الجاكومي: الوسط والشمال والشرق أكثر المناطق تهميشًا في السودان

رئيس مسار الشمال محمد سيد أحمد الجاكومي لـ (ألوان):

 

الوسط والشمال والشرق أكثر المناطق تهميشًا في السودان

 

كباشي كان حاسمًا مع جبريل في هذه النقطة (….)

 

حركات دارفور تمسكت بورقة صفراء كتبها التوم هجو

 

حتى الشريف حسين لم يجلس في المالية (5) سنوات!

 

من الآن وصاعدًا لن ينال أحد حق الآخرين

 

حوار: مجدي العجب
عندما تجلس إلى شخصية مثل رئيس مسار الشمال محمد سيد أحمد الجاكومي فإنك تجلس أمام خزانة أسرار لكثير من القضايا التي شغلت الساحة السياسية لعقود مضت، وذلك لأن محمد من الفاعلين فيها، فهو إبن الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل برئاسة مولانا محمد عثمان الميرغني، وقربه من الشريف زين العابدين الهندي زاده إدراكًا بدروب السياسة وتقاطعاتها، إلى جانب آراءه الجريئة وتأثيره في الأحداث قبل وبعد ثورة ديسمبر. في المساحة التالية يكشف لنا الجاكومي بعض الخفايا التي تتعلق بتقسيم السلطة في اتفاق جوبا لسلام السودان. خاصة بعد ما أثير مؤخرًا حولها، مع اقتراب التشكيل الوزاري للحكومة المرتقبة التي يجري رئيس الوزراء د. كامل إدريس مشاورات واسعة قبيل اعلانها في غضون الأيام القليلة القادمة. فإلى إفادات الجاكومي:

 

كيف تقرأ حديث د. جبريل الأخير حول إتفاق جوبا؟

حقيقة دهشت من حديث دكتور جبريل وهو يعلم علم اليقين بأن المادة 8/3 تعنى بقضايا الهيئات القومية واللجان والمفوضيات، ويظهر ذلك من خلال عنوانها الذي يقول: المفوضيات واللجان والهيئات القومية مثلما في المادة 9 معنونة بالمؤتمر الدستوري ومثلما 4 تتحدث عن قسمة السلطة بثلاثة مقاعد والمادة 5 التي تتحدث عن نسبة 25% من عضوية مجلس الوزراء دون الإشارة والتحديد لوزارات محددة. وأذكر إنني كنت أحد أعضاء لجنة أطراف السلام، وفيها جلسنا مع الأخوة في الحرية والتغيير وقتئذ وكانت تضم من أطراف جوبا شخصي وأحمد تقد وأبو نمو وياسر عرمان وآخرين. وفي الطرف الآخر إبراهيم الشيخ وعلي الريح السنهوري وتم الاتفاق على الوزارات السبع.

ما الغريب؟

أن يصدر هذا الأمر من دكتور جبريل، فهذا مكمن الدهشة والإستغراب. يمكن أن يصدر من كادر صف ثاني في العدل والمساواة لا غرابة. ولكن من دكتور جبريل فهذه مشكلة. وحتى عندما ذهبنا لتحديث المصفوفة في فبراير من العام 2023م وترأس وفد الحكومة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي ووقتها أثرت موضوع عدم عدالة قسمة السلطة واحتكار ست تنظيمات من أصل 14 تنظيمًا، ورد علي فيها دكتور جبريل نفسه بحيث أن هنالك اتفاق. حينها رد عليه التوم هجو قائلًا : إن هذا الإتفاق أنا من قمت به وتخليت عنه منذ زمن، وليس لنا إتفاق سوى الإتفاق المكتوب.

