ساعة سمر

ولألوان كلمة

حسين خوجلي

ساعة سمر

كتبت مقالا بعد الحزن الكبير الذي لف السودانيين بعد سقوط النهود مليئاً بالحزن والأسف والدموع والتوجع وقلت في نفسي بعد أن أنهيته ما قاله الشاعر
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَذِّبُ قَلبَهُ
أَقصِر فَإِنَّ شِفاءَكَ الإِقصارُ
نَزَفَ البُكاءُ دُموعَ عَينِكَ فَاِستَعِر
عَيناً لِغَيرِكَ دَمعُها مِدرارُ
مَن ذا يُعيرُكَ عَينَهُ تَبكي بِها
أَرَأَيتَ عَيناً لِلبُكاءِ تُعارُ
فقررت أن أبدلها بهذه الاتكاءة من الاختيارات والتعليقات عليها وأسميتها ساعة سمر وغدا نعاود بأذن الله.

“ناشطو السوشيال”

هنالك تفرقة صائبة تنسب الى ابوبكر الوراق المتصوف ما بين العوام (الجماهير) والغوغاء فقد قال: (عوام الخلق هم الذين سلمت صدورهم، وحسنت اعمالهم، وطهُرت ألسنتهم. فاذا خلوا من هذا فهم الغوغاء لا العوام) وغوغاء هذا الزمان ( بعض ناشطي السوشيال ميديا) الذين لا يخافون من انفسهم ولا يخافون من الناس ولا يخافون من الله.

“قمة الأرض”

من المقولات الساحرة المتداخلة ما بين صحة البيئة وصحة الاخلاق قول أحد المتصوفة ( الصوفي كالأرض يُطرح فيها القبيح فلا يأتي منها إلا المليح) .

“شجرٌ وشباب”

عن أنس بن مالك قال: ( سبعة يؤجر فيهن الانسان من بعده (يستمر الأجر عليها بعد وفاته):
بناء مسجد- حفر نهر- استخراج ينبوع- غرس اشجار- تعليم علم- كتابة مصحف- ترك ولد صالح)
ولو قُدر لي أن اختار اثنين من وصايا سيدنا أنس بن مالك لاخترت للسودانيين زراعة الاشجار من الفاكهة والصمغ العربي محاربة للجفاف والتصحر واغتناما للعملة الصعبة، والولد الصالح المنتج لمحاربة البطالة وانقاذ العباد ورد كيد الخواجة وسوءة اليد السفلى، وفوق ذلك يرابط عن الفاشر الباسلة أو أسترداد النهود.

“شحاذ مثقف”

الشحاذون السودانيون لا يبذلون أي جهد عضلي أو فكري لنيل صدقات الآخرين فهم إما جلوسا يسدون الطريق أو يرددون وقوفا عبارة مكررة لا روح فيها ولا اجتهاد.
عزيزي القارئ فإن قابلت أحدهم فأرجو أن تقرأوا عليه حكاية هذا الشحاذ البغدادي المثقف والمحلل الاقتصادي. فقد أورد الاصفهاني في كتاب الأغاني أن شحاذ بغداد في خلافة المهدي كان ينادي على الجسر:
(اللهم سخر الخليفة لأن يُعطي الجند أرزاقهم، فيشتروا من التجار ويربح التجار، فتكثر أموالهم فتجب فيها الزكاة فيتصدّقوا عليّ منها) فمن يتبرع بابلاغ الفريق أول الركن البرهان بهذه الحكاية الموحية اللطيفة.

 

“السودان بين العمرية والمارونية”

أكثر ما يعجبني في الأمويين الوضوح في الحرب والسياسة والاقتصاد ومن عجائب ما قرأته أن معاوية ولى مروان بن الحكم على المدينة فحدثه علماؤها حول السياسة المالية في العهد الراشد فقالوا: ( إن المال مال الله وقد بين الله قسمته فوضعه عمر بن الخطاب مواضعه
فقال: إن المال مال أمير المؤمنين معاوية يقسمه فيمن يشاء ويمنعه ممن يشاء)
نحي أو إستقال مجموعة من وزراء المالية في بلادنا ونعرف لأي المدرستين كانوا ينتمون للفاروق أم لمعاوية أم لصندوق النقد الدولي؟

“ضد التدين الشكلاني”

في شرح نهج البلاغة جاء فرقد السبخي (متصوف) إلى الحسن البصري وعلى الحسن مطرف خز (بلغة اليوم قطن على بوليستر) فجعل ينظر اليه وعلى فرقد ثياب صوف فقال الحسن: ما بالك تنظر إلي وعلي ثياب اهل الجنة وعليك ثياب اهل النار؟ إن أحدكم ليجعل الزهد في ثيابه والكبر في صدره فهو اشد عجباً (اعجابا) بصوفه من صاحب المطرف بمطرفه.

“أوسلو والأخريات”

من النصائح التي لم ينتبه لها أبو عمار في اتفاقاته مع الاسرائليين نصيحة سيدنا علي بن أبي طالب فقد قال كرم الله وجهه ( الوفاء لأهل الغدر غدر، والغدر بأهل الغدر وفاء)

“جئتُ لأتمم مكارم الأخلاق”

تقول الرواية اًن النابغة الجعدي الفارس الشاعر كان مخضرما حيث عاش في الجاهلية والاسلام وله ابيات تكتب بماء الذهب إذ انه كان يستنكف استرقاق الأسرى حيث يقول عليه الرضى والقبول:
مَلَكنا فَلَم نَكشِف قِناعاً لِحرَّةٍ
ولَم نَستَلِب إِلاَّ القِنَاعَ المسمَّرا
وَلَو أَنَّنا شِئنا سِوى ذاكَ أَصبَحَت
كَرائِمُهُم فِينَا تُباعُ وَتُشتَرى
وَلكنَّ أَحساباً نَمَتنا إِلى العُلى
وَآباءَ صِدقٍ أَن نَرُومَ المحقَّرا

“العهدة على الراوي”

من ألطف الفروقات التي قرأتها بين البعث العراقي والبعث السوري ما ذكره الجاحظ في علة عصيان أهل العراق على الأمراء وطاعة أهل الشام.
قال: ( إن أهل العراق أهل نظر وذوو فطن ثاقبة. ومع الفطنة والنظر يكون التنقيب والبحث. ومع التنقيب والبحث يكون الطعن والقدح والترجيح بين الرجال والتمييز بين الرؤوساء واظهار عيوب الامراء. وأهل الشام ذوو غفله وتقليد وجمود على رأي واحد، لا يرون النظر ولا يسألون عن مغيِّب الاحوال) هذا ما قاله الجاحظ عن البعث في العراق والبعث في سوريا وليس أنا.

” المكتولة ما بتسمع الصايحة ”

في الحديث النبوي: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فاذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) صحيح مسلم
تُرى هل أدرك الخونة وبائعي ضمائرهم بثمن بخس للتمرد من أبناء كردفان أي منزلق أدخلوه فيه أهلهم ومناطقهم؟ أم أن (المكتولة ما بتسمع الصايحة)؟