شعراء وأغنيات

شعراء وأغنيات
بقلم: أمير أحمد حمد
كثير من الأغنيات ولجت في مرمى الوجدان السوداني محققة أروع الأهداف الجمالية المنعشة للذات السودانية. ولكن الكثير لا يعلم صاحب التمريرة الجميلة أو شاعرها الذي مرن عواطفه في ملعب التجارب العاطفية سهلها وصعبها، فكانت الروعة. ففي هذا المقال نتعرض إلى بعض الأغنيات التي تفشى خبرها وعم القرى والحضر، ولكن ظلت أسماء شعرائها منسية غير معروفه لدى الكثير منا، إلا القليل جدًا. فلتكن البداية بتلك الأغنية الجميلة الرائعة والتي تمثل لوحة اجتماعية رائعة رسمها الشاعر الإعلامي الأستاذ محمد الطيب عربي ولونها الدكتور عبدالماجد خليفة بلحن أظهر جماليات الأغنية وأخرجها فنان مدني الأستاذ محمد سيد أحمد بصوت لا يقل روعة من الكلمات واللحن. صوت تشابهت فيه نبراته بصوت وردي حينما يقول:
شوفوا الحلوين بهجة الآمال
الصغار يملوا البيت نضار وجمال
ضحكة رنانة بسمة ريانة
ربي ما تحرم بيت من الأطفال
شوفوا الحلوين في الصباح والأم
زفتم ليها وهي تتبسم
في انتظار الشاي صمت يتكلم
منظر يمسح من نفوسنا الهم
هذه لوحة صباحية متكاملة الأركان يصور فيها الشاعر حركة الأطفال منذ الصباح الباكر إلى رجوعهم من المدرسة، وقد قيل أن هذه الأغنية قد أمر الرئيس جعفر نميري بإيقاف بثها لأنها تجرح مشاعر الذين لم ينجبوا أطفالًا. والشاعر محمد الطيب عربي رجل اعلامي فذ، ولكن لا يعرفه الكثيرون إلا القليل، رغم أنه كتب العديد من الأغنيات ولعل أشهرها أغنية ناس قراب منك التي تغني بها ثنائي العاصمة، ولكنه أشتهر بكتابة الأغنيات الوطنية خاصة في عهد الرئيس جعفر نميري، فكتب الأغنية التي ساندت ترشيحه للولاية الأولى والتي تغنى بها إبراهيم عوض يا ريس براك شفتا أروع وأعظم، استفتا. وأغنية بلبل طار وغنى في عهد عبود، تغنى بها أبو داود. الطيب عربي هو صاحب البرنامج الإذاعي الشهير الإذاعة والمستمع والذي ظهرت فيه الراحلة ليلى المغربي وهي مازالت طالبة بالمرحلة الثانوية.
ننتقل إلى شاعر آخر، شاعر من قبيلة الوزراء، ساهم في حضور كوكب الشرق أم كلثوم إلى السودان بغرض دعم المجهود الحربي، وهو الشاعر الوزير عبد الماجد أبو حسبو الذي أشتهرت له، أغنية واحدة قام بأدائها وتلحينها عميد الأغنية السودانية الثاني الأستاذ أحمد المصطفى وهي أغنية:
يوم حبي
يوم حبي يوم هنايا
يوم لاقيتو ياناس برايا
بسم وأتنى كأنه بانه
تحدى البدر الكان معانا
وقال خلونا نعيش برانا
إلى نهاية الأغنية الجميلة. ومن الأغنيات الرائعات التي كانت سببًا في ظهور الفنان الأمين عبد الغفار في واحدة من مهرجانات الثقافة في عهد النميري أغنية:
أشيل الريد وأشيل ودو
وأشيل نفحات عبير وردو
وأشيلك في القليب نوار
جميل ناير وفات حدو
مسافر سفرة المشتاق
تخلي وراي ريدي بعيد
على البعد أعاني بعاد
كتير الشوق بدون تحديد
ولعل الكثيرون لا يعلمون بأن صاحب هذه الكلمات هو الأستاذ الرائع سيد أحمد مكي إبن أمدرمان المسالمة. كان معلمًا بالمدارس الإبتدائية حتى تقاعد للمعاش. وقد تشرفت بالعمل معه في التدريس. وسيد أحمد مكي أيضًا كتب أغنية رائعة للأستاذ زيدان إبراهيم، لحنها الدكتور عبد الماجد خليفة وأعتبرها من أجمل ما تغنى به زيدان، وهي أغنية:
ماحصل فارقت دربك وشلت أملي على السراب
ما بحاول يوم أسيبك أو أقول أنا نجمي غاب
يحلو لي صبري الصبرتو في سبيل حبك حملتو
ما شكيت لهفة مشاعري في هواي معاك كتمتو
إنت برقة شعورك قلبي ليك أنا ما ظلمتو
قلبي زغرد يوم لقيتك وإنت بالبسمات غمرتو
حقًا كلمات رائعات ولحن أروع وأداء في غاية الروعة من الأستاذ زيدان إبراهيم. ونختتم هذا المقال بواحدة من أغنيات هرم فني سامق الفنان كمال إبراهيم سليمان الشهير بكمال ترباس، غنى لواحد من الشعراء أغنية ذات مضامين جديدة وأخذت حقها من الذيوع والإنتشار، ولكن ظل شاعرها غير معروف للكثيرين وهو الشاعر عبد الله إمام من أبناء الجزيرة الحاج عبدالله. عمل بالصحافة في واحدة من دول الخليج وإنتقل إلى رحاب الله، قبل سنوات قليلة حيث كتب:
رسلت ليك أجمل خطاب لليلة ردك ما وصل زعلانة ولا شنو الحصل
شهرين مضت تالت الشهور روح خلاص عددو اكتمل
أنا في رجاك ماجاني رد رابع الشهور ما محتمل
أنا عندي ظن ساعي البريد شم العبير عجبو الكلام نائم عمل
شاف الحروف مليانة ريد خلاني أحمل ليك زعل
زعلانة ولا شنو الحصل؟
وأعتقد أن الشاعر لم يأتيه الرد إلى أن فارق الحياة. وفعلًا كلمات على بساطتها لكنها معبرة وزادها ألقًا وجمالًا لحن ترباس وصوته الطروب. وكذلك منح الشاعر عبدالله إمام أغنية أخرى كانت مسيطرة على مسامع الناس في فترة السبعينيات وهي أغنية: (قبلي جاي وقبلي جاي شوفي عيونا شايلة شنو ومنتظراك تلبي نداي). وعلمي أن هاتين الأغنيتين قد كتبهما عبد الله إمام متغزلًا في واحدة من شاعرات الأغنية السودانية.
عزيزي، القارئ هذا قليل من كثير مجهول لدى العديد من الناس، نأمل أن نواصل هذا الإبحار في مقالات أخر إذا مد الله في الآجال، نعرف فيها بشعراء أشتهرت أعمالهم ولكن ظل ذكرهم مغمورًا لدي الكثيرين