صناع مايو .. كيف كانت مصائرهم وماذا فعلت بهم الحياة؟

بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ
ستة وخمسون عامًا هي عمر انقلاب مايو وعمر شخصيات تعيش بيننا. صنع الانقلابيون مجموعة محدودة من الضباط.. كانوا في حلم تكوين دولة تضاهي أعظم الأمم، اشتدوا حماسًا، ملأوا السودان بشريات قول وخطب رنانة. نجح البعض في مساعيه. فشل الآخرون.. تبوأ الكثيرون منهم مناصب حساسة، دب الخلاف بين مجموعتين منهم، خرج ثلاثة منهم خارج منظومة المجلس التأسيسي لهم، واصل البعض، أتت كارثة يوليو 1971 فتواصلت مسيرة البعض من غير المشاركين فيها. تأرجحت السفينة ولم تغرق حتى أعلن معلن الإعلام بكافة أجناسه أفول مايو في صباح مكفهر.. مؤسسو وصناع مايو كيف كانت مصائرهم، وكيف سارت بهم الحياة أثناء وبعد أفول مايو؟.
بابكر عوض الله
عرف الناس بابكر عوض الله منذ العام 1954 حين عمل كرئيس لمجلس نواب البرلمان، ومن ثم رئيسًا للقضاء إبان القضية الدستورية الشهيرة التي قضت بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان. ليصبح تاريخ مايو 1969 تاريخ وجوده كرئيس للوزراء في فترة، ومن ثم قيادي بالإتحاد الإشتراكي السوداني. وهو الوحيد داخل العالم العربي وأفريقيا الذي تسنم المناصب الثلاثة في فترات متباعدة، وهو رئيس السلطة القضائية كرئيس للقضاء والسلطة التشريعية كرئيس للبرلمان والسلطة السياسية كرئيس للوزراء. هاجر لمصر وعاد للسودان حتى توفي في فبراير 2018 منتهى أيامه مع أهل مايو كانت حين أعفي من جميع مناصبه في العام 1972م.
.
بابكر النور
في شخصية المقدم بابكر النور، وكما تحدث عنها الكثيرون وكتب عنها كذلك كثيرون تبرز روح الحماسة والثورة، بل والصراحة غير المعهودة، وهو ما قاده للاصطدام بنميري وأعضاء مجلسه كثيرًا. في واحدة من تقلبات مايو وبروز الخلاف بين أعضاء المجلس الواحد، تم إعفاء الضباط الثلاثة بابكر النور، هاشم العطا، وفاروق عثمان حمد الله في نوفمبر 1970 ظل مصيره مرتبطًا بزملائه الاثنين فاروق وهاشم وهو ما حدث في يوليو 1971 ليُعدم بالشجرة ويكون مصيره مثل زملائه الاثنين. السؤال الأهم.. ماذا لو قدر لحركة يوليو 1791 النجاح، هل كانت تسير دون خلاف أم ماذا كان سيحدث لها؟.
جعفر نميري
منذ العام 1957 وحتى تاريخ مايو 1969 ورد اسم الضابط بالجيش جعفر محمد نميري ثلاث مرات ضمن أسماء ضباط يخططون لإحداث انقلاب عسكري. لم تثبت عليه التهمة، بل خرج من جميع الاتهامات التي وجهت له وعاد للخدمة بالجيش. حين أتى التخطيط لمايو كان حينها يعمل كمعلم للضباط بمدرسة جبيت العسكرية لتدريب الضباط. من غرائب عمله كقيادي أول في فترة مايو، فقد مازج بين رئاسته للدولة والوزارة في فترات عديدة، فكان وزيرا للخارجية والدفاع وقائدا عاما للجيش. بعد الانتفاضة بقي في مصر حتى العام 2000م لتأتي عودته وبقائه بالسودان كرئيس سابق حتى أتت وفاته في مايو 2009م.