يوسف عبد المنان يكتب: عبدالله بلال وحده في الصفوف الأمامية

بسبب النزوح من الدبيبات والنهود

ارتفاع خرافي في أسعار الإيجارات وعبدالله بلال وحده في الصفوف الأمامية فأين أبناء كردفان؟

كتب: يوسف عبد المنان

تدفق سيل بشرى عارم على مدينة الأبيض التي تشكو قلة الماء وعودة التيار الكهربائي ليومين والانقطاع سبعة أيام وافترش النازحين في مشهد مأساوي الأرض في الطرقات وتحت الأشجار والمدارس والساحات العامة وهم يلتحفون السماء ومنعهم الحياء وعفة النفس واكتمال المروءة من سؤال الناس في الطرقات في وقت بلغ فيه سعر برميل الماء سبعة آلاف جنيه، وتم احتلال آبار الماء بحوض بارا من قبل مليشيا الدعم السريع وتعلق آمال الناس بقدوم قوات كيكل عن طريق الشرق وقوات أسود العرين بطريق الصادرات.
وفشل الأستاذ الهادي آدم بريمة الصحافي المفجوع بسقوط الدبيبات وهو الدرامي الذي يرسم الإبتسامة في زمن العبوس أن يتحفنا بمسرحيات الرجل الواحد وربما لايزال الهادي لم يبارح حزن أهل الدبيبات على سقوط مدينتهم وفجيعة استشهاد فتى المنطقة موسى مصطفى موسى وقد عجزت لأول مرة عن الكتابة عمن نحب وقد كان جرحي عميقًا عليك ياموسى إبن أختي وإبن أبنتي الصابرة حتى الهاتف غلبني أن أتحدث عبره للأسرة الداودية التي خانها العمدة سعد عبدالله إدريس وهو يتبع الأمير الهادي أسوسه ويقوده إلى وكر الخيانة. وقفت حكومة شمال كردفان عاجزة عن تقديم شيء للنازحين من النهود والدبيبات وهي التي أعياها تقديم الخدمات لمواطني الأبيض وحكومة شمال كردفان بلا موارد وبلا سند مركزي تتكئ عليه في أيام الكريهة هذه.
وقد تفحش وتوحش السوق في الأبيض وتخلى أهل كردفان عن قيمهم وإرثهم في الكرم والشهامة وركبوا سرج الأطماع ولعاب الدنيا وارتفعت أسعار العقارات لأرقام جنونية استغلالًا لظروف النازحين وتكسبًا من مأساة الذين قهرهم التمرد وسلب منهم كل ما يملكون وطردهم للشوارع والفلوات هائمين.
واحتضنت مئات الأسر بعضها البعض وضاقت حوائط الطين ولكن اتسعت النفوس وأقتسم البعض مع أهليهم الفارين طرقة الكسرة وصحن العصيدة وكورة البليلة وأهل الأبيض يرددون في فجيعتهم (حليلك ياهارون) ولكن هارون أصبح من ماضي لايعود.
في عتمة مايجري في كردفان التي أصبحت ميدان معركة بين الشعب وإعداء الشعب أمضى وحده عبدالله محمد علي بلال كل أيام عيد الأضحى المبارك بين المجاهدين متنقلًا بين كوستي والوساع وتندلتي وأم روابة وأبوجبيهة والعباسية والأبيض في معايدة للجنود والضباط وزيارة القرى وحشد الناس لإرادة القتال بلا زاد يقدمه للناس إلا من شحيح ما يملك في جيبه من مال خاص. ولا يزال عبدالله بلال في كردفان متنقلًا من فريق لآخر بينما قيادات كردفان الآخرين إما في بورتسودان ينتظرون أن تجود عليهم السلطة بوظائف أو مهاجرين خارج الحدود وآخرين اصطفوا وراء المليشيا التي تطعمهم وتسقيهم من يدها الملطخة بالدماء.
لم تجد كرفان في محنتها الحالية غير بشارة سليمان الذي لا مكان له في حكومة السودان ولكنه يشتري الفتريتة المرة لإطعام الجوعى ويسند النازحين بما يستطيع في وقت أمسك أهل المال جيبوهم عن دعم الفقراء والنازحين وإذا ضاقت الأبيض أكثر مما حاق بها الآن فإن أهل كردفان ربما توجهوا لأمدرمان للمرة الثانية بعد أن لجأ إليها الآلاف عندما نضب الماء وضرب الجفاف والتصحر غرب السودان في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي. والآن يضرب غرب السودان بندقية أبناء غرب السودان.