وما هو رد الفريق أول ركن شمس الدين كباشي؟

كان رده حاسمًا وقال له يا دكتور جبريل ما قاله الجاكومي هو السليم. فنحن كحكومة لا نقر ولا نعترف إلا بما ورد في إتفاق جوبا. والمادة 4 قالت 3 في السيادي والمادة 5 قالت 25% في مجلس الوزراء وكذلك 25% من المجلس التشريعي. أما ما تم الإتفاق عليه خارج هذا الكتاب فلا يهمنا. وللأمانة والتاريخ في ذات اليوم ليلًا إتصل علي سليمان صندل وقال لي عندنا اجتماع الساعة 11 صباحًا لوضع اللمسات الأخيرة للمصفوفة، وسوف آتيك التاسعة صباحًا. وإلتقينا وقال لي بالحرف الواحد إنه بعد حديث أمس في الإجتماع جلسنا وناقشنا أنه هنالك ثمان تنظيمات فعلًا مهضومة الحقوق ومظلومة ولابد من معالجة أوضاعها. ولذلك قررنا أن نعالج لكم أوضاعكم. فسألته من أنتم الذين تعالجون لنا أوضاعنا؟. فقال لي نحن في مسار دارفور. فرددت عليه وما علاقتي أنا بمسار دارفور؟. فأنا لم أوقع مع مسار دارفور، وإنما وقعت مع حكومة السودان. ومسار دارفور ليس بوصي على إتفاق جوبا. فرد قائلًا : قلنا نوفق لكم أوضاعكم. فسألته هل أنت تقدم لي رشوة؟. وأردفت أنا لم أطلب منك شيء وإنما كلانا متساويان، وكلنا وقعنا على إتفاق القضايا القومية، فبالتالي لا أعرف xأو z فأنا لي حق عند الحكومة.

ثم ماذا؟

ونقول للأمانة والتاريخ، عندما ظهرت ورقة التوم هجو التي أعطى فيها مسار دارفور 67% من السلطة المكتسبة والحركة الشعبية 20% ومسار الوسط والشمال والشرق 13% لم نر هذا في جوبا. هذا ما وقعه التوم مع الخمس الذين يشكلون مسار دارفور، ولا أعتقد أن الحركة الشعبية موقعة على هذا الإتفاق لكنني غير متأكد من توقيعها. وعندما أتينا لموضوع السلطة في إتفاق جوبا أخرجوا لنا هذا الورقة، ولكن التوم هجو قال لهم أنه قام بكتابة هذه الورقة حتى يحافظ على وحدة الجبهة الثورية، والآن إنقسمت وبالتالي أنا غير ملزم بالإتفاق هذا. وبعدها جلسنا في اجتماع ومعنا مني أركو مناوي بمعية الثمان تنظيمات كوش وتنظيمي الشرق وشخصي والتوم هجو كل ممثل لمساره. وشاكوش ومحمد علي قرشي ممثل الجبهة الثالثة تمازج، ومني نفسه كأحد الموقعين، ومع الفريق كباشي. وقلنا له أن الإتفاق الذي يتعلل به جبريل والطاهر حجر والهادي إدريس لا يخصنا ولم نوقعه ولم نشاهده إلا الآن هنا في الخرطوم. وهنا قال مني إن هذه الورقة فيها عدم عدالة. فلا يمكن أن نأخذ نحن في دارفور خمس وزارات والشمال والشرق والوسط في وزارة واحدة. فيجب أن يأخذ كل مسار وزارة، ونعالج الأطراف الأخرى. وأضاف نحن في مسار دارفور نأخذ ثلاث وزارات واثنين في السيادي وغير ذلك نحن أخذنا كامل سلطة الإقليم.

وما هو رد الفريق كباشي وقتها؟

الفريق كباشي أمن على حديث مناوي وقال نجتمع غدًا مع الرئيس البرهان، ونقول كل ذلك. وقد حدث ذلك فعلًا، جلسنا مع الرئيس، ومناوي قال كل ما ذكر أعلاه أمام الرئيس البرهان ولكن بعدها لم يؤخذ بهذا الحديث.

وماذا حدث؟

عندما جاء مجلس الشركاء والرئيس قال مسار دارفور يأخذ خمس وزارات واثنين في السيادي وواحد للمنطقتين في السيادي وكذلك مثله في الوزارة .

وهل اعترضتم على ذلك؟

نعم. أعترض التوم هجو وقال للرئيس نحن معترضين على ما ذكرت. ولكن الرئيس قال مخاطبًا التوم إنت عملت ذلك. فرد التوم كان أنا عملت ذلك ولكنه شيء غير ملزم، وأنت كحكومة غير موقع فيها، ولكن الآخرين الجاكومي وخالد شاويش وأسامة سعيد وشاكوش وقرشي غير موقعين. ولكن بكل أسف تم هذا الأمر. وأذكر أيضًا، أنه عندما تحدثنا مع الرئيس خاطب الفريق كباشي بالجلوس مع مسار دارفور، وأن يتحدث معهم في هذا الأمر. وقد حدث ذلك فعلًا، فدعاهم لإجتماع في مكتبه بالقصر الجمهوري ولكنهم رفضوا تمامًا التنازل عن الورقة الصفراء التى كتبها التوم هجو وبالتالي ظل هذا الظلم موجودًا

