الرسم بالكلمات

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
الرسم بالكلمات
– قد يغفر الشعب السوداني للنظام التشادي خيانته وعمالته وتنكره لجميل السودان والسودانيين وموالاته لأعداء السودان في صفقة شراء موصومة بالدناءة والارتزاق الرخيص، ولكن هنالك بعض التصرفات الوضيعة التي لا تشبه الشعب التشادي الشقيق لن يغفرها السودان لعصابة كاكا وهي استخدام فتوته ورجولته المزيفة ونخوته الهباء في حرمان الطلاب السودانيين من أداء امتحان الشهادة السودانية. فليلتفت هذا العميل للأقربين في نظامه وما يحيطون بهم بسؤال غاية في البراءة أين تلقيتم تعليمكم ودراساتكم وتدريبكم؟ فسيجد بلا عناء أن الأغلبية قد نالت تعليمها وتدريبها وفي قول آخر توظيفها في السودان. إنه الجحود ويكفي اطلاق هذه الصفة على هذا النظام الذي لن يطول ما دامت هذه المفردة أدنى صفاته في صف الشعوب الطويل.
– اسرائيل لا تخوض حربًا في غزة، بل إنها تمارس قتل القتلى وتدمير الدمار وإحراق الحريق، وللأسف فإن العالم الإسلامي يرد عليها بصمت الصمت. ويظل البلايين في العالم يشاهدون المجزرة على الهواء في لامبالاة وهم يلتهمون سندوتشات البيرقر وعلب الفيشار، ويشاهدون الأغنيات الهابطة والدور الأوروبي غير الممتاز ويا لها من فجيعة ويا لها من غفلة.
– قال لي: لماذا تمارس عصابة دقلو هذا العقاب المجنون ضد الأبرياء من الغبش والمساكين الذين تدعي أنها جاءت من أجلهم؟ قلت له: لقد انتهت هذه المليشيا الآثمة واندثر برنامجها إلى الأبد، ولكن دائمًا بعد الهزيمة يبقى الحقد وتبقى الجريمة.
– وقع الصهاينة اتقاقًا مع حماس كان واضحًا ومشهودًا من كل العالم، وخرقوه جهرًا ولم يتحرك أحد، بل أنهم ذهبوا إلى حرب عقيم لن تصنع انتصارًا ولن تعيد الأسرى. صدقوني أن الحروب التي تديرها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني واللبناني والسوري ليست وسيلة لتحقيق بعض المصالح والأهداف، بل غاية في حد ذاتها غاية أهدافها هي في الإبادة واعدام الشعب الفلسطيني وقهره وتدميره وتشريده ورميه وراء المجهول. وذات الفعل المجرم تقوم به أمريكا ضد الشعب اليمني الذي طلب طلبًا في غاية البساطة افتحوا المعابر للشعب الفلسطيني واوقفوا المجزرة، وسنوقف بعدها تمامًا حصارنا على السفن الاسرائيلية، لكن أمريكا عمياء عن كل ذلك فقد بدأت قصفها الهمجي ضد اليمنيين وضد اقتصادهم وضد بنيتهم التحتية لأن امتصاص الدم العربي والمسلم وإبادة المسلمين داء عند الصليبيين والصهاينة قديم.
– يواصل الجيش السوداني والمقاومة الشعبية استعادة آخر الأطراف في أمدرمان، فقد استلموا بجدارة سوق ليبيا أكبر بطون المليشيا، وكادوا أن يستعيدوا الصالحة وتمشيطها كاملة غير منقوصة وما يجاورها. وبذلك يمكن أن نقول بمنتهى الثقة نعم لقد عادت أمدرمان عادت المباني والشوارع الغر والمضايق، فيا ترى من سيعيد حطام الذكريات ويرسم الابتسامة على الشفاه (الناشفة) من جديد؟
– عادت الجزيرة المنتصرة الظافرة قاعدة صلبة للسودان ولأفريقيا والعالم العربي والاسلامي، عادت وهي مثخنة الروح والجسد بالجراح بعد أن رأت كل العذابات على أرضها وعرضها وممتلكاتها وتاريخها التي قام بها مجموعة من الأوباش أعطتهم كل ما يحلمون به، ولم تستبقي شيئا وليس من رأى كم سمع. وهذا الدرس وحده هو الذي يصوغ الجزيرة الجديدة المتطلعة للواقع السعيد، رأسمالها في ذلك صبيانها الذين استعادوها عنوة واقتدارا. عادت الجزيرة الولاية والفكرة والمباني والمعاني ومنظومة قيم الاعتدال والوسطية والقدوة والمثال. عادت الجزيرة لتصنع مع بحر أبيض والنيل أزرق الوسط الماهل اقليماً وجمهورية لصالح الوحدة، فإن أرادوها لصالح السودان ها نحن مستعدون وإن ذهبوا بعيدا باحقادهم ومناصرتهم للأجنبي فليذهبوا فهم ليسوا أكثر خلوداً من المذابح والمرارات والحضارات (فعلينا يسهل وعليهم يمهل) هذا ولن نعود بعدها القهقرى ولن نعود إلى الوراء فالأرض والماء والانسان هي الثلاثية التي تصنع الحضارة وهي في الجزيرة أبقى وأعمق وأكثر مما يظنون. ولكأني بالشريف بصوته العميق الدافئ ينطلق من ميدان الحرية بود مدني بالأوبريت الشهير منشدًا بالنداء الذي يتوجب أن يكون انشودة تتلى كل صبحٍ ومساء:
