قمة بغداد .. الموقف العربي والافريقي .. الإقرار بمؤسسات الدولة الشرعية

تقرير: مجدي العجب
وضح جليًا في القمة العربية التى عقدت بالعاصمة العراقية بغداد أن الموقف العربي داعم بقوة لمؤسسات الدولة السودانية الشرعية، حيث جاءت كلمات قادة الدول وهي تحمل رفض إنشاء حكومة موازية للحكومة الشرعية، الأمر الذي وضع دولة الإمارات الداعمة لمليشيا الجنجويد في حرج بالغ. وقد إنعكس ذلك على موقف الإتحاد الأفريقي وتصريحات رئيس مفوضيته التي حملت رسائل إيجابية وربما عودة السودان للإتحاد الأفريقي قريبًا .
+ أزمات حادة:
و قال الأكاديمي والمحلل السياسي د. محمد تورشين أن القمة العربية الثالثة والثلاثون في بغداد جاءت في لحظة فارقة من تاريخ المنطقة، حيث تشهد دول عديدة أزمات حادة، وعلى رأسها السودان الغارق في حرب أهلية مدمّرة منذ أبريل 2023. وأضاف تورشين في حديث خص به (ألوان): طغى الملف السوداني على أعمال القمة، سواء في الكلمات الرسمية أو في الكواليس، لما يحمله من دلالات تتصل بتهديد الإستقرار الإقليمي وإمكانية تكرار سيناريوهات التفكك والفوضى في دولة محورية في القرن الإفريقي. وزاد: شكّلت كلمة ممثل السودان لحظة لافتة في مجريات القمة، إذ تميّزت بصراحة شديدة إزاء عمق الكارثة الإنسانية والإنهيار المؤسسي الذي يشهده السودان، مع تحميل غير مباشر لبعض الأطراف الإقليمية مسؤولية تأجيج الصراع عبر الدعم غير المتوازن للأطراف المتحاربة. ودعا ممثل السودان إلى موقف عربي أكثر شجاعة يتجاوز الإدانات العامة نحو آليات تنفيذية حقيقية تضمن وقف إطلاق النار ومحاسبة المتورطين في الإنتهاكات، إضافة إلى دعم المسار السياسي الذي ترعاه الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الإتحاد الإفريقي، الإيغاد). وأضاف: غير أن ما أفرزته القمة من مواقف كشف عن عمق الإنقسام العربي إزاء الملف السوداني. فمن جهة، أعادت مصر والسعودية التأكيد على دعم وحدة السودان ورفض التدخلات الخارجية، مع التشديد على أهمية دعم الحلول الإفريقية. بينما دعت الجزائر وقطر إلى تحرك عربي أكثر استقلالية، مع التركيز على إطلاق حوار وطني سوداني شامل. وذهب في حديثه: أما الإمارات، فقد جاء موقفها ضبابيًا، يفتقر إلى الوضوح رغم ما أبدته من قلق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية. ففي حين دعت أبوظبي إلى تفعيل دور الجامعة العربية في الوساطة، ولم تُبدِ حماسًا لأي موقف حاسم تجاه دعم أحد الطرفين أو وقف الإمدادات العسكرية، وهو ما يفتح الباب لتأويلات متعددة، خصوصًا في ضوء الإتهامات الدولية المتزايدة للإمارات بدعم قوات الدعم السريع بالمال والسلاح، ما يعمّق الأزمة ويطيل أمد الحرب.
وأشار إلى أن المفارقة تكمن في أن الموقف الإماراتي في القمة لم يتطرق إلى هذه الإتهامات بشكل مباشر، بل إكتفى بخطاب دبلوماسي فضفاض حول دعم السلام والإستقرار في السودان، دون تقديم إلتزامات واضحة أو دعم لمبادرات محايدة. وهذا يُعبّر عن ما يمكن تسميته بـ (الدبلوماسية الدفاعية) التي تتّبعها أبوظبي حين تتعرض ضمناً للإنتقاد في المحافل الإقليمية، فتبادر إلى التأكيد على المواقف العامة دون الإلتزام بخطوات عملية أو مراجعة لسلوكها الميداني. وأكد تورشين على ان البيان الختامي للقمة عكس هذا التردد العربي العام، إذ جاء محمّلاً بالمواقف المبدئية حول وحدة السودان ووقف القتال، لكنه خلا من آلية واضحة لمتابعة أو تنفيذ تلك المواقف. كما لم يُشر إلى إنشاء لجنة عربية لمتابعة الملف، ولا إلى أي مبادرة جامعة قد تُحدث اختراقًا في المشهد السوداني المعقّد.