هل كانت هنالك خطوات أخرى منكم؟

عندما جئنا نستعدل كل ذلك في 2024 ذكر جبريل نفس الحديث، وتصدى له الفريق كباشي. ولكن الآن هذه رؤى كثير من تنظيمات جوبا ولكن (مافي زول تاني ح يشيل حق أكتر من حقه) فنحن كلنا متساوين في الإسلام. والمادة التى ذكرها جبريل ليس لها أساس من الصحة فيما يتعلق بمجلس الوزراء. وإذا أفترضنا أنه أراد أن يستدل بها، يستدل بها حول المفوضيات واللجان والهيئات القومية وحتى في ذلك من يحدد هم كل أطراف السلام وليست حكرًا على حركة العدل والمساواة ولا حركة مناوي ولا لمالك عقار. والآن الثلاثة الذين هم في مجلس السيادة والسبعة وزراء كموضوع مطروح للنقاش والحوار والإتفاق وليس هنالك إتفاق مسبق، وبالتالي ما يتوافق عليه الجميع هو الذي يحدث. ولن يحدث أن ينال تنظيم وزارتين ولا آخر لا ينال وزارة. ولن يحدث ذلك بعد الآن. أما مسألة السلاح فالآن كل الشعب السوداني حامل للسلاح والوسط والشمال والشرق أكثر المناطق تهميشًا في السودان. والدخل القومي الذي تعتمد عليه الحكومة الآن منذ تمرد مليشيا الجنجويد يأتي من الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر. فهذه مسائل لا نريد الدخول في تفاصيلها ولكن المكون الاستراتيجي الاقتصادي هو الذهب الذي يأتي من هذه المناطق، فلا يوجد سبب يجعلك أن تأخذ حق الآخرين وتصر أنك ستظل في وزارة المالية، فالشريف حسين لم يستمر في المالية خمس سنوات، ولم يزيد غير سنة ونصف وحدث انقلاب مايو وحتى تاريخ وزارة المالية منذ العام 1956 لم يستمر فيها وزير أكثر من ثلاث سنوات أو أربع سنوات ولا في كل الوزارات حتى.

البعض يتحدث عن أن اتفاق جوبا صمم لحركات الكفاح؟

اتفاق جوبا لم يصمم على الحركات والشاهد أنه يضم خمس مسارات وست تنظيمات مدنية ليست لها علاقة بالسلاح ولكن صحيح أن السلطة سلمت للحركات والآن نحن لا مانع لدينا من إلغاء جوبا ويقوم اتفاق مع أي من الحركات أو معها كلها وتسلم كل السلطة ولكن جوبا صممت لكل الذين شاركوا فيها بالتساوي في الحقوق والواجبات والخلافات في المسارات بحيث لمسار دارفور قضايا محددة وكذلك لمسار الشمال قضايا محددة والمنطقتين كذلك الوسط والشرق ولكن وفق جوبا لا أحد ينال حق الآخر .

 

ما نصت عليه الاتفاقية، لم يبين نصيب المسارات الأخرى (الشمال والوسط والشرق وغيرهم)؟

الاتفاق بين نصيب وحقوق المسارات. فالشمال له اتفاقه الخاص والوسط له اتفاقه. في مسار الوسط اتفاق الثروة الذي قام به شخصي وكذلك ملف الثروة للشمال ومن ثم نادينا التوم هجو الذي وقع عليه وبانتمائي للوسط قدمت له هذا الاتفاق فحقوق السلطة موجودة في مسار القضايا القومية تساوى فيها كل ال14 تنظيم الذين وقعوا في مسار القضايا القومية ولا أحد يعلو على الثاني، فالسلطة رأت أنها أن تعطي هؤلاء بالإتفاق الذي قام به التوم، فأنا أحمل التوم هجو هذا الخطأ لأنه ذهب دون مشورتنا ودون أن يخبرنا حتى، إلى أن تفأجأنا في جوبا بهذه الورقة الصفراء ومن ثم قام بالتنصل عنها. لذلك عندما اعترض في مجلس الشركاء الرئيس قال له أنت من قام بذلك. ولكن التوم طالب أن يثبت في المحضر اعتراضه.

