حرب السودان .. تأثيرات سياسية واجتماعية واقتصادية

توقعات بدمج العديد من البنوك نتيجة لفقدان 80٪ من رأس المال
حرب السودان .. تأثيرات سياسية واجتماعية واقتصادية
خبير اجتماعي: أحد أدوات الحرب كانت إفقار المجتمع السوداني بإستهداف مصادر الإنتاج
محلل سياسي: انعدام التوافق بين التحالفات والتنظيمات الحزبية تسبب في اندلاع الحرب
أمدرمان: الهضيبي يس
خلفت الحرب التي اندلعت في السودان في 15 من شهر أبريل لعام 2023 أوضاعًا مأساوية من دمار البنى التحتية والمرافق العامة. وكشفت دراسة قام بوضعها اتحاد المصارف السودانية عن أن الخسائر التي طالت البنوك والمؤسسات المصرفية تقدر بنحو 15 مليار دولار الأمر الذي يؤشر بدخول القطاع المصرفي بفقدان مايعادل 80٪ من رأس ماله، ما يجعل أوضاع السياسات الاقتصادية في بلد مثل السودان تحتاج لدعم الكبير نظرًا لتزايد حجم الصعوبات.
+ دمج البنوك
وتوقع الخبير في الشؤون الاقتصادية محمد الناير بأن تلجأ الدولة إلى دمج بعض البنوك والمصارف وإعادة هيكلتها لتفادي مزيد من الخسائر وانعاش الاقتصاد السوداني. ولفت الناير إلى ضرورة الإهتمام بميزان المدفوعات خلال الفترة القادمة عن طريق تشجيع الإستثمارات خاصة في قطاع الاقتصاد الحيوي مثل توسعة عملية التنقيب عن الذهب، والغاز، والدخول في شراكات اقتصادية ما بين القطاع العام والخاص بشأن تمويل مساحات الزراعة النقدية، مع الوضع في الاعتبار أن العالم قد يدخل في أزمة ما يعرف بالأمن الغذائي نظرًا لإتساع الصراعات الإقليمية والدولية.
+ رؤية سياسية
بينما يؤكد الباحث في الشؤون السياسية أحمد عبد المنعم أن الواقع السياسي بالسودان ما بعد مرور عامين من الحرب يحتاج إلى رؤية سياسية وفقًا لترتيبات دستورية تحافظ على مكتسبات الفترة الماضية أبرزها اتفاقيات السلام، وتكوين حكومة غير حزبية من الكوادر (التكنوقراط). ويشير عبد المنعم بأن الساحة السياسية تعج وتضج بعديد من الرؤى والتحالفات السياسية، ولكن تظل تعاني من جملة تحديات أيضًا منها إنعدام الثقة بين الأطراف السياسية للتوصل لإتفاق حد أدنى يكفل قدرًا من الوصول لرؤية مشتركة بشأن الفترة الانتقالية. علاوة على أزمة السلطة (السياسية) وهو ما ولد الخلاف منذ ما قبل العام 2023 وأنتج الحرب نفسها. وقال الباحث عبد المنعم: أود الاستدلال هنا بالتحركات التي يقوم بها تحالف (صمود) بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك وموقف التحالف مما يجري تجاه الحرب، وهو ما أفرز واقعًا مغايرًا من البيئة السياسية السودانية التي أضحت تتعامل دون أي سقوفات من الأخلاق الاجتماعية، والسياسية معًا مما دفع كذلك إلى تسريب قدر من الإستياء والإحباط في نفوس المواطنين السودانيين.
+ دمار البيئة الاجتماعية
وعن البيئة (الاجتماعية) فقد تسببت الحرب في مضاعفة حجم الفقر وسط السودانيين بنسب مخيفة وفقًا لتقديرات لمنظمات أممية حيث وصل الفقر لنسبة تفوق 80٪، فكان النزوح واللجوء وفقدان أدوات الإنتاج أحد وسائل الافقار التي تعرض لها السودانيين خلال السنوات الماضية وما تزال رحي الحرب تدور دون توقف في مناطق مثل إقليم دارفور، وكردفان.
ويشير الباحث في الشؤون الاجتماعية خضر الخواض أن دمار البيئة الاجتماعية كان أحد الأدوات التي استخدمت في حرب السودان تحت غطاء سياسي وخطاب اعلامي ممنهج، مما ولد دمارًا مميتًا لبيئة الإنتاج في ولايات سنار، الجزيرة، غرب وجنوب كردفان، وإقليم دافور باعتبار الاعتماد الأساسي في هذه المناطق على طبيعة مصادر الإنتاج التقليدي من الزراعة والرعي. ورأينا كيف قامت مليشيا الدعم السريع بتدمير مصادر الإنتاج تلك وانتهكت حقوق المواطنين وقامت بتدمير البيئة في تلك المناطق، ما يستدعي مجهودًا كبيرًا على مستوى وضع معالجات لانتشال المجتمعات التي ستتعرض لفقر مدقع مابعد توقف الحرب والبدء في البحث عن مصادر العيش مع غياب الخدمات مثل أدوات الطاقة والكهرباء، ومدخلات الإنتاج الزراعي وسط المجتمع الريفي لغياب التمويل بالشكل المطلوب. وأضاف الخواض: إن توفير رافعة تلعب فيها الحكومة الدور الأكبر وفقًا لخطة إسعافية يستوجب تصميم مشروعات تستهدف الشرائح الاجتماعية المعرضة لفقر ما بعد الحرب حتى يتسنى تحقيق قدر من المصدات لمجابهة الآثار الإجتماعية الناجمة عن الحرب.