عناوين جارفة لدولة نازفة

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
عناوين جارفة لدولة نازفة
مجزرة نوعية ضد الجموعية
بعد الهزيمة المنكرة والهروب الكبير، عصابة دقلو ترتكب جريمة نوعية ضد قرى الجموعية. وقد استطاع شباب قرى الجموعية أن يسحبوا عوائلهم وأطفالهم ونسائهم بأعجوبة إلى قرى آمنة بعيدة، ويتصدون ببسالة للمتمردين المرتزقة بالرغم من أن أسلحتهم كانت أسلحة بيضاء وبعض مسدسات وبنادق الحماية الشخصية. وتكبدت هذه القرى الجريحة ما يتجاوز المائة شهيد، وما زالت محاصرة بلا مغيث ولا نصير. الجدير بالذكر أن غالبية هؤلاء القتلة كانوا من الجنوبيين بمساندة من بعض مجرمي المهرية، وما زالت الجرائم قائمة والقرى محاصرة والغفلة تلف الجميع مدنياً وعسكرياً. وكبري جبل أولياء ما زال مفتوحًا على مصرعيه بلا حارس ولا رقيب (حسبنا الله ونعم الوكيل).
اتفرج يا سلام
وأخيرًا استبانت خطة نتنياهو السرية القذرة القائمة على إبادة نصف سكان غزة وترحيل النصف الآخر تحت وطأة النار. فقد قطّع ومزق الجيش الاسرائيلي القطاع مترًا مترًا وبدأ بالتصعيد جوًا وبرًا وبحرًا وقتل الساكن والمتحرك من الأحياء الأبرياء. وتقتضي الخطة الجهنمية قتل كل الأسرى الاسرائيليين المتبقيين الذين ما زالوا تحت احتجاز حماس، وتعليق المأساة على المقاومة الإسلامية ذريعةً ببداية المذبحة التي بدأت منذ الأمس بهذا التكامل والبشاعة، والعالم كله مستمتع بشعار (اتفرج يا سلام).
الخرطوم الجديدة
لم نسمع في كل الدنيا بأن هنالك عاصمة لا حدود لها ولا عدد موثق للقاطنين، إلا الخرطوم التي يكتظ قلبها وأطرافها بالملايين من الأجانب والعاطلين والمجرمين والقتلة واللصوص وبائعي المخدرات والخمور ومجهولي الهوية، وكل هؤلاء يدعون حق المواطنة والجنسية حيث تباع أوراق الهوية في سوق النخاسة الوضيع الذي تمارسه عصابات متخصصة في تفتيت السودان وتمزيقه واغتيال أمنه ومواطنيه. والأحداث الأخيرة التي تمت بمنهج مرسوم وخطة محكمة راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء بعد أن قتلوا واغتصبوا، وتم تجريدهم من كل ممتلكاتهم وفضائلهم وألقت بهم تلك العصابات إلى المنافي والمجهول في جريمة لم تحدث لوطن منذ الحرب العالمية الثانية. وعليه فقد أصبح من أوجب الواجبات اطلاق سراح الخرطوم من قيد العاصمة الوصمة وتحويلها إلى ولاية كاملة الدسم لأهلها بكل عراقتهم ومنظومتهم الأخلاقية وأن يبحث أهل السودان منذ الغد عن عاصمة إدارية جديدة صغيرة ومحكمة ونظيفة وبعيدة تحت مسمى الخرطوم الجديدة New Khartoum، مثلما فعلت نيجيريا حين أنشأت أبوجا ومثلما تفعل القاهرة الآن بالمدينة الإدارية. فإعادة الخرطوم ولاية كاملة سوف تضبط إيقاع هذه المدينة القارة وتُرجِّع بالحسنى ملايين المتبطلين إلى الريف والمتسولين إلى دول الجوار لتبدأ دورة الانتاج من جديد. ونرفع عن كاهل أهل الخرطوم وأهل الأقاليم وطأة الخوف والجهل والمرض.
