د. عبد الله درف: قبول شكوى السودان ضد الإمارات في محكمة العدل يعد إنتصاراً

المحامي والخبير في القانون الدولي د. عبد الله درف لـ (ألوان):

قبول شكوى السودان ضد الإمارات في محكمة العدل يعد إنتصاراً

الفريق القانوني للسودان قدم قضية اتهام متماسكة

لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس وثقت للرحلات الإماراتية التى كانت تنقل السلاح

ما حدث يجعل الامارات في موقف الدول الراعية للإرهاب

ستغلق الشكوى أي باب في وجه الإمارت للعب دور الوسيط أو المسهل

تأثير الامارات على المحكمة أمر مستبعد وإلا لما مثلت أمامها

هذه القضية بمثابة زلزال لكشف الوجه الحقيقي للإمارات

++++++++++

حوار: مجدي العجب
بمثول دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعها السودان ضدها أمام المحكمة الدولية تصبح الإمارات من الدول التى أساءت سمعتها أمام العالم ومثولها هذا يعني بداية للإنتصار الشعب السوداني بعد ظلت الإمارات تدعم مليشيا الجنجويد بالمال والمرتزقة والسلاح، الذي مارست به المليشيا كل أنواع القتل والسحل ضد الشعب السوداني. ولقراءة أكثر عمقا لحيثيات الشكوى أمام محكمة العدل الدولية، (ألوان) كدأبها حاورت المحامي والخبير في القانوني الدولي د. عبد الله درف وكانت المرافعة التالية.

د. درف، كيف تقرأ وقائع النظر في دعوى السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية؟

تعتبر محكمة العدل الدولية أعلى سلطة قضائية عالمية، لذلك يطلق عليها المحكمة العالمية. وتقديم السودان لعريضة دعوى في مواجهة دولة الإمارات وقبول الشكوى من حيث الشكل وتحديد جلسة استماع، هذا وحده يعتبر انتصار كبير للسودان، لأن الامارات رغم الجرائم التي أرتكبتها وترتكبها بدول الإقليم عبر المرتزقة والعملاء لم تقدم ضدها شكوى رسمية تلزمها بالمثول أمام محكمة العدل الدولية، إلا هذه الشكوى المقدمة من السودان. وهذا له دلالات كبيرة وسيتم من خلال هذه الشكوى تسليط الضوء على الجرائم التي أشتركت فيها الإمارات بالسودان، وبالتأكيد سيؤثر هذا سلبًا في سمعتها لدى الرأي العام العالمي ولدى المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان ولدى الناشطين في الشأن الإنساني. وهذا سيجعل الإمارات غير موثوق بها لدى الرأي العام العالمي ولدي المشتغلين بالشأن الإنساني، كما أن هذه الشكوى ستغلق أي محاولة من الإمارات للعب دور وسيط أو مسهل فيما يلي السودان. ونتيجة لهذه الآثار نتابع جميعنا الحملات المضادة التي تقوم بها الإمارات لترميم ما أحدثته هذه الشكوى في صورتها داخليًا وخارجيًا.

 

حديث محكمة العدل الدولية بأن حيثيات السودان كافية للسير في الدعوى، بينما قالت تحفظات الإمارات عمومية ماذا يعني ذلك؟