في مدني الكبير نشأت لك الحيثية
فجرت المواهب ومنبع الوطنية
بذره مقدّسه إتربّت علي الحرية
من المؤتمر لي الليله نامية قوية
من يومك كسبتي الكاس وشلتي الراية
وأفكار المحافل باقية ليهم تاية
بي التعليم سقوك وشبّعوك قراية
وأدوك من شبابهم كل حب ورعاية
حليل قلب الجزيرة المستقيد النابض
حليل جمعة رجالا وجيل شبابها النابض
حليل جمع السراة زي الهزبر الرابض
كل واحد علي وطنيتو عاضي وقابض
يا أم الزهور ما تسوّي قبض الريح
كان رأيك زمان بيشفي وبفيد وبريح
قُشيلنا السواكب وأمسحي التبريح
فاتوك الرجال لسع جناك بصيح
ما برضالك الخوف والضياع والحيرة
ما برضالك اليوم تبقي إنتي أسيرة
ما برضاك أكلتي الحلوه تنسي مريرة
والتاريخ رهيب ما بينسى ليك تسطيره
حاشاك الملامه وما بتسوّي العيب
إيدك لسه تجدع من بعيد وتصيب
ويومك في المحاص شايفنو جايي قريب
ودورك بيتلعب قبل الشمس ما تغيب
أكسري (المين ) كنار خلي الأراضي تعوم
سويهن بحر من ريبا لي الخرطوم
ولّعي في الفبارك غيظ ونار وسموم
خلي الهايفة تنقد والنصيحة تقوم
– منذ الغد لا أحد يخشى على كردفان ودارفور لا من العملاء من بني جلدتنا، ولا المتآمرين من وراء الحدود وهذه أرض أصبحت من غير الرجال والعتاد قد أصبحت مسلحة بالوطنية والوعي وياله من سلاح.
– كلما رأيت هؤلاء الصغار يتهافتون على بعض العواصم يرتجون منها الدعم والتأييد والسلاح والمناصرة تذكرت عبارة للقاص المصري الراحل محمد عبد الحليم عبدالله صاحب (لقيطة) :(اللهم لا تدعنا نحب من لا يحبوننا حتى لا تشقينا بالحب مرتين)
– الأحداث والمآسي والعبر التي مرت بالانسان السوداني تجعل الكثيرين يتلفتون يمنة ويسرى أين الشعر وأين النشيد؟ لا الحرب اسعفتنا بالافصاح ولا الانتصار، ماذا حدث لوادي عبقر في بلادنا وماذا حدث للشعر والقصيد؟
– على العلماء من الأطباء والمهندسين والزراعيين والاقتصاديين والبياطرة وأساتذة الجامعات بالداخل والخارج وخبراء الأمن والمخابرات والعسكريين، عليهم أن ينشروا قوائم المتميزين من التكنوقراط حتى تطغى قوائمهم على قوائم الساسة الذين يملئون الساحات ضجيجا بلا مؤهلات ولا أفكار ولا برامج. نعم انشروا أسماء هؤلاء العلماء فإن في طبع العارفين الزهد في الأضواء، ومحاربة إعلان الذات. فالذهب والماس ليس على السطح فانه على ندرته وغلاوته يبقى في باطن الأرض والأعماق.
– كلما استمعت للدكتور عبدالله علي ابراهيم بصوته العميق يعلو بالوطنية والأفكار والقيم مدافعًا عن السودان وشعبه في كل المنابر والمحافل كأنه فتىً في العشرين، تذكرت بأن الذين يقرأون ويبحثون وينقبون ويوثقون لا يخطئون طريق الحق وطريق الوطنية. عبدالله علي ابراهيم قامة علمية ووطنية جديرة بالاحترام.
وكلما استمعت للدكتور أمين حسن عمر وهو يتحدث ويكتب لصالح الدين والحياة والانسان بموهبة تجمع بين قدرات المفكر والفقيه والشاعر، هتفت أمام نفسي والآخرين مصفقا ومنتشيا إننا من قافلة دكتور أمين وهذا (جيلي أنا) جيل العطاءِ المستجيش ضراوة ومصادمةْ
المستميتِ على المبادئ مؤمنا
المشرئب إلى السماء لينتقي صدر السماءِ لشعبنا
جيلي أنا…
إني أبحث عن قلم شاب مجتهد ليحرر كتابا بعنوان (أولاد عطبرة) وليبدأ بدكتور عبدالله وأمين وملك الأنشودة العطبراوي والحاج عبد الرحمن والشفيع أحمد الشيخ وماجد عثمان كابتن المريخ الشهير والقائمة تطول. وستقوم منشورات ألوان بطباعته وتوزيعه إن وجدنا مطبعة ألوان نابضة بالحياة، لم تصبها سرقة ولا حريق ولا تدمير