
الحاج الشكري يكتب: كامل إدريس لا تطأطئ رأسك لأحد
نقطة وسطر جديد
الحاج الشكري
كامل إدريس لا تطأطئ رأسك لأحد
حبس الشعب السوداني أنفاسه لفترة في انتظار إعلان حكومة دكتور كامل إدريس وطوال الأيام الماضية تضاربت الأقوال والتحليلات والتسريبات والتهويمات والشائعات حول شكل الحكومة وصلاحياتها وعدد وزرائها وصفاتهم ومشاربهم الفكرية والسياسية والحق أن من هؤلاء من ينطلق من رؤية وطنية بحتة وبعضهم تدفعه الأجندة الحزبية والخاصة وظل هذا هو الحال إلى أن خاطب د. كامل إدريس الشعب السوداني أمس الأول محددًا الملامح الأولية لحكومته ذات الـ ٢٢ وزيرًا والمرتكزة على الكفاءة والأمانة والاستقلالية والشفافية والتسامح على حد قوله.
مع احترامنا الكامل لما جاء في خطاب د. كامل إدريس من أفكار نيرة، فإن الرأي الغالب في الشارع السوداني يرى أن هذه مجرد أقوال لا يؤمن بها حتى يرى نتائجها تمشي على الأرض، لأن الشعب لديه تاريخ طويل مع السياسيين وأقوالهم، فالكثير منهم يلقون خطبًا رنانة ترقص طربًا لجمالها وروعتها القنوات والقاعات وكبريات الصحف والمواقع الإلكترونية، ولكن سرعان ما تنتهي إلى لا شيئ ولا أثر طيب في أرض الواقع. السؤال هل كامل إدريس من هؤلاء أم أن له إرادة قوية وعزيمة أكيدة وآليات واضحة لتنفيذ هذه الأفكار؟. ويبقى هذا هو التحدي والذي إن نجح فيه د. كامل إدريس سيصبح رمزًا حقيقيًا من رموز هذا الشعب المكلوم. وسيتحول تلقائيًا من رجل مفكر وقانوني إلى سياسي حقيقي ومؤثر وستكون له قاعدة شعبية كبيرة وبالتالي كل الأحزاب السياسية الكبيرة والصغيرة ستسعى لكسب وده وستبذل الغالي والرخيص حتى يقبل بأن يقودها لتكسب به رهان الانتخابات.
الذي أريد أن أؤكده أن الشعب أعجب بكامل إدريس عندما أثبت شجاعته بقبول التكليف في هذا الظرف الصعب من تاريخ الأمة السودانية.
والخطاب الذي قدمه يؤكد بأنه لم يطأطئ رأسه لأحد ولم يذعن لرغبة الحركات التي تريد أن تجلس على سبيل المثال لا الحصر في كرسي وزارة المالية لأكثر من خمسة سنوات أو بأكثر من ما جلس فيه الشريف حسين الهندي أبرز وأقوى وأشرف وأنزه السياسيين السودانيين على مر التاريخ. وهذه الحركات لا تستند على شيئ غير قوة البندقية وحجة المساهمة في معركة الكرامة، مع أن كل الشعب شارك وساهم كل حسب قدراته ومجاله في هذه المعركة المصيرية الوجودية.
عزيزي د. كامل إدريس هذا الخطاب رغم أنه أقوال ولم يتحول لأفعال بعد، ولكن كسبت به مزيد من حب السودانيين واحترامهم لك، فعليك أن تحافظ على هذا الإحترام بأن تمضي بذات الشجاعة والوضوح والشفافية في إنزال هذا البرنامج لأرض الواقع وليكون شعارك وعنوان مدخل مكتبك أن مشيئة الشعب أكبر من رغبة الحركات والأحزاب واللوبيات وأصحاب المصالح. إن فعلت ذلك ستنجح وإلا ستشيعك اللعنات وغضب الشعب كما هو حال سلفك آدم حمدوك وهذا ما لا نرضاه لك