الخوارج الجدد يملأون الأفق وليس لهم واصل بن عطاء!

ولألوان كلمة
حسين خوجلي
الخوارج الجدد يملأون الأفق وليس لهم واصل بن عطاء!
في معركة الكرامة يحتاج الشعب للجيش وللمقاومة الشعبية وللمجاهدين وللسند المخبوء والمعلن من الرجال والنساء. لم تنته الحرب بتحرير الخرطوم، وإنما بدأت الحرب بها حيث انتقلت العصابة من مربع الهزيمة إلى مربع الجريمة.
ومثلما نحتاج في هذه المعركة للطليعة والنخبة من المقاتلين القادة الموشحين بالتجربة والعلم العسكري، فكذلك نحتاج للعلماء والفقهاء والفلاسفة والمفكرين لمجابهة الأعداء من أهل المخابرات وخوارج العصر بالداخل والخارج وإعمال الفكر والحيلة في مواجهتهم لا يقل مضاء ونجاعة من مجابهة الأعداء بالسلاح.
ومن الحكايات التي لا زالت في الذاكرة حكاية العالم الفقيه ومؤسس طائفة المعتزلة واصل بن عطاء الذي كان تلميذا للإمام حسن البصري، وقد اختلف معه في بعض المسائل فإتخذ له دائرة علم بجوار دائرة أستاذه الكبيرة. فقال الحسن البصري في حزن عندما رأى تلميذه بعيدا، وكانت له محبة لتلميذه (اعتزلنا واصل) فتسموا من يومها بالمعتزلة.
وبصراحة كان لنا حب خاص في دراسة الفلسفة لفكر المعتزلة وكنا نعدهم من أهل العقل في الإسلام. ومن أشهرهم الإمام المفسر الزمخشري، والكاتب المؤرخ الظريف الجاحظ، وبقية العقد الفريد.
ومن الحكايات المؤثرة الموحية لواصل إبن عطاء حكايته مع الخوارج حين أسر ومعه جماعة من المسلمين كانوا في سفر وترحال. وعندما أحاطوا بهم وكان في الخوارج شدة وشراسة، قال واصل لأصحابه (دعوهم لي). وحين أشهروا السيوف أشهر علمه. وصاح الخوارج بصوت فيه سطوة وتهديد: (من القوم؟) فأجاب واصل نحن قوم من المشركين! ولو اعترفوا بإسلامهم لقتلوهم.
قال واصل نحن نطلب إجارتكم. فقال الخوارج نعم، لكم ذلك. قال واصل نريد منكم أن تعلمونا مما علمكم الله، وكان يريد أن يستشهد بالآية (وإن أحد من المشكرين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)، قال الخوارج أنتم آمنون فإنطلقوا في حال سبيلكم بسلام. قال واصل لا لن نبرح حتى تبلغوننا مأمننا وكان يريد تذكيرهم ببقية الآية (ثم أبلغه مأمنه) فإلتفت الخوارج إلى بعضهم وقالوا لقد صدقوا! ثم ساروا معهم في حراسة مشددة طوال الطريق بلا أجر حتى وصل عطاء وجماعته إلى حيث يريدون.
عزيزي القاريء إن الخرطوم وبورتسودان ونيالا وإنجمينا ونيروبي وجوبا وبانغي تعج بالخوارج من كافة الملل والنحل، هي معركة أخطر من معركة الكرامة فهل في صفوفكم واصل بن عطاء الجديد؟!.