عطاء
تُعلن إدارة الخدمات الصحية بقطاع غزة بأنها تحتاج لشراء وتوريد ٢٥٠ ألف كيس بلاستيك سميك بطول مترين للراشدين، ومتر للأطفال حتى يتسنى لها تحميل الأشلاء الممزقة بالطائرات الإسرائيلية إلى مقابر جديدة حيث امتلأت كل المقابر القديمة. العطاء بتفاصيله سينشر في كل العواصم الإسلامية باللغة العربية والأوردو والفارسية والإنجليزية. ونرجو من رجال الأعمال المسلمين المسارعة بتقديم طلباتهم مختومة بالشمع الأحمر وتقديمها إلى وكالة الأونروا أو إلى سلطة أوسلو برام الله. نرجو المسارعة لأن الكلاب الضالة والمسعورة قد بدأت بأداء دورها بإمتياز.
أكلنا يوم أكل الثور الأبيض
أمريكا بقيادة ترامب نقلت حتى الآن أكثر من ٤٠ ألف جندي غير المتواجدين بقواعده في الدول العربية مع البارجات والغواصات وحاملات الطائرات استعدادًا لمعركة فاصلة ضد إيران، والتي وعد الرجل بسحقها وسحق مشروعها النووي السلمي بمساعدة إسرائيل وأخريات مسكوت عنها. والضربات التي توجه الآن ضد الشعب اليمني ببشاعة لا نظير لها، ماهي إلا مران أولي لضرب الشعب الإيراني المسلم الرافض للهيمنة والاستكبار العالمي والاستعمار الجديد، ولا يملك العالم العربي والإسلامي لمواجهة هذا الاحتلال المذل وهو ينتظر دوره في الذبح والسلخ إلا عبارة قصة التدبر المشهورة (أكلنا يوم أكل الثور الأبيض).
استقالة الاعيسر واجب مهني
غمرتني سعادة فياضة حين قرأت خبر تعيين الإعلامية والصحفية والشاعرة النابهة عفراء فتح الرحمن ملحقًا اعلاميًا بالقاهرة، والصحفي الشاب صاحب القلم السيال والأفكار الوضيئة الأستاذ محمد حامد جمعة نوار ملحقًا اعلاميًا بإثيوبيا. وقبل أن نُرسل التهاني لقبيلة الإعلاميين ونبشرهم بميلاد جيل جديد من الشباب الذين يتسلمون الراية ويصعدون بها نحو المراقي التي تشرف هذا الجيل، صُدمت كما صُدم الجميع بقرار فاجع من مجلس الوزراء بإلغاء قرار تعيين عفراء ونوار بتبريرات تدعو للسخرية والإشفاق. قرارات لم تراع الحد الأدنى من احترام الصحفيين والإعلاميين ولم تراع كرامة الأستاذة والأستاذ وقد جُرحوا عميقاً في سمعتهم وسمعة أهلهم وزملائهم، وقد امتدت لهم من دون ذنب منهم أو جريرة ألسنة الشماتة والإنتقاد غير المبرر. وقد تُركوا فرادى في عراء المحنة وتضارب القرارات المذلة. ليست الأزمة هي أزمة الاعلام السوداني والإعلاميين السودانيين والصحفيين، بل هي أزمة أهل القرار ومتخذيه الذين أساءوا لأنفسهم قبل أن يسيئوا للمفصولين المبعدين قهرًا، بل هي ضربة قاصمة للسيد وزير الثقافة والإعلام الصحفي والإعلامي خالد الاعيسر الذي لم يراعوا مهنيته ولا دوره ولا الحد الأدنى من كبريائه. ستعود عفراء غدًا لموقعها القديم مناضلة عبر قلمها وصوتها وموهبتها وكذلك الصحفي المتميز نوار بذات الدور والمهنية والموهبة الباذخة فليس لهم ما يفقدونه سواء أغلال الوظيفة التي هي تكليف باهظ لا تشريف فيه ولا امتياز غير الرهق والألسنة الحداد . إننا نطالب مجلس الوزراء بكامل عضويته أن يستدعي عفراء ونوار لتقديم اعتذار مكتوب، وأن يقدم الأخ خالد الاعيسر وزير الثقافة والاعلام استقالته فورًا وبلا تردد وبلا مجاملة، فهذا هو الحد الأدنى من كرامته المهدرة وكرامة زملاء المهنة وهذه القبيلة التي تمثل في كل العالم السلطة الرابعة التي تضئ الطريق وتفتح النوافذ أمام شمس النقد الذاتي والوعي والحريات. صحيح أننا نخوض معركة الكرامة وننتصر فيها بعزة، ولكن معركة الكرامة الحقيقية تبدأ بكرامة أهل القلم وتنتهي بشرف الكلام. عزيزي نوار عزيزتي عفراء لكما العتبى حتى الرضا، والاعتذار حتى مرافئ المفاخرة والاعتداد.