هنالك نصيب أكبر للحركات؟

فعلًا الحركات الآن مسيطرة على مفاصل الدولة، فهي حصلت على ست وزارات وثلاثة أعضاء بالمجلس السيادي وهذا خطأ نحمله الحكومة السابقة فالحكومة التى ترأسها حمدوك أقرت ذلك ونحن رفضناه وناهضناه كذلك ولكن في نهاية الأمر حكومة حمدوك كان خاطبة ود الحركات المسلحة ولذلك أعطوها أكثر من حقها.

ما يلاحظ أيضًا أنكم في اتفاق جوبا عبارة عن تمومة جرتق؟

نحن ما تمومة جرتق بدليل أننا قمنا باتفاق عظيم جدًا لأهلنا في شمال السودان الذين ظلوا يعانون التهميش منذ ما قبل الاستقلال وإلى يومنا هذا وأنتجنا اتفاق ثروة أعطى الشمال 30% من كل الموارد التى توجد في شمال السودان. ولكن صراحة لنا أكثر من ستة أشهر في اجتماعات متواصلة ووصلنا للخلاصات والتى كان من المفترض أن يتنزل الاتفاق حول قضية الثروة على أرض الواقع قبل عيد الفداء المبارك ولكن لبعض الترتيبات الفنية الاجتماع لم يكتمل ولكن سوف يكتمل بإذن الله بعد عطلة العيد وستتنزل قضية الثروة لصالح أهلنا في نهر النيل والشمالية وسوف تنعكس ايجابًا على حياة المواطن المغلوب علي أمره.

 

بما أنه هنالك تعديلات طرأت على الوثيقة الدستورية، هل كان بالإمكان أن تراجع بعض بنود الاتفاق بعد ذهاب أحد أطراف الوثيقة؟

 

طبعا هذه التعديلات نحن كاطراف سلام جوبا تمت مشاورتنا في هذا الأمر وقدمنا رؤى مميزة وأنا كنت أحد الممسكين بالملف وأدرته مع أخواننا في اتفاق سلام جوبا وقدمنا ملاحظاتنا على تعديلات الوثيقة الدستورية، ولكن جوبا كاتفاق فيه حلول لكثير من مشاكل كل السودان بما فيها دارفور والمنطقتين والوسط والشمال والشرق ولكن بكل أسف أن الاتفاق لم يتنزل على أرض الواقع إلا في مجال السلطة لمجموعات محددة من جوبا وليس لكل الأطراف. والآن إذا تنزل الإتفاق على أرض الواقع فهو يحوي خيرًا كثيرًا لكل السودان .

هل الاتفاق نص على وزارات بعينها تجلس عليها الحركات؟

أبدًا الاتفاق واضح بأن هنالك نسبة 25% من مجلس الوزراء و25% من المجلس التشريعي وثلاث وزارات وهذا منصوص عليه في المادة 4 التي تتحدث عن مجلس السيادة والمادة 3 التي تتحدث عن ثلاث وزارات والمادة 5 التي تتحدث عن المجلس التشريعي ومجلس الوزراء. وبالتالي أن يتشبث أي تنظيم بموقع محدد فهذا يثير الدهشة والاستغراب. ولماذا الاصرار على وجودك في وزارة المالية والمعادن والتنمية الاجتماعية. لماذا لا تذهب وزيرًا للشباب والرياضة أو التجارة أو الزراعة، هنالك 26 وزارة فلماذا متمسك بوزارات بعينها لأنها وزارات المال. ولكن هذه الوزارات سوف تذهب لآخرين فيكفي أننا كجوبا مكثنا فيها خمس سنوات يأتي غيرنا ويمكث سنتان وفي الثالثة نذهب للانتخابات ومن تأتي به الانتخابات فمرحبًا ولكن ما تم في الفترة الماضية الذي فيه المتمرد حميدتي وحمدوك لن يتم ولن يتكرر مرة أخرى وهذه رسالة واضحة والآن هنالك سبع من أطراف سلام جوبا رأيهم موحد وسوف يقفون سدًا منيعًا أمام محاولة تمدد أي طرف من أطراف جوبا علي حساب الآخرين.