الكوليرا .. السودان يخوض معركة القضاء على المرض بعد دحر التمرد

الخرطوم الأعلى إصابة بنسبة تخطت 90٪

الكوليرا .. السودان يخوض معركة القضاء على المرض بعد دحر التمرد

 

أمدرمان: الهضيبي يس

سرت حالة من الخوف والهلع في أوصال المواطنين واحساس بأن هناك خطر بات يداهمهم هنا بمدينة أمدرمان غرب العاصمة الخرطوم جراء تفشي حالات الإصابة بوباء الكوليرا – خلال الأيام الماضية والذي حول المرافق الصحية (المستشفيات) إلى مراكز للعزل الصحي. بدورها سارعت وزارة الصحة إلى تأكيد تخطي حالات الإصابة حاجز 700 حالة حسب ما ذكرت سابقا بينما قالت منظمة الصحة العالمية إن الحالات فاقت 3 آلاف مابين الإصابة والوفيات.

 

وشكل المرض حالة من الضغط المتزايد على المرافق الصحية مما دفع البعض منها لإغلاق أبوابها في وجه المواطنين نتيجة لمضاعفة الطاقة الإستيعابية، فمثلًا مستشفى النو بمدينة أمدرمان، قد صمم على استيعاب 700 حالة فقط من المرضى في وقت وصل عدد المرضى فيه ما يفوق 2 ألف مريض. وكشف اجتماع مركز عمليات الطوارئ الصحية الاتحادي عن تصاعد ملحوظ في إصابات الكوليرا بعدد من الولايات، حيث تم تسجيل 2,729 حالة خلال أسبوع واحد، من بينها 172 حالة وفاة. وأشار التقرير إلى أن 90% من الحالات الجديدة سجلت بولاية الخرطوم، لا سيما في محليات كرري، أم درمان، وأمبدة، تليها ولايات شمال كردفان، سنار، الجزيرة، النيل الأبيض، ونهر النيل.
وأشار تقرير صحة البيئة والرقابة على الأغذية إلى تنفيذ عدد من الأنشطة، من بينها فحص 1,415 مصدراً داخل الشبكة من أصل 946 مستهدفاً بنسبة تغطية بلغت 150%، حيث تبين أن 328 مصدراً غير مطابق و1,052 مطابقاً للمعايير، أما تقرير الإمداد، فقد بيّن وجود تفاوت في وفرة الأدوية والمستهلكات الطبية، والتي بلغ عددها 56 صنفاً، إلى جانب تفاوت في وفرة محاليل معالجة الكوليرا وحمى الضنك.
وتمت الإشارة إلى إرسال 150 طناً من الإمدادات إلى ولاية الخرطوم، استلم منها 120 طناً، فيما تجري الترتيبات لإرسال 30 طناً أخرى من غرفة عطبرة الإقليمية، وأفاد تقرير الحجر الصحي بأن عدد الوافدين إلى البلاد عبر مختلف نقاط الدخول بلغ 12,353 شخصاً، بينما غادرها 12,475 شخصاً.
وفي ما يخص الوضع الصحي بولاية الخرطوم، أوضح الاجتماع أن وفداً اتحادياً برئاسة مدير الإدارة العامة للطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بالإنابة وصل الولاية، وعقد اجتماعاً مع الوزارات والجهات ذات الصلة. وتم تقسيم العمل إلى عدة محاور ولجان لمواجهة المرض والاطلاع على حجم الإمدادات وجهود المنظمات العاملة، حيث انطلقت حملة التطعيم ضد الكوليرا في منطقة البجا عبد الهادي بمحلية جبل أولياء، على أن تشمل بقية المحليات في المراحل المقبلة.
بالمقابل ذكرت نقابة الأطباء السودانيين بأن مرض الكوليرا ليس مرضًا قاتلًا بطبيعته، ويمكن السيطرة عليه بالوقاية، والوعي الصحي، والتدخل العلاجي المبكر في المنازل والمؤسسات الصحية. وقالت النقابة أنه بحسب ما ورد إليهم من تقارير ميدانية، فقد بلغ عدد حالات الإصابة في مدينة أم درمان وحدها 1335 حالة، وسط نقص حاد في المحاليل الوريدية، وشُح في الكوادر الصحية، وعدم توفر مصادر مياه نظيفة، وغياب شبه كامل لوسائل التعقيم والمطهرات، إلى جانب قلة الطاقة الاستيعابية للمستشفيات ومراكز العزل أمام الأعداد المتزايدة من المرضى.
وشددت النقابة على أن تدهور صحة البيئة نتيجة الحرب، وضعف استجابة المؤسسات الرسمية، وغياب الدعم الأممي، جميعها عوامل ساهمت في هذا التفشي الواسع، خاصة مع وجود أعداد كبيرة من العائدين والنازحين في مناطق مكتظة، دون خدمات أو غرف طوارئ مجهزة.
من جانبه قال د. محمد التجاني محمد حامد مدير الإدارة العامة للطوارئ ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم أن الكوليرا من أمراض الحروب وكانت منتشرة في مناطق تواجد المليشيا جنوب أم درمان والخرطوم لأكثر من 6 أشهر ومرصودة لكن الأوضاع الأمنية حالت دون تدخل وزارة الصحة . مؤكدًا أن الإسهالات المنتشرة حاليًا بولاية الخرطوم هي كوليرا وتم التأكد من ذلك بعد الفحص المعملي، والحديث عن تلوث كيميائي غير صحيح وعار تمامًا من الصحة .وأشار في حديثه لبرنامج (كالآتي) بقناة النيل الأزرق أن وزارة الصحة جهزت عدد كبير من غرف العزل للمواطنين القادمين من صالحة وتم توفير الإمداد الدوائي لهم وتم شفاء عدد كبير منهم، مبينًا أن حكومة الخرطوم ووزارة الصحة وكل الجهات ذات الصلة يعملون على دحر الكوليرا من الخرطوم كما تم دحر التمرد . وأوضح أن الزيادة في عدد حالات الكوليرا نتيجة طبيعية بعد تحرير منطقة صالحة وتوافد المواطنين المصابين من هناك، وهذا الأمر غير مزعج ويمكن السيطرة عليه خلال أتيام الطوارئ وغرف العزل التي تعمل على مدار يومين داخل صالحة ومعالجة الحالات في مناطقها .وطمأن د. محمد المواطنين بإرتفاع نسبة حالات الشفاء من الكوليرا داخل الخرطوم وقال أن الوضع مطمئن بعد كلورة مياه الشرب وعودة الكهرباء للمحطات وزيادة حملات إصحاح البيئة وتوفر الإمداد الدوائي المطلوب .وكشف عن توفير 12 غرفة عزل بولاية الخرطوم بواقع 150 سرير للعزل في مستشفى الأطفال أم درمان و 200 سرير في مستشفى أم درمان التعليمي و150 سرير بمستشفى أمبدة و 50 سرير في مستشفى النو.
وقال د. محمد التجاني أن مكافحة مرض الكوليرا سهل جدًا من خلال نظافة الأيدي وشرب المياه الآمنة معلنًا بداية حملات التطعيم ضد الكوليرا من جبل أولياء وبعد العيد مباشرة سيتم تطعيم محلية كرري وأم درمان وبحري وشرق النيل.