فاطمة أحمد إبراهيم  .. صوت النساء الإفريقيات والعربيات في المحافل العالمية

فاطمة أحمد إبراهيم  .. صوت النساء الإفريقيات والعربيات في المحافل العالمية

بقلم: صلاح الدين عبد الحفيظ

نترحم دوماً على روح المناضلة الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم (1933 – 2017) – أوّل نائبة برلمانية في تاريخ السودان والعالم العربي، ورمز الكلمة الحرة والنضال النسوي، وواحدة من أعظم نساء السودان. صوتها لم يكن فقط للمرأة، بل كان للعدالة، للمستضعفين، ولحلم وطن حر ديمقراطي. تركت إرثًا لا يُنسى من النضال والعمل السياسي والاجتماعي، وسيبقى اسمها منارة تُلهم الأجيال. فاطمة أحمد إبراهيم ليست مجرد اسم في التاريخ، بل روح ناطقة باسم نساء السودان. تحدّت التقاليد، ورفعت صوتها في زمن الصمت، وحملت همّ الوطن والمرأة على كتفيها. وفي زمنٍ كانت فيه أصوات النساء تُهمّش وتُقصى، وقفت فاطمة، بقامة الفكر وضمير الوطن، لتكتب تاريخاً جديداً لنا جميعاً. لم تكن فقط رائدة، بل كانت روح ثورة، مدرسة في الشجاعة، وحروفاً حية في دفتر نضال هذا الوطن.”

 

 

 

النشأة والتعليم:

 

 

وُلدت فاطمة أحمد إبراهيم في العام 1933م بمدينة الخرطوم، السودان ونشأت في أسرة ذات وعي ديني وثقافي وتعليمي، فكان والدها الأستاذ أحمد إبراهيم من أوائل المعلمين السودانيين الذين عملوا في التعليم النظامي، وكان له تأثير كبير في تنشئتها الفكرية. تلقت تعليمها في مدرسة أم درمان الوسطى للبنات، ثم التحقت بمدرسة أم درمان الثانوية، حيث بدأت تُظهر اهتمامها المبكر بالعمل الاجتماعي والسياسي.

 

 

حياتها النضالية والسياسية:

 

 

تُعد فاطمة أول امرأة سودانية تنشر مقالًا سياسيًا في الصحف السودانية. كانت عضوة فاعلة في اتحاد نساء السودان الذي تأسس في الخمسينات، وشاركت في صياغة مطالبه وأهدافه النضالية. ترأست اتحاد نساء السودان وكانت من أوائل النساء في الوطن العربي اللواتي تصدّرن المشهد النضالي النسوي.

 

 

أول نائبة برلمانية في العالم العربي:

 

 

في عام 1965، أصبحت أول امرأة تُنتخب لعضوية البرلمان في السودان والعالم العربي، عن دوائر الخريجين. استخدمت منصبها للدفاع عن حقوق المرأة، المطالبة بتوسيع التعليم للبنات، والمساواة في الأجور، وإجازة الوضع المدفوعة، وحق النساء في الترشح والانتخاب.

 

 

العمل في الصحافة:

 

 

أسست مجلة “صوت المرأة” التي كانت لسان حال اتحاد نساء السودان، وعُرفت بنقدها الجريء للاستعمار، والنظام الأبوي، والقمع السياسي.

 

 

النشاط العالمي:

 

 

مثلت السودان في العديد من المؤتمرات الدولية، وكانت صوتًا قويًا للنساء الإفريقيات والعربيات في المحافل العالمية. وحصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 1993، تكريمًا لنضالها الطويل في قضايا المرأة وحقوق الإنسان.

 

 

الاعتقال والنفي:

 

 

بعد انقلاب جعفر نميري عام 1969، تم اعتقالها مرارًا ووُضعت تحت الإقامة الجبرية. نُفيت خارج البلاد، وظلّت في لندن لسنوات طويلة، تواصل النضال من هناك حتى عودتها للسودان.

 

 

الحياة الشخصية:

 

 

كانت زوجة للشيوعي الشفيع أحمد الشيخ، أحد أبرز قادة الحركة العمالية في السودان، والذي تم إعدامه بعد انقلاب 1971. فقدته فاطمة في ذروة نضالها، وظلت وفية لذكراه وللقضية التي ناضلا من أجلها معاً.

 

 

الوفاة والتشييع:

 

 

توفيت فاطمة في 12 أغسطس 2017 عن عمر ناهز 84 عامًا، وشُيعت بالعاصمة الخرطوم في موكب مهيب يليق بتاريخها ومسيرتها، ونعَتها كل القوى الوطنية والدولية.