قاعدة فلامينغو البحرية .. صمود في وجه مسيرات المليشيا وأعوانها

أنشئت في مطلع الستينيات وكان من المتوقع أن تديرها روسيا حديثًا

 

قاعدة فلامينغو البحرية .. صمود في وجه مسيرات المليشيا وأعوانها

 

أمدرمان: الهضيبي يس

تعد البحرية السودانية إحدى الوحدات المهمة التابعة للجيش السوداني، وتضم مرابض للسفن الحربية وكتيبة للضفادع البشرية ووحدات الرادار والمراقبة التي تخضع المياه الإقليمية للمتابعة الدائمة، بجانب سفن حربية وسفن مهام وقوارب حربية وقوارب إنقاذ واتصالات. كذلك مثل ظهور القائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في قاعدة فلامنغو البحرية بولاية البحر الأحمر الساحلية حدثًا مهمًا سلط الأضواء على أهمية المكان الذي إتخذه منصة لتوجيه حزمة من الرسائل المهمة في خضم الحرب ضد مليشيا الدعم السريع.

ولأنها مثلت ساحة صراع روسي أميركي قوي، فإن البرهان حرص على القول – من قاعدة فلامنغو – إن الجيش يقاتل في هذه الحرب دون ظهير، في إشارة لعدم تلقيه أي دعم خارجي، وذلك بعد صمود قاعدة فلامنغو عقب تعرضها للاستهداف عبر مسيرات خلال الأيام الماضية تبنتها مليشيا الدعم السريع.
بالمقابل أنشئت قاعدة فلامنغو البحرية مطلع الستينيات إبان حكم الرئيس الأسبق إبراهيم عبود الذي كان أيضًا قائدًا عامًا للجيش، وهو أول رئيس عسكري يحكم السودان بعد الاستقلال، الذي ناله عام 1956. وقد جرى تحديثها سبعينيات القرن الماضي على يد يوغسلافيا.
عكس الصراع الروسي الأميركي للسيطرة على البحر الأحمر قدرًا كبيرًا من أهمية هذه القاعدة البحرية، إذ كانت مسرحًا لشد وجذب قوي بينهما منذ عام 2021.
ففي أوائل مارس من العام وصلت سفن من البحريتين الأميركية والروسية إلى السواحل السودانية. وعمدت السلطات البحرية السودانية وقتها لتخصيص مرسى للمدمرة الأميركية “يو إس إس ونستون تشرشل” التي وصلت بورتسودان بعيدًا عن الفرقاطة الروسية “أدميرال غريغوروفيتش” التي وصلت الميناء ذاته قبلها بأيام وبدأت في إنزال معداتها لإنشاء قاعدة عسكرية.
ووقعت موسكو مع حكومة الرئيس المعزول عمر البشير عام 2017 اتفاقية تسمح للبحرية الروسية بإقامة قاعدة عسكرية في بورتسودان والاحتفاظ بها لمدة 25 عاما، مع تمديد تلقائي لمدة 10 سنوات في حال لم يعترض أي من الجانبين.
وبعد إنزال الفرقاطة المعدات وصلت رتب رفيعة من الجيش الروسي مطار بورتسودان، وأنزلت مزيدا من الآليات وسيارات الحماية وقوات بين 70 و80 عنصرًا، وبدأ العمل بالقاعدة مباشرة بإنشاء مبان سكنية ومكاتب وتسوير المنطقة الشمالية من قاعدة فلامنغو.
وبالفعل نشرت الجريدة الرسمية الروسية يوم 9 ديسمبر من العام 2020 نص اتفاقية الجانبين حول إقامة قاعدة تموين وصيانة للبحرية الروسية على ساحل البحر الأحمر، بهدف “تعزيز السلام والأمن في المنطقة”.
وحسب ما جاء بمقدمة الاتفاقية، فإنها لا تستهدف أطرافًا أخرى، كما تقرر أن يحصل السودان مقابلها على أسلحة ومعدات عسكرية.
ونصت هذه الاتفاقية على إقامة منشأة بحرية روسية بالسودان قادرة على استقبال سفن حربية تعمل بالطاقة النووية، وقادرة على استيعاب ما يصل إلى 300 عسكري ومدني.
كما يسمح للمنشأة استقبال 4 سفن في وقت واحد، وتستخدم القاعدة كذلك في عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد والتموين، وتكون مكانا يمكن أن يرتاح فيه أفراد البحرية الروسية.
وبموجب الاتفاق، تقدم الخرطوم الأرض مجانًا ولموسكو الحق في جلب أي أسلحة وذخيرة وغيرها من المعدات التي تحتاجها عبر مطارات وموانئ السودان لدعم المنشأة. ويمكن لحكومة السودان استعمال أرصفة المنشأة بموافقة الجانب الروسي.
ووقتها ذكرت روسيا أن هذه المنشأة الجديدة ستسهل كثيرًا عمليات الأسطول البحري الروسي بالمحيط الهندي، إذ سيكون بمقدورها تبديل طواقم القطع البحرية المنتشرة بالمحيط الهندي عبر نقلهم جوا إلى السودان.

وأضافت بأن أنظمة دفاع جوي في المنشأة ستكون موجودة بهدف حمايتها ومنع تحليق الطيران بأجواء القاعدة. وأواخر أبريل 2021 أعلن السودان على لسان رئيس هيئة أركان الجيش الفريق محمد عثمان الحسين تعليق العمل بالاتفاق مع موسكو حول القاعدة البحرية لحين مصادقة الهيئة التشريعية عليه، كما تحدث عن أن هذه الاتفاقية تخضع للمراجعة.
وبالفعل، تم تفكيك المنشأة الروسية وسحب جميع معداتها من قاعدة فلامنغو البحرية. لكن حين زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخرطوم في شهر فبرايَر 2023، وقال إن موسكو مازالت في انتظار موافقة المؤسسة التشريعية بالسودان على إنشاء القاعدة البحرية الروسية في البحر الأحمر.
وكان البرهان قال -في مقابلة تلفزيونية خلال شهر يونيو من العام 2021- إن الخرطوم لم تلغ الاتفاق على إنشاء القاعدة البحرية الروسية بالبحر الأحمر، كما تحدث عن عدم وجود ضغوط أميركية بهذا الصدد. وقال أيضًا “يجري التفاهم على كيفية صياغة هذا الاتفاق، في كيفية اعتماده بواسطة الجهات المسؤولة، كالمجلس التشريعي والسلطات الأخرى المشاركة في الفترة الانتقالية”.