المشهد الأول: وما زال البحث عن المعز وسيفه وذهبه جاريًا يا ياسين

ولألوان كلمة

حسين خوجلي

المشهد الأول: وما زال البحث عن المعز وسيفه وذهبه جاريًا يا ياسين

بعد المصالحة الوطنية عام 77 بين الجبهة الوطنية مع نميري التي كانت تضم حزب الأمة والإتحادي الديمقراطي والحركة الإسلامية، دخلت قيادات الجبهة مختلف المؤسسات المايوية وقد تقلد يومها الأستاذ الراحل يس عمر الإمام منصب رئيس مجلس إدارة صحيفة الأيام. وقد قابلته في تنوير طلابي، وكنت حينها على أعتاب الدخول للجامعة، فحدثني عن زيارة قام بها للبنان الشقيقة، وفي اجتماع مع الصحفيين ببيروت قال لهم معاتبًا: لماذا تتصدر قضايا السودان السالبة خطوطكم العريضة في الصحف وأغلفة المجلات وتتجاهلون قضاياه الموجبة، وتجعلون من خطأه دائمًا خطيئة؟. فرد عليه سليم اللوزي أو فريحة لا أذكر بقوله: (بصراحة يا أستاذ يس إن الأنظمة العربية تتعامل معنا بمسلك الترغيب والترهيب، وأنتم لا تملكون ذهب المعز ولا سيفه).
فقلت معلقًا: والله يا أستاذ يس إن هذه البلاد عامرةٌ بالمال والرجال، ولكن ينقصها الخيال الذي منعنا من أن نبايع (المعز) حتى نقلده سيفنا للمنازلة وذهبنا للإستثمار.
وعندما أصدرت (ألوان) بعد تخرجي من الجامعة، ذكرت الحادثة وكتبتها ووثقتها، وإن كانت قبور الصالحين تعي وتسمع الشكوى فإني أرسلها فجرًا: عزيزي يس ما زلنا نبحث عن المعز المستحيل، وقد أحالت المؤامرة ذهبنا ثمنًا لشراء هزيمتنا وحولت أبنائنا لمرتزقة وقتلة ومغتصبين (والعياذ بالله).

المشهد الثاني: وإن تحررت كردفان فلا خوف على السودان

كانت الخطة (أ) لعصابة دقلو، وعصابة مادبو، وعصابة مختار بابو نمر، وعصابة برمة ناصر، وعصابة حمدوك المدنية، وبأمر من سيدهم الأجنبي أن يحكموا السودان بالترغيب والترهيب والحيلة عبر مخطط الإتفاق الإطاري والتمديد عشرة سنوات لقوات الدعم السريع بعيداً عن إمرة الجيش واتباع القوات المسلحة لرئيس الوزراء، العميل المشترى، والعامل تحت أوامرهم وسيادتهم.
فلما أحبطت القوى الحية من أبناء شعبنا وجيشنا المؤامرة، لجأوا للخطة (ب) بإنقلابهم الآثم، حيث ضربوا القاعدة الجوية بمروي واستلموا بالقهر كل المواقع الإستراتيجية بالعاصمة، وألقوا القبض على كل القيادات الأمنية والعسكرية والشرطية، وحاصروا القيادة العامة، وحاولوا اغتيال القائد العام للقوات المسلحة، ولكن العناية الإلهية وحدها التي حمت الشعب من مخططهم الآثم، وهُزموا من حيث لا يشعرون ولا يصدقون.
وانتقلوا بعدها للخطة (ج)، فقد أصدر سيدهم الظلامي أوامره للمتبقي من جراد المرتزقة لينهبوا كل الممتلكات العامة والممتلكات الخاصة، وتدمير كل البنية الأساسية لتجربة سودان (56)، وفرض شرعيتهم الخبيثة لإفقار الشعب وفرض النزوح.
وبعد أن فقد المواطنون ممتلكاتهم لاذوا نازحين لا خوفاً على الأغراض ولكن خوفاً على الأعراض.
ثم لجأوا أخيراً للخطة (د)، فبعد أن فقدوا السلطة ونهبوا الثروة وفرضوا النزوح وملأوا أفئدتهم الحاقدة بالإغتصاب والإغتيال وأسر الأحرار، قرروا بما سرقوا وبما وهبهم الأجنبي الأعجمي، والعربي الطامع أن يشتروا المسيرات الإستراتيجية العمياء التي فرضت الإظلام على الشعب بضرب كل موارد الطاقة والمياه، وكل المطارات والمشروعات الحيوية، ومعاقبة أحرار هذا الشعب الصامد وحرائره العفيفات، وشبابه الناهض المقاتل المجاهد، وحيل بينهم وبين ما يشتهون ولم يبق لرئيس العصابة إلا حملة الميديا الكذوب التي يديرها المرتزقة والهاربون والعملاء بدراهم معدودة ومقار مغطاة برقش الخيانة وكساء السقوط.
وكان آخر الحملة، العبارة الشهيرة: (ورغم أن الظلام قد غطى المدن بجريمة المسيرات، إلا أنهم مع بزوغ الفجر كانوا يصلون ويزرعون الأمل ويقتسمون بليلة المباشر ويصوغون لوحة الحياة القادمة).