد الرتق إلى أعلى
والرتق يكتمل
والعامل يجد أن فم الجرة لا يسمح له بالخروج
وصاحب المزرعة المصعوق يصرخ… يطلب خروج العامل بأي طريقة .. على أن تبقى الجرة سليمة … ويصرخ بأنه قد دفع أجرة العامل .. وأنه إن كسر العامل الجرة قاضاه … وأنه إن بقى في داخل الجرة قاضاه و…
المسرحية كانت تحاور عن…. قيمة الإنسان … وعن حدود القانون … وتقول (العدل أو القانون)
كان هذا أيام كان العالم يخفي نفاقه وعنده ذرة حياء
(2)
ونحن في العالم العربي كان الإنحراف عن القانون عندنا يتم بـ (عوارة)
وفي تونس لما حرم بورقيبة الزواج بأكثر من واحدة .. كانت المحكمة تحاكم أحدهم بجريمة أنه متزوج من زوجتين…
لكن … المتهم يقول للمحكمة أنه متزوج من واحدة فقط … وإن الثانية هي ….. عشيقته وليست زوجته …
و… براءة …
كنا قد بلغنا هذا الحال..
(3)
والفيلة يا ملك الزمان .. مسرحية يصنعها سعد الله ونوس عن حكاية سودانية
والحكاية السودانية تحكي أن التعايشي عنده فيلة … أنثى … مطلقة
والفيلة تطحن المزارع وتطحن الناس و…
ولا أحد يستطيع أن يقول بغم ..
ولأنه لا أحد يستطيع أن يتصدر الاحتجاج يتفقون على وفد يقف صفًا أمام الخليفة .. يسلمون ثم يصيحون بصوت واحد…
: الفيلة .. يا ملك الزمان
ثم ينطقون كل كلمة بصوت جماعي واحد .. وبالفعل
يقفون صفًا .. وينحنون ويصرخون
:: الفيلة يا ملك الزمان
والملك الرهيب يقول غاضبًا
:: ما لها الفيلة
والصف المنحني يعجز كل واحد فيه من النطق بحرف
وأحدهم/ وكان شجاعًا نوعًا/ يهمس لهم ليقولوا إن الفيلة دمرت وإنها خربت وإنها قتلت…
يهمس …. لكن لا أحد من المرتجفين ينطق بحرف
عندها .. قائد المجموعة يرفع رأسه ليقول للملك
؛؛ الفيلة ياملك الزمان .. مستوحدة (يعني أنها دون زوج) ونحن جينا نطلب منكم تجيبوا ليها زوج…
والملك يوافق
وفي زمن قليل يصبح للفيلة زوج وذرية .. إناثًا وذكورًا وأن هؤلاء يتناسلون…
الحكاية كانت تقول للناس إنهم إن سكتوا على خراب واحد أصبح للخراب أولاد. وسلالة…
الحكاية سودانية .. لكنها قانون كوني
والسودان الذى يتجه الآن إلى صناعة سودان جديد .. يحكمه القانون لابد له من أن يطرد …. منذ البداية … أي فيلة … لأنه إن سكت .. جاءته أفيال
(4)
ومدهش إن حكاية الجزائر تصبح شهادة على أن الناس لن يتركوا إسلامهم هذا مهما فعل العالم بهم
وأيام الجهاد الجزائري يجلس بن بيلا إلى عبد الناصر ليطلب الدعم .. وبن بيلا … المجاهد الجزائري يحتاج في حديثه ذاك إلى مترجم لأنه لا يعرف العربية …
وأيامها كان العالم المسلم كله يغني للمجاهدة جميلة بوحيرد التى فعل بها الفرنسيون ما فعلوا …
وغليان الإسلام فى النفوس المقهورة يرسمه فيلم عن حادثة حقيقية
ففى أيام الثورة الجزائرية ينظر صعلوك جزائري إلى جندي فرنسي يذل إمرأة مسلمة
ويغلي
ويلتحق بالثورة المسلحة….
والانضمام كان أسلوبه هو أن يقتل المجاهد فرنسيًا ويأخذ سلاحه
وعلي لابوانت يفعل هذا
وفى أشهر يصبح على لابوانت أسطورة يرتجف الجيش الفرنسي خوفًا منها
وفي الفيلم الذي يحكي الحكاية .. مشهد
والجنود الفرنسيون يحاصرون المجاهد لابوانت الذي كان في الطابق الثالث … ويطلبون منه أن يدلي بسلاحه في قفة
والقفة تطل من الشباك
والجمهور الموجوع يحبس أنفاسه ودموعه
والقفة تهبط ببطء …. ببطء
حتى تتوقف على ارتفاع قدم واحد من رؤوس الضباط الفرنسيين المتلهفين … ثم؟
ثم الكاميرا تطلق وجه علي لابوانت وهو يقول للضباط أولئك من تحت أسنانه
: أولاد الكلب…
ثم الكاميرا تكشف ما في القفة
كانت قنبلة ضخمة…
والمشاهدون في السينما يقفون على أقدامهم يصفقون بجنون
السودان المحاصر المسلم كان يكرر المشهد ذاته …. ولا أكثر من شبه السودان بالجزائريين…
(5)
وأضخم أستاد فى العاصمة الجزائرية الآن يسمى
إستاد السودان
وكل سوداني يعرف سبب التسمية هذه.