أحمد زاهر .. صاحب الألحان النواضر

توارى عن العيون وسكن القلوب
أحمد زاهر .. صاحب الألحان النواضر
بقلم: أمير أحمد حمد
الأغنية السودانية ساهمت إلى حد كبير في توحيد الوجدان السوداني وخاصة أغنية الوسط أو ما يعرف بأغنية أمدرمان التي امتزجت فيها كل الثقافات السودانية بمختلف مشاربها بدأت بالطنبرة ثم الحقيبة ثم ما يعرف بالأغنية الحديثة والتي استخدمت فيها بعض الآلات الموسيقية الحديثة. ومع هذه الحداثة ظهرت العديد من المدارس الموسيقية الحديثة، فكان هنالك تطورًا ملموسًا في الألحان وبدأ يظهر التأليف الموسيقي والذي لا يعتمد على ترديد كلمات الأغنية عبر الموسيقى والذي عرف باللحن الدائري. وفي ظل هذه الحداثة ظهر في الساحة الفنية عدد مقدر من الملحنين جملوا وجداننا بأعذب الألحان. ومن هؤلاء الملحن البارع المبدع أحمد زاهر والذي ازدهرت على أنامله وأخضر فرع من فروع الأغنية السودانية بألحان أطربت كل من استمع إليها.
+ إجازة ألحان وكلمات
بدأ أحمد زاهر حياته الفنية مطربًا يلحن كلماته بنفسه، وعندما تقدم للجنة النصوص والألحان لإجازة صوته وأغنياته أجازت اللجنة الألحان والكلمات ولم تجز الصوت. فنصحته بأن يسلك طريق التلحين فكانت النصيحة قد صادفت أهلها. لم يعاند ويصر على أنه مطرب، فتدفقت ألحانه شلالًا رويًا، فكان الإمتاع الماركة المسجلة لألحانه العذاب.
+ خبير الحناجر
كان أحمد زاهر خبيرًا بالحناجر التي يبث عبرها ألحانه الشجية فإستودع حنجرة زيدان أغنية (أكون فرحان) من كلمات محمد علي أبو قطاطي. وأغنية (معذرة) والمشهورة بـ (ياما بقيت حيران) وأبدع فيها زيدان بعمل صولة بصوته وليس بآلة موسيقية، وهي من كلمات شاعر مدني كباشي حسونة. والجدير بالذكر أن الفنان محمد أحمد عوض كان ينوي أن يتغنى بهذه الأغنية بالرق بنفس لحن أحمد زاهر. لك أن تتخيل غناء هذه الأغنية بصوت وأداء محمد أحمد عوض.
+ زاهر وأبو قطاطي
الملحن أحمد زاهر لحن أكثر من 90% من كلمات الشاعر محمد علي أبو قطاطي، ومنها أغنية (إنت يا قلبي المتيم كنت خالي) التي تغني بها البلبل أحمد الحابري، وكذلك أغنية (أسال نفسك) للمطرب زكي عبد الكريم، وكذلك منح أبو عركي البخيت أغنية (أوعى تصدق) من كلمات خليفة الصادق، كما تغنى من ألحانه أيضًا الفنان الذري إبراهيم عوض بأغنية (بحنيني توريني) من كلمات الشاعر حسين جقود. كما تغنى من ألحانه أيضًا الفنان صلاح بن البادية بأغنية (يا ربي هل طاريني قلبو) من كلمات أبوقطاطي.
+ أصوات نسائية
تعامل أحمد زاهر مع الأصوات النسائية كثيرًا، فتغنت من ألحانه فاطمة الحاج التي منحها لحنين جميلين وهما أغنية (أستحق صدك لأني حبيتك) و(لي حبيب شاغل بالي) وكلا الأغنيتين من كلمات عوض جبريل. كما تعامل أيضًا مع منى الخير ومهلة العبادية وأم بلينة السنوسي وثنائي النغم. وأمتد عطاؤه اللحني حتى وصل إلى العنصر النسائي الحديث، فتعامل مع الفنانة حنان بلوبلو ووقف معها حتى نضجت فنيًا.
+ هدوء وحياء وألحان شجية
كان أحمد زاهر رئيسًا للموسيقى بالإذاعة السودانية وعضوًا في لجنة الموسيقي والألحان وكان أحد أفراد فرقة الإذاعة عازفًا لآلة المندلين، وقد أحدث تغييرًا في أوتاره بأن جعلها ثنائية فأحدثت أنغامًا شجية. كان يتمتع بهدوء وحياء منعه من الظهور في وسائل الإعلام المختلفة، ولعل الكثيرين لم يروا صورته أو شاهدوه في لقاء تلفزيوني ليتعرفوا على شخصيته. وللأسف لم يعرف عنه المتذوق السوداني شيئًا، فقد كان ميلاده في ثلاثنيات القرن الماضي، ونشأ وترعرع في أمدرمان حي العمدة وانتقل منها إلى الثورة الحارة عشرين التي شهدت وفاته في العام 1993م. نسأل الله له الرحمة والمغفرة.