صهيل الخيل والنيل شكر وعرفان لدولة قطر الشقيقة وأميرها المقدام تميم بن حمد آل ثاني

 

صهيل الخيل والنيل

شكر وعرفان لدولة قطر الشقيقة وأميرها المقدام تميم بن حمد آل ثاني

شعر: صديق المجتبى
____

ها أنتَ والنيلُ في جنبيك يصطخبُ
والموجُ يَهـدُرُ والتأريخ والحقــبُ
والشَّاطئ الشَّاهد المرقوم كم كَتبَت
فيه الحضارةُ ما ضاقت به الكتبُ
يَفْنَي الزَّمَانُ وما تفني عجــائبهُ
وللفراديس هـذا النيـلُ ينتسـبُ
رَبِذَاً تدافع في الصحراء موكبه
ما نال من عزمه التَّسيار والنَّصـَبُ ١

ليـلاً تَسَـرْبَلَ بالأسـرار متشحاً
زُهرَ النجوم ، ونورُ البدر ينسكـبُ

هلَّا قرأت على محـرابه سُّــوَرَاَ
يجثو الجمالُ لـدَيْهَا حين يقتربُ
تزهـو الطـبيعة بين ضفافه ترفاً
والزهرُ أومأَ في هاماته الحـبَبُ
والنَّخـل لـوَّحَ بالتَّرحاب مبتهجاَ
والطَّيرُ عرْبَّد في أعشاشـِه الطَّربُ
************
للـنِّيل في الـنَّاس بعضٌ من سَجِيَّتِهِ
في الجُودِ والنُّبل إمّا حلّت النُّوبُ
تلقاه في لبًّةِ الصَّحْراءِ مُنْدَفِعَاَ
مِ الرّبْوَة العُـلْيا طَـوْرَاً ويَنقَلـِـبُ
مثل العُمَامَةِ فـَوْقَ رؤوسِنا حَمَلَتْ
تاجَ العُـروبةِ عِـزَّاً لـيس يُستَـلبُ

جُلبَابُناُ الأبْيَضُ الخلّابُ جَـوْهَرُنَا
بالشَّـالِ وشَّـحَنَا ذا العـلمُ والأدبُ
والنّيلُ نِّيلانِ مثل نفوسنا التحما
في الأبيضِ العَذْبِ يَصْفُـو الأزرقُ الأشِبُ
في حـوْضِهِ المَوْتُ للأعـداء ما هَجَموا
من كـفِّهِ الخَيْرُ للأحبابِ ما طَّلبُوا
إن هبّ كالمارد الجبار منتفضاَ
تنهار من حوله الأصنام والنُّصُب
************
كم خلّد الدَّهـرُ في أثارِهِ عُصُراً
زُهْرَاً تسَّـرْمَدَ في أمجادِها العجبُ

مازال يرسمُ في الشُطْآنِ لَوْحتَه
فـيها المَمَالكُ والأهـرام تنتصـبُ
فيها المليكة بنتُ النِّيلِ آسرةً
جـيشَ الغُزاةِ وجُـنْدُ الـرومِ قد هـربوا

فيها المعابدُ بالأسْرَارِ عامِرةٌ
فيها الكنائسُ في نُسًّاكِها الرَّهَبُ

فيها المآذن بالتَهليلِ صادِحَـةٌ
فيها القِــبَابُ لذِكْرِ اللهِ تنجّـذبُ

فيها الملاحِمُ والفرسانُ طائرةٌ
في الخيل تسبحُ والأعداء تنتحبُ
فيها الكَرَامَةُ معنىً دونَه مُهجٌ
إن مسَّها الضُّرُ طارت نحوه الشّهُبُ
فيها الدماء تَثَجْثَجُ دون حُرمَتِها هتَّانةَ القطرِ للأعماقِ تنسرِبُ
تُسقى الرفاة فينمو فوق تربتها
جيلٌ يُنَبِّتُ جيلاً بعدَه يـَثِبُ
نَعْتَّزُ والعِزُّ يطرَبُ حين نذكرُهُ
في ساحة الحرْب حيث الفخرُ يُطَّلَبُ

من جَنْدَلَ العِلجَ في الخرطومَ فانطفأت
شمسُ الطُغَاةِ، وظنوا ما لَهم غَلَبُ
************
ذي لوحةُ الثائرِ المهديِّ منتصراً
مِنْ حَوله الجيشُ فيه العُجْمُ والعَرَبُ ******

وقفتُ مُحْتَشِدَاَ كُلَّي أمامكمو
تغلي العروبة في عرقي وتَلتَهِبُ

والخيل تصهلُ في نَبْرِي وقافِيَتي
كالنُّوق تركض لا ينتابها الوَصَبُ

والشعرُ يطفرُ وثاباَ يسابقني
يزجى التحية وشَّى حَرْفَهُ الذَّهبُ
مرحى “حبابك” يابن أرومةٍ سمقتْ
من دَوْحَةِ العُرْبِ حيث يُعَرَّقُ النَّسَبُ

كالتِّـبر مَحْـتِدُهُ في النَّارِ مُمْتَحَنَاً
بادي الوَضَاءَةِ ما في عِرْقِه وَشَبُ
نور العروبةِ في عينيه مؤتلقٌ
من جّذم عدنان حيث المجدُ يُنْتَقبُ
كم شاد في البحر أجدادٌ لهم سُفَنَاً
مِثْلَ الجِبَالِ عليها عسكرٌ لَجِبٌ
كم قاوم الموجَ أسطولٌ لهم حملت
فيه السفائن جُندَ الله يلتحبُ
فيه الكرائم من نوق مُعَصْفَّرَةٍ
سبَّاقَةِ الريحِ، فيه خيلها النُجُبُ
فيه النِّصال وفيه الرُمحُ مرتهفاَ
فيها القتير وفيها السَّرْجُ واللَّبَبُ
فيها الفوارسُ كالعُقبان إن طُلِبُوا
طاروا إليكَ وكلّ الأرض تضطَّربُ
يا بنت يَعْربَ هلْ أهْدَيْتِنَا بُرُدَاَ
من غَزْلِ كفيكِ للعظماء تنتخبُ