استند السودان في تقديم الشكوى أمام محكمة العدل الدولية على المادة 1/36 من النظام الأساسي للمحكمة والخاص والاختصاص وكذلك الماده 9 من إتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية إضافة لميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر العدوان وهي شكوى معدة بشكل قانوني دقيق وقد شملت الشكوى إضافة للأسانيد القانونية البينات والأدلة التي اعتمد عليها السودان في شكواه والتي تمثلت في أدلة مادية ومستندية وتقارير من جهات دولية تثبت دعم وإسناد الإمارات للمليشيا ماديًا وعسكريًا وإعلاميًا، كما توجد بينات على توفير الإمارات للعلاج لمصابي المليشيا داخل دولة الإمارات، وكل العالم شاهد الأسلحة والشاحنات الإماراتية التي ضبطت بأيدي المليشيا بعد تحرير المدن وكذلك الغذاءات إماراتية الصنع في جبل موية والدندر والجزيرة والخرطوم، إلى جانب تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة والذي أثبت تورط الإمارات في تسليح المليشيا وكذلك تقرير لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأمريكي، إضافة للتقارير الصادرة من معاهد وجهات مختصة وثقت لرحلات الطيران التى كانت تحمل السلاح ومساراتها وما تحتويه. والتقارير والتحقيقات الإستقصائية التى قامت بها صحف عالمية أثبتت تورط الإمارات في دعم المليشيا، ولا نستطيع في هذا الحوار حصر وذكر جميع البينات المتوفرة ضد الإمارات بخصوص الشكوى، لذلك نعتقد أن ما قدمه السودان من بينات كافي للسير في الدعوى والفصل فيها.

هل الشواهد التى قدمها السودان كافية من وجهة نظر قانونية؟

لو كانت البينات التي قدمت لا ترقى لقبولها كدليل في الدعوى لشطبت المحكمة الشكوى إيجازيًا، لذلك قبول الشكوى وتحديد جلسة الاستماع يعني أن البينات التي قدمت ترقى لتأسيس التهم التى وجهها السودان للإمارات، أما التحفظات التي جاءت بعريضة الرد على الشكوى من قبل الإمارات ولم تأخذ بها المحكمة واعتبرتها غير كافية كدفع قانوني لأنها جاءت معممة وغير واضحة من حيث التفاصيل. وهذا دليل على ضعف الفريق القانوني الإماراتي في هذه المرحلة .

قانونيًا ما هو المطلوب وعلى حكومة السودان فعله؟

المطلوب من السودان الآن مع هذا المسار القانوني أن يكون هناك مسار اعلامي موازي له بعقد مؤتمرا ت ومناشط خارجية لعكس عدالة هذه القضية وتسليط الضوء على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها هذه المليشيا والمرتزقة بتمويل ورعاية من الإمارات، مع استعراض نماذج من الأسلحة والمضبوطات الإماراتية وكذلك المستندات الخاصة بالمرتزقة الكولمبيين والتشاديين ذوي الصلة بالإمارات، من خلال تحشيدهم وتسفيرهم عبر الإمارات كما ظهر بمستنداتهم .

هل تعتقد أن المجتمع الدولي ومنظماته، بالإضافة إلى محكمة العدل الدولية سيقفون موقفًا ينصف السودان؟

فيما يتعلق بالتشكيك في محكمة العدل الدولية، وما يمكن أن تقوم به الإمارات من خلال توظيف أموالها وعلاقاتها بهذا الشأن، فهذه مسألة مستبعدة لأن قضاة محكمة العدل الدولية يتم اختيارهم بمعايير دقيقة وصارمة، وهم يتسموا بمهنية عالية وتاريخ قانوني كبير، لذلك هذا الأمر غير وارد نهائيًا والدليل على ذلك لو كانت الإمارات العربية وحلفاؤها يستطيعوا فعل شئ في هذا الإطار لما صدرت قرارات محكمة العدل الدولية في مواجهة دولة الكيان الصهيوني فيما يتصل بالشكوى المقدمة ضدها من جمهورية جنوب أفريقيا فيما يتعلق بالتدابير المؤقتة، لذلك أعتقد لن تكون هناك أي أدوار لا للمنظمات الداعمة للإمارات ولا لحفاءها لعرقلة سير الدعوى وستستمر المحكمة في نظر الدعوى وصولًا للقرار النهائي الذي سينصف السودان وشعبه بإذن الله.

