حي العرب .. (الدنيا باسمة والأيام طرب)

بقلم: أمير أحمد حمد

حي جمع فأوعى. حي تقاطر  سكانه من كل حدب من أرجاء السودان شماله وجنوبه وغربه وشرقه، فكانت عبقرية المكان سمة من سماته، صورة ملونة من صور التمازج القومي في السودان علقت في وجدان الابداع و الامتاع.  حي تشابهت فيه ملامح البداوة والمدينة وهذا سر من أسرار تميزه عن بقية أحياء أمدرمان العتيقة، وهو يقع في أقصى غرب أمدرمان، وهو يمثل الربع الخامس من مربعات أمدرمان 2/5 .

وسوق أمدرمان قد كانت بدايته ونواته هذا الحي فتطور وتوسع حتى صار سوقًا كبيرًا ضم في أحشائه العديد من أقسام المهن المختلفة، ولذلك أكتسب ساكنيه صفات جعلت منهم أهل ريادة في كل المجالات، ولا سيما الفن رغم احتشاده بالعديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية والرياضية والتي كان لها أثر كبير في الحياة الأمدرمانية بل الحياة السودانية عامة.

حي العرب أو فريق العرب كما يحلو أن يسميه أهله به عدد من المناطق إتخذت مسمى داخلي ومن أمثلة ذلك فريق الصحة  وحلة الحسانية وحلة السادة الأشراف وإلى جوارهم حلة الغجراب والكلوحة وآل أمبدة وحلة الجعافرة (الحلب)  في مقدمة الحي وحلة الكنوز وحلة الكوارتة وغيرها من المسميات.

وحي العرب وهو أحد أضلاع مثلث، ضلعيه الآخرين المسالمة وحي المظاهر، رغم أن المظاهر يتبع جغرافيًا لحي العرب، ولكن أهله جعلوه حيًا قائمًا بذاته وكان يسمى قديمًا بحي (البرشوت) لأنه كان عبارة عن ساحة اتخذها الإنجليز مهبطًا للبرشوت.

ومن أهم الأندية الإجتماعية والرياضية والثقافية التي نشأت في هذا الحي نادي الحديد وقد كان تأسيسه في عام ١٩٢٧ إلى جانب النشاط الرياضي كان منبرًا ثقافيًا قدم على مسرحه العديد من المسرحيات والأعمال الثقافية ومن أهم الشخصيات التي كانت حضورًا لهذا النادي الشاعر الكبير سيد عبد العزيز والشاعر عبد الرحمن الريح والفنان التاج مصطفى الذي تعرف من خلاله  بالشاعر عبد الرحمن الريح فبدأت الثنائية بينهما والفنان  زنقار فضل المولى رغم أنه من سكان حي البوستة لكنه كان مرتبطًا بحي العرب وسبب صوته الشبيه بالصوت النسائي يقال أنه مثل دورًا نسائي لإحدى مسرحيات سيد عبد العزيز وقت انعدم فيه العنصر النسائي. وقد مثلت هذه المسرحية داخل هذا النادي رغم أن الأستاذ زنقار يمتلك صوتًا متوسط  رخيم وغنى وسجل به عدد من الأغنيات مثل (عروس الروض) (ويا حبيبي) للشاعر الياس فرحات.

وفي هذا الحي نشأت عدد من الأندية الرياضية فريق حي العرب والرابطة الذي كان الفنان ميرغني المأمون راعيًا له ومن متعصبيه. ثم تولى بعد ذلك إدارته أهلنا الكوارتة وكذلك فريق المغامر وأخيرًا فريق مايو.

ومن أهم  الشخصيات الرياضية في هذا الحي نجد دفع الله عبد العزيز الشهير بـ (جحجوم) وهَو شقيق الشاعر سيد عبد العزيز وأولاد العبد أبو زيد وحسن واللاعب بلة العكام وحسن عطية (كسرة يا أبوعلي) والنور بلة الذي لعب لفريق الترسانة القاهري وفريد ملة وأخوانه والرمح الملتهب علي قاقرين رغم أن منزلهم يتبع لحي البوستة لكنه ارتبط بحي العرب. وكدودة حديثًا. وهذا على سبيل المثال لا الحصر. وفي موسم من المواسم الرياضية في العاصمة كان كل اللاعبين بالهلال والمريخ من حي العرب.

كذلك هذا الحي  ضم العديد من أهل السياسة  والاعلام مثل عمنا محمد صالح الشتقيطي ومحمد صالح عمر جبهة الميثاق الإسلامي والتجاني الطيب بابكر الحزب الشيوعي وعمنا الطيب محمد خير الشهير بالزعيم وجعفر محمد علي بخيت ومامون عوض أبوزيد وخالد حسن عباس، رغم أن الثلاثة جغرافيًا يقطنون المسالمة، ولكن إداريًا يتبعون لحي العرب إلى دكان أبومرين تتبع لحي العرب. والكثير يظنون أن شارع الشنقيطي يفصل بين حي العرب والمسالمة ولكن بعض المربعات تقع شرق الشارع تتبع لحي العرب. وفي الجانب الإعلامي يكفي فقط الصاغ التاج حمد أول مراقب للإذاعة السودانية وعبده قابل وأحمد محمد الحسن وأحمد الحبو والثلاثة الآخرين وهم من الضلع الإبداعي (حي المظاهر) وكذلك يكفي أن معظم فنيي الإذاعة كانوا في هذا الحي .