حُلَلُ النَبِيِّ ومِنْهَا ثَوْبُ عائشةٍ
زىُّ الملوك وكم من نَسْجِهَا جلبوا ٣

والخَيْرُ مِنْ كَفِّهَا المِعطاءِ مُنْهَمِرٌ
في الخَّصْبِ والمَحْلِ فَهْيَ البَحْرُ والسُّحُبُ
************
طارت لغَزّةَ تحت القصف والتحمتْ ببني العروبة والنيرانُ تَلْتَهِبُ

حلَّ الأميرُ بأرضٍ كان حّرَّمها
حُكُم اليهودِ وهم لترابها اغتصبوا ٤
كم ناشدوا العُـرْبَ كادَ اليأسُ يَقْتُلُهُم
هلُ في العُرُوبَةِ أمٌ منهمو وأبُ؟
هبَّ الأميرُ إليها وهي صارِخَةٌ
إذ غــيرُه اعـتادَه التـنديدُ والخُـطَبُ

حَمَلَ الإغَاثَةَ للطَّـاوِيْنَ مِنْ زمنٍ
والدُّورُ تُقْصُفُ والأعْـرَاضُ تُغْتَصَبُ

والنَّاسُ تَنْظُرُ والأهْوَالُ دَائرَةٌ
والشَّعْبُ يَهْتِفُ والرُؤسَاءُ قد شَجَبُوا
***
ظلَّ الأميرَ شريكَ بلادنا محناً
لو طالتِ الشمسَ مِنْهَا الشمسُ تَحْتَجِبُ
دارفور تشهد كيف وقـفتمو سنداً
في شدة البأس وَجْهُ أديمها شَحِبُ
والحَرْبُ تَنْهَشُ في أحشائها زَمَنَاً
والموتُ خيَّمَ والتدميرُ والُرُّعُبُ
واجْتَاحَهَا الفَّقْرُ كانت قبلُ مملكةً
عَبْرَ القرونِ وجادت دورها الرُّحُبُ
ترعى الحَجِيجَ وتُزْجِي بعد ُ مَحْمَلَهَا نَحْوَ الحِجَازِ تَنُوءُ بِحَمْلهِ الرُكُبُ

دارفورُ في أمةِ الإسلامِ جوهرةٌ نِعمَ البلادُ ونعمَ الدين والنسبُ
هـبّ الأمـير إليها راعـياَ ذمماً في سِفْرِهَا الزَّاخِرِ الوَضَّاءِ تُكْتَتَبُ
رَدَّ الجـميلَ إليها وهي كمْ صَنعَتْ ذاك الجَمِيلَ وكمْ حُكَّامُهَا وَهَـبُوا
والخِلُّ في الكربِ والبأساء تعْرِفُهُ
إذْ ليس يُثْنيه عَنْ إقْدَامه سَبَبُ
والحًرُّ والحرُّ وثَّقَ بينهم خلقٌ ،
أنَّ الكَرِيمَ لأَهْل الفَضْل يَنْتَسِبُ
يَحْيَا الكِرَامُ وتَحْيَا أُمةٌ تَخَذَت
مِنْهَا الكِرامَ سَرَاةً حين يُنْتَدَبُوا
(إنما الأمُم الأخلاق ما بَقِيَتْ
فإن هُـمُو ذهَـبَتْ أخْلَاقُهُمْ ذَهَبُوا)

صديق المجتبى
قاعة الصداقة
ألقيت في حفل استقبال ضيف البلاد الكبير أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني
في يوم ١٤فبراير ٢٠١٤م

إشارات :
1: رَبِذاً : أي سريع الخطى
2: ثجثج : صب أو سكب قال تعالى
﴿وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡمُعۡصِرَ ٰ⁠تِ مَاۤءࣰ ثَجَّاجࣰا﴾ [النبأ ١٤]
3: كانت قطر مشهورة بصنع السفن وورد أن أول اسطول عربي اسلامي انطلق منها لمحاربة الإمراطورية البيزنطية على عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه.
3: لجب: شديد الصخب والهياج تعلو أصواتهم بالتكبير والتهليل والتهديد والوعيد للعدو
4: يلتحب : سلك الطريق الواضح للقتال
5 : النوق المعصفرة : أي من سلالة النوق العصافير وهي نوع نادر من الإبل لونها ضارب بين الياض والحمرة
6-جاء في الحديث عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَهُوَ يَتَّكِئُ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ
قِطْرِيٌّ»
أهداها له القطرين عند دخولهم الاسلام، وكانت قطرُ تُشْتَهَرُ بصناعة النسيج وبناء السفن وصناعة الرماح والسيوف واشتهرت بامتلاك الإبل القوية الأصيلة وانطلق من ميناء قطر أول أسطول عربي شارك في أول معركة بحرية مع الروم على عهد سيدنا عثمان بن في عفان . وقد كان لأساطيلهم الفضل في انتصار المسلمين على الإمبراطورية الرومية البيزنطية في معركة ذات الصواري على عهد الفاروق عمر بن الخطاب .