إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نحن….)

مع إسحق

إسحق أحمد فضل الله

(نحن….)

وحادثان يرسمان جامعة الخرطوم… (الجامعة التي هي .. أشعة أكس للسودان كله)
والمهندس السوداني الذى وضع تصميم جامعة الخرطوم كان يعمل بإشراف مهندس بريطاني ممتاز
والمهندس البريطاني يدرس التصميم الذي وضعه السوداني ثم يقول له
: جيد جدًا … لكن به خطأ دقيق … لا أخبرك به … أبحث أنت عنه
والمهندس السوداني يظل لسبعين ساعة متواصلة يفحص التصميم ليعرف أين الخطأ
وعرفه…
وأصلحه
وسقط في إغماءة طويلة..
ولما كانوا يبنون الجامعة كانت إمرأة أمية تأتي كل صباح .. وتجلس .. تنظر إلى العمل حتى العصر
قالت مهندسة بريطانية كانت هي من يدير التشييد
: المرأة هذه لم تكن تحدث أحداً … وكانت تخدم كل أحد …
قالت المهندسة
ويوم الحفل للافتتاح كنت أجلس مع كبار الضيوف في الصف الأول .. أمام منصة مسرح الحفل
وفجأة .. رأيت المرأة هذه في نهاية الحشد … ثم تقتحم الزحام … ثم تتجه إلى الصف الأول
ثم تقصدني …
ثم تقف أمامي …. ثم تحتضنني … ثم تقبلني على جانبي وجهي
ثم تستدير .. وتذهب
قالت المهندسة
: كانت قبلة المرأة هذه أعظم ميدالية أحصل عليها في حياتي
والمرأة هذه لم يرها أحد بعد ذلك…
(2)
وسودانية .. ترى شابًا في الطريق في دولة عربية يقوم بعمل رجولي رائع … والمرأة التي يهزها المشهد تقول للشاب ..
: أنت سوداني .. قطع شك
والشاب يؤكد لها إنه ليس سودانياً
عندها المرأة تلك تفكر ساعة ثم تقول له في حسم
: قسمت … تكون أمك سارقاك من سوداني…
السوداني تجد فيه عناصر طين الأرض والأخلاقية كلها
السمح كله … والكعب كله
(3)
ونختم بما يختم به أبن خلدون فقراته
فالمؤرخ الضخم يختم كل فقرة في كتابه بالصلاة على النبي
والطبرسي (أحد أعظم المفسرين) يكتب تفسيره (بعد أن رجع من الموت)
نعم … بعد أن رجع من الموت
فالرجل يصاب بإغماءة عميقة …. وأعتقدوا أنه قد مات
وكفنوه ودفنوه … وهو في الإغماءة
والمصريون يضعون الميت في الحفرة ثم يغلقونها بمستطيل من الأسمنت
والرجل يفيق في قبره وحاله يخبره بأنه ميت مكفن مدفون
والرجل يعطي الله سبحانه عهداً (لئن أنجيتني من هذه .. كتبت تفسيراً للقرآن)
والرجل يجد أن عدم إختناقه في القبر يعني أن هناك ثغرة في غطاء القبر
ثم يسمع أقداماً …. ولص من لصوص المقابر كان يفتح القبر طمعًا فى الكفن الفخم الذي دفنوا فيه هذا الشيخ
و….
وما يدهشك ليس هو أن الطبرسي كتب تفسيراً بديعاً
ما يدهشك هو هذه الثقة الغريبة في الله سبحانه
ونحن/ في السودان المدفون الآن/ نثق في الله سبحانه
ولن يخيب الله لنا رجاء.