وختم د. محمد تورشين حديثه قائلًا: تبدو القمة العربية في بغداد قد كرّست مرة أخرى العجز البنيوي للنظام العربي الرسمي في التعامل مع الأزمات المعقدة، خاصة حين تتداخل فيها الأبعاد الإقليمية والدولية وتكون بعض الأطراف العربية ذاتها طرفًا ضمنيًا في النزاع. ويبقى السودان، حتى إشعار آخر، رهينة حسابات القوى الإقليمية وتوازناتها الهشّة، في ظل غياب إرادة عربية موحدة وجدية تدفع بإتجاه وقف النزيف المستمر، سياسياً وإنسانياً.
+ مكاسب عديدة:
وأوضح المراقب والمحلل السياسي د. الرشيد محمد إبراهيم أن السودان ذهب لقمة بغداد لمجموعة من الأهداف، على رأسها أن يحدث عن حجم التأمر الذي تعرض له حتى يصل لتوصيف الدولة الإقليمية التى ترعى مليشيا الدعم السريع. وأضاف الرشيد في حديثه لـ (ألوان): وأيضًا يعمل السودان على تحييد بعض الدول في مجلس الجامعة العربية، ومن المهم جدًا أن نشير إلى أن هناك تفاهمات بدأها السودان ما كان ليفسدها بخطاب غير متوازن. مشيرًا إلى أن الخطاب ركز على قضية خريطة الطريق التي طرحها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الأمم المتحدة، منوهًا إلى علو كعب الجيش في العمليات، مما مكنه من طرح أجندته بقوة. وأضاف أن تمسك السودان بمنبر جدة يؤكد تمسكه بالحوار ولكن التفاهم الذي يفضي إلى المصلحة الوطنية. ونبه الرشيد إلى أنه يجب أن لا نغفل بأن في مجلس الجامعة العربية تم تثبيت بعض المكاسب للسودان ورأت بعض دول الخليج أن تمضي هذه التفاهمات بصورة ثنائية، مشيرًا إلى أن هنالك تطور ملحوظ في موقف السعودية وقطر. كذلك موقف مصر القوي والتأكيد على سيادة السودان والحفاظ على وحدته وعدم الإعتراف بحكومة المنفى. فهذه كلها مكاسب وهذا هو السقف الذي يريده السودان من الجامعة العربية. وذهب دكتور الرشيد في حديثه قائلًا: وهذا أيضًا ينسحب على التصريحات الإيجابية لرئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي الذي أشار فيه إلى وحدة السودان وعدم التقسيم لذلك تصبح القضايا الأخرى والتى تتعلق بتعليق عضوية السودان يجري حولها تفاهمات في بورتسودان، فقد إتضح أن الأمر يسير إلى نسق وتحتاج لبعض الوقت والمجهود لتطوير هذه التفاهمات. وختم حديثه لنا، ومن خلال موقف الجامعة العربية وتحول الإتحاد الأفريقي في الحديث حول السودان فقد تغيير الموقف كثيرًا بالإضافة للوضع الميداني للجيش فتصبح المكاسب كبيرة جدًا في العلاقات الخارجية خاصة في المحيط الأفريقي أتوقع أن تتواصل التفاهمات وعودة السودان إلى الإتحاد الأفريقي من خلال التطورات التي ستفرضها بعض الدول الأفريقية والتي تتمتع بعضوية الجامعة العربية.
+ موقف قوي:
وجاء في حديث السـفير جمال رشدي، المتحدث بإسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي تناقلته وسائل الإعلام العالمية والإقليمية إن القمة العربية ببغداد توصلت إلى توافق كامل بشأن الملف السوداني، حيث تضمن البيان الختامي رفضًا صريحًا لمحاولات إنشاء حكومة موازية للحكومة الشرعية في السودان. وأشار رشدي، خلال لقاء خاص على قناة القاهرة الإخبارية، إلى أن البيان شدد أيضًا على أهمية دعم السودان والحفاظ على مؤسساته الوطنية من الإنهيار، وتعزيز فرص الحل السياسي عبر تشكيل حكومة مدنية مستقلة ومنتخبة، ولفت إلى أن جهودًا تحضيريـة مكثفة سبقت القمة، وأسفرت عن بلورة رؤية موحدة بشأن هذا الملف المعقد.
+ بشريات قادمة:
إذاً ومن خلال قراءة للموقف العربي والذي أكد الدعم المباشر للحكومة السودانية من أجل الحفاظ على وحدة السودان أرضًا وشعبًا، فقد تأتي بشريات أخرى في الأيام القليلة القادمة، خاصة بعد تقدم الجيش السوداني في كل المحاور بالإضافة لموقف الإتحاد الأفريقي الذي سار في نفس الطريق ورفض تشكيل حكومة موزاية، وهو ربما يشير أيضاً إلى عودة السودان للإتحاد الأفريقي قريبًا.