العقوبات الأمريكية .. دوافع سياسية وعسكرية

العقوبات الأمريكية .. دوافع سياسية وعسكرية

أمدرمان: الهضيبي يس

ذكرت الإدارة الأمريكية أنها ستقوم بفرض عقوبات على السودان بحلول 6 من شهر يونيو القادم إثر استخدام الجيش لأسلحة كيميائية بحق المدنيين نتيجة للحرب التي يخوضها بحق مليشيا الدعم السريع. وسرعان ما دحض الجيش تلك الإتهامات ووصف الأمر بأنه محاولة للكيل بمكيالين سيما وأنه يخوض حرب مشروعة وبأدوات معلومة يراعي فيها مجمل القوانين والأعراف الدولية سياسيًا وعسكريًا. بينما دعت وزارة الخارجية السودانية، الإدارة الأمريكية بمراجعة مواقفها تجاة السودان وهو يخوض حرب ذات دوافع وأطماع إقليمية ولها أبعاد دولية من حيث مساعي الدعم السريع في فرض رؤية أحادية.

+ إتفاق غير معلن:

ويقول الكاتب الصحفي محمد عثمان الرضى على مايبدو أن هناك اتفاق بشكل غير معلن ما بين دول مجموعة الشرق الأوسط (دول الخليج) بخصوص ملف السودان والإدارة الأمريكية إثر زيارة الرئيس ترامب مؤخرًا لدول مثل الإمارات، والسعودية بهدف إنعاش منبر جدة للتفاوض. ويضيف الرضي: كذلك الدوائر والمؤسسات الأمريكية تعلم علم اليقين بضلوع تلك الأطراف الشرق أوسطية في عملية دعم وتوفير الإحتياجات اللوجستية لمليشيا الدعم السريع خلال الفترة الماضية، مؤكدًا بأن الإدارة الأمريكية لم تفصح بعد عن جملة الأدلة والبراهين التي بنت عليها قرار فرض العقوبات، بل ذهبت إلى منحى دمغ استخدام الجيش للأسلحة الكيمائية بحق المواطنين دون تكوين لأي لجنة تحقيق أو حتى بالجوء إلى المنظمة الدولية لمنع استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا والتي يشغل السودان مقعدًا فيها، بل وتولى دورة الرئاسة لعام 2024م.

+ خلط الأوراق:

ويشير المحلل العسكري محمد الأمين إسماعيل إلى أن الجيش السوداني طوال فترة العامين الماضيين ظل يلتزم بتنفيذ القوانين والمواثيق الدولية سواء على مستوى اتفاقية جنيف لحقوق الإنسان لعام194‪8 وحتى قوانين إتفاقية فينا وغيرها من المواثيق. وزاد: ولكن لجوء الإدارة الأمريكية لعملية خلط الأوراق خاصة عقب سيطرة الجيش الميدانية على العاصمة الخرطوم والآن يتجة للإقليم الغربي عند مناطق كرفان، دارفور في محاولة لتعديل موازين الكفة عبر فعل سياسي. ولفت إسماعيل إلى أن الإدارة الأمريكية لم تحرك ساكن تجاه شكوى السودان والتي قدمت خلالها أدلة دامغة بضلوع دول إقليمية شاركت في إبادة الشعب السوداني وماحدث خلال شهر مايو من العام 2023‪ بمدينة الجنينة يظل العالم شاهدًا عليه.

+ تأثير سياسي:

بالمقابل يرجح المحلل الاقتصادي عاصم اسماعيل بأن يكون للعقوبات الأمريكية تأثير سياسي أكثر من كونها اقتصادية، فهي شبيهة بسياسة العصا والجزرة المعروفة وكثيرًا ما لجأت إليها الإدارة الأمريكية. ويلفت عاصم لتجربة السودان السابقة في التعامل مع العقوبات الأمريكية حيث كانت مؤشرات الاقتصاد في نمو متزايد، مع اتساع رقعة السودان الزراعية وتضاعف حجم الإنتاج على مستوى الثروة الحيوانية وزيادة إنتاج النفط وهو ما شجع دول مثل الصين، وماليزيا للتعامل مع السودان وضخ أموال للإستثمارات رغم سريان قرار العقوبات، مشيرًا إلى أن السودان يحتاج إلى خطة عمل للتعامل مع تطورات المشهد خارجيًا وربط ما يحدث بعامل الاقتصاد وهو مايكاد يقع على عاتق حكومة رئيس الوزراء المعين مؤخرًا. وطالب عاصم بجعل العقوبات بعد انقشاع حرب 15 من أبريل جزءً من عملية التفكير بصورة تختلف عن الطرق المعهودة، وأضاف: أعني هنا “الاقتصاد” باعتبار السودان يتمتع بقدرات مهولة من المواد الخام للإنتاج والتي لطالما احتاجت فقط للتوظيف الأمثل.

+ دعوات للتراجع:

وتوقعت مصادر عسكرية عدم اكتراث الجيش لماذهبت إليه الإدارة الأمريكية من قرار بالرغم من وقع التأثيرات سواء على الصيد السياسي أو الإقتصادي، ولكن مايحدث ليس بالأمر الجديد على دولة مثل السودان التي عايشت ظروف وأوضاع أكبر مما عليها الآن. هذا وقد تضاعف خطوة فرض العقوبات الأمريكية معاناة السودانيين بصورتها الإنسانية خاصة ما بعد دخول حرب 15 من شهر أبريل لعام 2023‪ عمر الثلاث سنوات، مما دفع الآلاف لتنظيم تظاهرات في شتى أصقاع العالم للتنديد بالخطوة والدعوة للتراجع عنها.