
د. حسن التجاني يكتب: مدرسة حسين خوجلي..!!
وهج الكلم
د. حسن التجاني
مدرسة حسين خوجلي..!!
+ الأستاذ حسين خوجلي صاحب مدرسة الألوان، زول جميل في كل شئ في ذوقه وأدبه وأخلاقه ومظهره ومفرداته، إذا كتب سمحا، وإذا تحدث سمحا، وإذا علق أبدع وعدل.
+ حسين ود الشرفة وأم درمان. بس أنا حدودي لغاية هنا، لو تقدمت لإحترقت جهلا وغرقا في بحر هذا الإنسان وتفاصيله.
+ رحم الله الشاعر عمر بشير ود شندي المغاوير، كان صديق لي وكاتب بصحيفة ألوان في عهدها الذهبي، وعلاقته طيبة جدا بالأستاذ حسين، وكنت طالبا قادم من ولاية كسلا أبحث عن مكان أنشر فيه قصاصات كتبتها،
الحقيقة ما كتبتها لكن لصقتها لصيق ما أي زول كان بقدر يكتب والأستاذ حسين بكتب … لا لا لا .. حسين مدرسة مهيبة وقلم سنين وفكر متقد وفلسفة وأدب وفن.
+ تولى أمر قصاصاتي الأستاذ عمر بشير وتوسط بيني والحسين وكنت ميال للكتابة في السلوك الإجرامي ماعارف ليه وحينها لم أنتسب للشرطة بعد. كانت بالصحيفة صفحة أسبوعية تخصصت في الجريمة، صفحة اجتماعية، كانت أمنيتي بس أقرأ إسمي فقط في صفحة من صفحات ألوان. وبالفعل كل ما كتبت تم اختصاره في سطور لا تتعدى السطرين. ياخ ناس الهندي عز الدين ويوسف عبد المنان والعمالقة الذين الآن في عالم الصحافة كانوا محررين بألوان. وصلاح دندراوي وصديق عبد الله، طبعا ما حا أذكر كل الزملاء، هؤلاء نماذج فقط على عهد بداياتي بألوان.
+ ظهرت لي في اليوم الثاني قصاصة بإسمي وصورتي، كانت فقط رأس مقطوعة. كم غمرتني السعادة وتهللت أساريري وكأني أملك الدنيا ومافيها. مجرد أن كتب إسمي وصورتي على صحيفة ألوان. ومن ديك وعيييك.
+ هذه المقدمة هي سرد لكيف بدأت قصتي مع الصحافة، لكن قصدت أن أعكس جزء بسيطا من مدرسة الأستاذ حسين التي تعلمنا فيها كل شئ وأي شئ.
+ أستاذ حسين زول راقي، أصلا ما ممكن يحرج زول، ومستحيل يحبطك أو يقلل من امكانياتك أيا كانت. ولو كان يعلم أنها إمكانيات فاقد تربوي. بنى فينا ثقة عجيبة وأدانا طاقة معنوية عالية جعلتنا نواصل في مسار الإعلام إلى يومنا هذا. ونتشرف ونتجدع أننا من مدرسة الأستاذ حسين خوجلي.
+ عمالقة الصحافة السودانية الآن المنتشرين في البلاد وخارجها هم خريجي مدرسة ألوان: (أستاذ الرزيقي، الهندي عز الدين، يوسف عبد المنان، أحمد عبد الوهاب، عبد الماجد عبد الحميد، أسامة عبد الماجد، رقية أبو شوك، فراج الطيب الإبن، المرحوم زكريا حامد، أحمد شريف، الطاهر ساتي، عثمان شبونة، وأستاذة إشراقة الشفتة، البصير، كمال عوض الدينمو الصامت. و(فنان الرصة حسن دلوك). كل هؤلاء لكن المساحة لا يمكن أن تجمعهم جميعا. لكن والله بعدها ما لقيت صحفي متميز يعمل بالصحف إلا وكان من مدرسة العملاق حسين، مدرسة ألوان.
+ أسلوب حسين الإعلامي والتدريبي كان يشجعك على الإقدام ويتيح لك كل الفرص، وإنت وشطارتك. ممكن يحول ليك كل صفحات الصحيفة بس تنجح وتفلح. يقول ليك أمشي تغلغل في السوق، استخدم بطاقة ألوان، شيل الإسم جيب اعلانات، أعمل حوارات، المهم تتميز بتميز ألوان. وكنا نتابع ما يكتب حسين يوميا ونسمي زاويته بالبرش، أو هكذا وجدناها مسماه، كانت بالفعل صفحة كاملة يغلق لها الأستاذ حسين الأبواب بمكتبه وكباية شاي أخضر. بالمناسبة اول من شربت عنده الشاي الأخضر كان الأستاذ حسين، وكان يروج له بصورة جميلة تجبرك مستحسنا تناوله، وأدمناه بعد ذلك ظنا منا أن إبداع حسين الذي فيه هذا بسبب تعاطيه الشاي الأخضر.
+ بعدها جاءت ثورة الإنقاذ وجاءت معها عدة صحف السودان الحديث، ناس الأستاذ فتح الرحمن النحاس صحيفة الإنقاذ أفتكر، والمرحوم الأستاذ الهرم محي الدين تيتاوي. كانت لنا أيام مازلت أطراها ليتنا عدنا وعادت الأيام. رحم الله عثمان حسين وذلك الزمن الجميل.
سطر فوق العادة:
+ مهما اجتهدت أن أكتب عن أستاذ حسين لا يحالفني الحظ والتوفيق. فحسين مدرسة عالية الأسوار، لا يعرف ما بداخلها إلا شخص بقامة حسين، وهذه الشخصية نادرة غير متوفرة في الأسواق الصحفية والأدبية اليوم. فالسماح أستاذ حسين لو شوهت مفردات الكتابة إليك، وطارت مني كل الكلمات التي حفظتها للكتابة عنك. دمت أستاذي حسين مفخرة وبوابة للإعلام السوداني، ومعلما للأجيال.
والله أنا أعرف عن أستاذ حسين معلومات تؤلف كتاب كامل، ولكني عجزت عن كتابة مقال كان قد علمنا إياه، كان يقول لنا ليس كل من هب ودب وادي أنه صحفي يمكن أن يكتب عمودا فللعمود ضوابط وأركان لا يعرفها كل شخص وإذا لم تكن بالعمود لسعة كالصودا على اللسان، فهذا مقال فطير لا يصلح عمود. بارك الله لنا في حسين وبارك لنا في أعمارنا لننهل منه أكثر وأكثر.
(إن قدر لنا نعود).