الفاشر .. المدينة الصامدة أمام ضربات المليشيا

الفاشر .. المدينة الصامدة أمام ضربات المليشيا
التجاني سيسي: لهذه (….) الأسباب لم تسقط المدينة
العدل والمساواة: نحن والجيش ندير المعركة بتكتيك عالي
أمدرمان: الهضيبي يس
لا يعلم أحد عدد المرات التي هُوجِمت فيها مدينة الفاشر إلا من هم في ميدان معاركها، التي لا تكاد تهدأ إلا لتعود من جديد بشكل أكثر ضراوة وعنفا عن سابقتها، لكنَّ بيانا صحفيا للقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح التي تقاتل مليشيا الدعم السريع على تخوم المدينة، زيارة فقدكشف عن تصديها – للهجوم رقم 180 على المدينة.
ورغم اندلاع الحرب في السودان منذ أكثر من 17 شهرا، فإن مدينة الفاشر ظلت العاصمة الوحيدة من عواصم ولايات إقليم دارفور الخمس ومدنها الكبيرة بمنأى عن القتال لشهور طويلة، عقب سيطرة الدعم السريع على المدن الأخرى.
وعزز الأمان النسبي بالفاشر أعدادا كبيرة من النازحين الباحثين عن ملاذ آمن للجوء إلى المدينة، التي أصبحت تشهد منذ أشهر اشتباكات شبه يومية بالأسلحة الثقيلة، في معارك “كسر العظم” بين الجيش، و مليشيا الدعم السريع، إذ تشير التقارير الميدانية لمقتل المئات يوميا من الجانبين على أسوار المدينة.
ومع استمرار هجوم قوات الدعم السريع وإصرارها على الاستيلاء على الفاشر، في مقابل الدفاع المستميت عن المدينة من جهة الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح الحليفة له، تبرز عديد من الأسئلة عن أهمية المدينة الإستراتيجية والسياسية والأمنية، وما تعنيه السيطرة عليها في الواقع.
ويشير الحاكم الأسبق لإقليم دارفور تجاني سيسي إن الفاشر، التي يسكنها نحو 1.8 مليون نسمة، تعد حاضرة ولاية شمال دارفور وعاصمة إقليم دارفور التاريخية بما تحمله من رمزية لأهله، ولها موقع إستراتيجي في منطقة ارتبطت تاريخيا بكل من مصر وليبيا وتشاد، وتتوسط منطقة شهدت نزاعات إقليمية امتدت لفترة طويلة.
ويصف سيسي الأهمية الإستراتيجية والعسكرية للمدينة تكمن في أنها أصبحت خط الدفاع الأول عن باقي السودان، إذ إن استمرار القوات المسلحة والقوات المشتركة بالدفاع عن الفاشر يؤمِّن ظهر مدينة الأبيض، ويخفف العبء عن عاصمة الإقليم القومية، ويعوق محاولات الدعم السريع للتمدد إلى شمال السودان ويقطع إمدادها عن وسطه.
ويقول معتصم أحمد صالح، الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة التي تقاتل ضمن القوة المشتركة الحليفة للجيش بدارفور، إن الفاشر الآن هي مقر قيادة القوة المشتركة، ومقر اللجنة العسكرية العليا لوقف إطلاق النار المنشأة بموجب بروتوكول الترتيبات الأمنية – مسار دارفور ضمن اتفاق جوبا لسلام السودان، كما أنها تعد المركز الرئيسي لتجمع قوات حركات الكفاح المسلح.
ويعتبر معتصم أن الفاشر مدينة إستراتيجية ومهمة جدا لقوات الدعم السريع، لأن سقوطها يعني إخضاع كل دارفور تحت سيطرتها، وتضمن بذلك حدودا دولية مع 4 دول هي ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، بالإضافة إلى مطار دولي مؤهَّل لهبوط جميع أنواع الطائرات.
وكان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في يوم 24 الماضي عبر عن رفضه لما تروج له قوات الدعم السريع بمقايضة انسحاب الجيش السوداني من الفاشر مقابل انسحاب قواتها من الخرطوم ومناطق أخرى.
وقال معتصم إن أهمية الفاشر لدارفور مثل أهمية الخرطوم لكل السودان، وإن “السيطرة عليها تمنح المليشيا وضعية جديدة، تستطيع بموجبها الادعاء أنها تسيطر على 80% من السودان، وتمكنها من تكوين حكومة موازية للحكومة القائمة، وسرعان ما ستجد التأييد من حلفائها” حسب وصفه.
وأضاف أن استيلاء الدعم السريع على الفاشر سيمكِّن من وصول الدعم اللوجستي لها بطريقة علنية من حلفائها أو من السوق العالمي، مما سيكسبها قوة عسكرية ودعما لوجستيا سيمكنها من السيطرة على عموم السودان.
بالمقابل قلّل رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل من الأهمية الإستراتيجية للفاشر، وقال في تغريدة على “تويتر” – إنه لا قيمة سياسية للسيطرة على المدينة، مشيرا إلى أن مليشيا الدعم السريع مسيطرة على نيالا وجميع مدن دارفور والخرطوم والخرطوم بحري، وكان في قبضتها قبل تحرير مدينة أم درمان 90% من العاصمة، ولكن ضعفها السياسي والتنظيمي منعها من تشكيل حكومة أو إدارة حتى لحظة خروجها من العاصمة.
وأفاد بأن مليشيا الدعم السريع فقدت أي مسوِّغ أخلاقي، ولم تعُد لها فرصة لأي قبول سياسي، وذلك لإصرارها على احتلال الفاشر، معتبرا أن ذلك “لا يخرج إلا من جهل وتنافس قَبَلي وعرقي فارغ” على حد قوله.
وأكد أنه في حال سيطرة الدعم السريع على الفاشر سيسهِّل عليها مهمة إعلان حكومة خاصة بها في غرب السودان، حدودها شرقا النيل الأبيض ونهر النيل، وهو ما يحقق مشروعها في تقسيم السودان وتكوين دولتها المنشودة بإكمال سيطرتها على دارفور بالكامل، وتكوين حكومة موازية للحكومة السودانية التي تمارس مهامها الآن من بورتسودان.