ماذا يعني أن تقف الإمارات أمام القضاء الدولي؟

وقوف الإمارات أمام محكمة العدل الدولية كمتهمة بجرائم إبادة جماعية وجريمة العدوان يعتبر زلزال لمصداقيتها وسمعتها وكشف للوجه الحقيقي لها، بعيدًا عن أدوات التجميل التي كانت تستخدمها عبر الإدعاء بتولى الدعم الإنساني. فهذه الشكوى وضعت الإمارات في مكانها الطبيعي فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان، وهذا بالتأكيد سيكون له آثار كارثية تجاه الإمارات فيما يتعلق بصورتها ووضعها لدى الرأي العام الخارجي لا سيما في الأوساط الأمريكية والأوروبية المهتمة بحقوق الإنسان والتي سبق لها وأن أشارت في تقاريرها لتورط الإمارات في تسليح المليشيا. كما أنها ستفقد مصداقيتها لدى المنظمات الدولية المختصة بحقوق الإنسان. وهذه الشكوى بالتأكيد سيكون لها تداعياتها في مواجهة الإمارات في برامجها المتعلقة بالشأن الإنساني وشركاتها بهذا الشأن مع المنظمات ذات الصلة إلى جانب الرأي العام السالب الذي سيتشكل ضدها لا سيما عبر الصحف العالمية التي أثبتت في تقارير إستقصائية سابقة تورط الإمارات في دعم المليشيا، وستكون البينات والأدلة التي قدمها السودان مادة إعلامية لمواصلة كشف دور الإمارات في الجرائم التى ارتكبت ضد الشعب السوداني.

 

بما فعلته الإمارات في السودان يمكن أن يصنفها القضاء الدولي من الدول الراعية للإرهاب؟

الدول الراعية للإرهاب تسمية تطلقها وزارة الخارجية الأمريكية على الدول التي تقدم مرارًا وتكرارًا الدعم المتصل للجماعات التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إرهابية، ووفقًا للبيان الصادر من وزارة الخارجية الأمريكية في يناير 2025م في عهد حكومة بايدن بأن مليشيا الدعم السريع أرتكبت جرائم إبادة جماعية وجرائم إرهابية. وبما أن الشكوى المقدمة ضد الإمارات تقوم على اشتراكها في جرائم إبادة جماعية بدعمها وتسليحها للمليشيا التي ارتكبت تلك الجرائم فإن إثبات ذلك أمام محكمة العدل الدولية يجعل الإمارات من الدول الراعية للإرهاب.

ماهو العقاب الذي سوف تناله الإمارات مادياً ومعنوياً؟

الفصل النهائي في الدعوى بواسطة محكمة العدل الدولية يستغرق وقتًا طويلًا ، ولكن من المتوقع أن تصدر المحكمة حكمًا يتصل بالتدابير المؤقتة التي طلبها السودان والتي تعتبر من المسائل العاجلة التي تفصل فيها المحكمة قبل أن تصدر قرارها النهائي. وتشتمل تلك التدابير على صدور حكم بإلزام الإمارات بالتوقف عن دعم المليشيا، وأن تتخذ كل ما يلزم بتتفيذ هذا الأمر. كما تشتمل التدابير المؤقتة على إلزام الإمارات بتوجيه وأمر كل المسلحين الذين يتلقون منها الدعم أو لديها تواصل معهم بالتوقف عن ارتكاب تلك الجرائم وأن تقوم بكل ما يلزم بهذا الشأن لمنع مواصلة دعمها للمليشيا وارتكاب تلك الجرائم .

قراءة للشواهد والحيثيات التى قدمها وزير العدل السوداني أمام محكمة العدل الدولية في كلمته هل كانت كافية؟

عمومًا إذا أستطاع الفريق القانوني للسودان بناء قضية إتهام متماسكة واستعرض البينات والأدلة التى بطرفه وفقًا للطرق الإجرائية السليمة وبأسانيدها القانونية في هذه الحالة نضمن صدور قرار بإدانة الإمارات وأمرها بوقف دعهما للمليشيا مع إلزامها بتعويض كافة الأضرار التي نتجت عن أفعالها المدانة .