الكروان عبد الدافع عثمان .. مرت الأيام

بقلم: أمير أحمد حمد
تمر علينا الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الكروان وصاحب الصوت الشجي عبد الدافع عثمان فزع المولود في عام 1928 جده فزع من الفزعاب وهي إحدى فروع قبيلة العمراب العباسية وينتمي من جهة أمه إلى المغاربة تلك القبيلة ذات الأصول العربية الأصيلة التي انحدرت مجموعاتها إلى السودان منذ عهد مبكر وانصهرت مع القبائل السودانية فتسودنت كل هذه الدماء وانصبت في عروق مبدعنا عبد الدافع، فكان الألق والفن والطرب. لسان حاله كان يدندن لرفقاء طفولته ببعض الأغنيات لعصفور السودان إبراهيم عبد الجليل وعثمان حسين وإبراهيم الكاشف فإستحسنوا فيه جمال صوته ونقائه فأكسبه ذلك ثقة في نفسه جعلته متحفزًا على السير في شعاب الفن والطرب.
+ حادث الترام
تعرض عبد الدافع عثمان لحادث في مقتبل العمر عام 1945 أدى إلىي بتر رجله، وذلك عندما كان يمتطي الترام وهو قادم من مقر عمله حيث كان يعمل في مصلحة المخازن والمهمات في وظيفة كاتب. أثرت فيه هذه الحادثة تأثيرًا كبيرًا، ولكنها لم تثنه عن مواصلة الإبداع الفني، فولج الساحة الفنية بأغنيات أكدت بأنه يمتلك خامة صوتية لا تقل شأنًا عن الذين سبقوه في هذا المجال، فقد كان يقف إلى جانبه خاله الشاعر والملحن جهير السيرة مبارك المغربي وكذلك الملحن الكبير الأستاذ عربي الصلحي وعثمان عوض الله من أبناء الموردة والذي يعد من رواد عزف آلة الكمان وأحد أفراد المجموعة الأولى التي كونت أول فرقة موسيقية غنائية حديثة في السودان.
+ عبد الدافع وعربي الصلحي
كان عربي الصلحي معلمًا بالمدارس الإبتدائية وملحنًا رائعًا يختار لعبد الدافع النصوص ويشاوره فيها، ومن ثم يشرع في تلحينها بعد موافقته المبدئية. ولعل أول عمل جمع بينهما رائعة مبارك المغربي أغنية الكروان والتي أكسبت عبد الدافع شهرة عظيمة وإلتصقت بإسمه ثم تلتها تلك الأغنية الجميلة التي طالما هيجت أشجان وذكريات للكثيرين فكانت دائمًا تطلب في برنامج ما يطلبه المستمعون وهي أغنية مرت الأيام كالخيال أحلام. فقد كانت ومازالت تحفة وجوهرة في جيد الأغنية السودانية وقد رددها عدد من المطربين منهم حمد الريح ومصطفى سيد أحمد ثم جاءت بعد ذلك فترة الملحن برعي الذي لحن له عدد من الأغنيات أشهرها التي وضع كلماتها عبد المنعم عبد الحي وجاءت بإسم (همسة عاشق):
هبت نسائم الليل
صحتني مالها
طرتني أيام
ليلها وجمالها
فتقت جروح في حشاي
صعب إندمالها
وحبيبة كيف يا نسمة
تركت حالها
هي في خيالي ياليت
أنا في خيالها
إلى نهاية الأغنية الجميلة . ولعل الكثيرون لا يعلمون أن الشاعر الفيلسوف التجاني سعيد قد غنى له عبد الدافع عثمان قبل أن يغني له وردي بأغنيتي قلت أرحل، ومن غير من غير ميعاد. حيث غنى له أغنية لقاء وقد لحنها له برعي محمد دفع الله.
+ تسجيلات الإذاعة
سجل عبد الدافع عثمان للإذاعة السودانية أكثر من 65 أغنية وهنالك عدد كبير من الأغنيات لم يسجلها للإذاعة، ولابد أن نشير إلى أن عبد الدافع عثمان كان يعمل موظفًا بالإذاعة السودانية بتوصية من اللواء طلعت فريد للصاغ التاج حمد مراقب الإذاعة آنذاك. وظل في هذه الوظيفة إلي أن تقاعد للمعاش.
+ شعراء غنى لهم عبد الدافع عثمان
مبارك المغربي: (اعتذار ومرت الأيام ولحن الكروان وعيد الفداء ويا ملاكي ورائع وتوحيش رمضان وهل نورو). وغنى لجعفر فضل المولى: (جاوب سؤالي وجيب لي حبيب وحبيب فؤادي وفرحة قلبي وهجران. ولمحمد علي أبوقطاطي: (حبك شغلني وطبول النصر). ومحمد أحمد التجاني: (العيد السعيد ورمضان كريم) والسر محمد عوض: (أفرح يا مزارع وعش السعادة ونور عيوني وفرحة العيد)، وإسماعيل خورشيد: (أيام الحب والتعاون والزراعة) ، وذو النون بشرى: (حلفتك وأنشودة الحب) ، إسماعيل حسن (خائف وعاد المجد وعيد الثورة) وقمر الدين المبارك (الحب يا ناس والحرية) علي محمد التنقاري (أسحار) وطه سيد أحمد (أحلام الشباب) ، إبراهيم عابدين (الآلام) إسحق الحلنقي (بترولنا سلاح) ، كباشي حسونه (بهجة العيد)، عبدالله النجيب (تحية شعب ) عمر البنا، أحمد علي باكثير (البحيرة)، عبد الله شرفي (كم هوينا) ، تاج السر عباس (حمامات السلام) ، خليفة الصادق (حيرة) ، محمد الطيب عربي (أوحش شهر رمضان) ، علي حامد البدوي (عيد الميلاد) ، التجاني سعيد (لقاء) ، أحمد حميد (كلمني)، حسين عثمان منصور (رمضان) . وغيرهم من الشعراء. أما أبرز الملحنين الذين تعامل معهم عبد الدافع عثمان ، عبد الدافع نفسه، عربي الصلحي ، علي مكي ، أحمد زاهر ، محمد سليمان المزارع ، علاء الدين حمزة ، خليفة عبدالله ، الفاتح كسلاوي ، سيف عبد القادر ، عبد المنعم عبد الكريم.
ويبقى أن نشير إلى أن عبد الدافع عثمان تزوج في أواخر الخمسينيات وترك من الذرية عبد المنعم وعبد العزيز وعبد العظيم وعادل وعماد وإبنته الوحيدة هدى. جعل الله البركة فيهم، ورحم والدهم رحمة واسعة.