قناة أمدرمان باقية والوثيقة توأم
شكراً للمئات الذين اتصلوا بنا مهنئين للقناة الاخبارية القادمة الوثيقة منصة أخرى لصالح الشعب والحقيقة. وشكرًا للذين اتصلوا مشفقين ومتسائلين هل الوثيقة هي بديل لقناة أم درمان الفضائية ونقول لهم أم درمان هي الأصل وستبقى منارة لتوثيق الحياة الفكرية والثقافية والاجتماعية والرياضية وحقلاً زاهيًا للمنوعات. وستظل الوثيقة القادمة توأمًا لأم درمان صاحبة الشعار الأوفى حرية وجمال.
الحارس مالنا ودمنا
في إفطار نادي المريخ الرمضاني بالقاهرة أبكى الفنان الكبير كمال إبراهيم سليمان الشهير بكمال ترباس الجميع حينما أجهش بالبكاء وأرسل الدمع مدرارًا وهو يغني رائعة عمر البنا الحارس مالنا ودمنا وقد أكملها المحامي المطرب جمال فرفور بحزن بالغ وكان المشهد ردًا حاسمًا وذكيًا على كل الأوغاد الذين هتفوا يومًا (معليش معليش ما عندنا جيش). الجيش الذي يتحمل الآن مع المقاومة الشعبية والمستنفرين أمانة وطن نبكي عليه بكاء النساء ولم نحمه ونستوصي به بكرامة الرجال.
كابول حاضرة رغم الغيبة والغيبوبة
دمروا كل المدن الأفغانية أحرقوا البيوت والأعراس والأطفال ولحقوا بالمجاهدين حتى في الكهوف، وأخيرًا خرج اليانكي وهو يجرجر أذيال الهزيمة بعد أن خسر المئات من جنوده وتريليونات الدولارات دون طائل وتركوا من ورائهم كل العملاء الذين صنعوهم على نار هادئة وتركوهم يستعرون في لهيب الشعب. خرجوا دون أن يقدموا اعتذارًا واحداً لا لأنفسهم ولا للشعب الأفغاني ولا للمنظمات الدولية ولا حتى لأنفسهم. عزيزي القارئ هل يذكر أحد منكم اليوم كابول تلك المدينة الظافرة التي هزمت امبراطوريتي الشر السوڤيتية والأمريكية، وملأتنا بالفخر وملأ انتصارها الدنيا وشغلت الناس هل يذكرها أحد الآن أشك في ذلك؟
ود بيت المحل
بعد أن قتل هذا الذئب المسعور مئات الآلاف من أهلنا ومن أهله، وبعد أن نهب واغتصب ودمر وأحرق حضارة بحالها في سنجة ومدني والقطينة والعيلفون والخرطوم الكبرى، جاء الآن في حقد تاريخي ليقول للناس أننا أخطأنا حينما ضربنا الخرطوم فقد كان الأولى تدمير الشمال. بعد كل هذه الجرائم البشعة كانت شفاعته ومرافعته نعم أننا أخطأنا، قالها وبراءة الحيوان في عينيه ولو حق للناطق الرسمي عن الشعب السوداني أن يصعد فوق قمة أعلى شاهق لهذه البلاد لقال له بلغة نازفة وجارحة: لقد كنت جاهلًا فعلمناك، وكنت فقيرًا فأثريناك، وكنت وضيعًا فأعليناك، ولكن كل هذا لم يشفع لنا لأننا لم نستفد لا من قيمنا ولا حتى من أدبنا وثقافتنا. لقد فات علينا أن البذرة الخبيثة لا تنبت إلا شجرة خبيثة، فقد صدق حكيم الوسط الماهل والشرق العريق والشمال الباسل حين قال وبلغ صوته الجرئ بحر أبيض وكردفان ونيالا المأسورة:
ود بيت المحل إن طار يرك فوق محلو
ودساس العرق نسل المراح من فحلو
يسوي الزين معاك عسلًا مدور نحلو
ويجبرو على الفسل سالف جدوده الرحلو