
صلاح دندراوي يكتب: حكومة كامل إدريس .. آمال محفوفة بالآلام
نقطة ضوء
صلاح دندراوي
حكومة كامل إدريس .. آمال محفوفة بالآلام
نعم أن الرجل لم يجلس على كرسيه بعد ويشكل حكومته التي حفها بالأمل، إلا أن الرجل لم ينتظر كل ذلك بل من وهلته جعل يتلمس ويتحسس قضايا ومشاكل دولته ويحاول أن يقف على أوجاعها، وهو الذي قدم من دول تتوافر فيها كل المعطيات وتتقاصر أمامها كل المعضلات، ليجئ إلى دولة مثخنة بالجراح ، تفتقر لإدنى المقومات بعد أن داهمها طوفان المليشيا التي دمرت البنى التحتية وأنهكت الإقتصاد، وأوقفت عجلة الإنتاج، وعطلت التنمية، وأفقرت هذا الشعب بعد أن إزهقت أرواحه ونهبت مقتنياته وشردت بهم، ليجئ كامل إدريس في هذا الزمان ليبدأ من قبل مرحلة الصفر.
يجئ وهو يدرك أنه لن يجد من المال ما يعينه على تحقيق رؤاه وتنفيذ برامجه، وهو يعلم أنه سيجد شعب منهك متعب سلبته المليشيا الفرحة وإدخار السنين وتعب الأيام، وفقد الإعزاء، سيجد شعب أتعبه الترحال وهده فراق الأحبة وأضناه الألم. سيجد بلد تدمرت منشآتها وتلوثت بيئتها ونهبت ثرواتها وما زالت المطامع تحوم حولها..
سيجد كامل إدريس المصاعب تترامى على الطريق، وقبل ذلك صور الإحباط التي يريد هؤلاء الذين فقدوا تلك المناصب أن يلبسوها له، سيقفون له بالمرصاد لا حريصين وإنما شامتين ومحبطين سيحرضون وينددون ويلونون حتى الحقائق بهدف إفشال تلك التجربة لأن نجاحها يعنى تأكيد فشلهم، فسيعملون جل جهدهم لدس المحافير حتى يعجزونه عن العمل..
سيجد .. ويجد ويجد. فلن يجد الطريق مفروشًا بالورود، ولا الدرب ممهددًا وإنما سيمتلئ بالمطبات والمعيقات، والأشواك، وهنا تتجلى مقدرته في كيف يتجاوز تلك المتاريس.
لذا نخاف على بريق الأمل الذي يحمله عصا يتوكأ عليها أن يخبو وينطفئ وهجه إذا لم يحمه من هوج الرياح، فإن إنطفأ ذاك البريق يتسرب الأمل وتضيع تلك المعالم والملامح التي طبعت في أذهان أولئك المنتظرين إطلالة ذاك الشعاع فيرددون:
بخاف غيم المنى الشايل
تشيلو الريح ويتفرق
لذا عنصر الحماية من ضياع هذا الأمل يمكن أن يمتلكه إدريس كاملًا إن أحسن قراءة الواقع، وإحتمى بالوطنيين الخلص، وأبعد من حوله المنتفعين وحارقي البخور وأصحاب المصالح، وجلس وسط هذا الشعب وبين المواطنين يستمد منهم الرأي والفكرة وزاد المسير، وطالما هو وسطهم يعايش أحلامهم ويتحسس آلامهم ويهتدي بآرائهم فلن يعتريه شئ، لأنهم هم الزاد لذاك المسير والوقود لتلك الشعلة التي تضئ الطريق..
إنها المعادلة الصعبة بين الآمال والآلام فإن أردت الأولى فتحسس الأخرى فإنها التي تحدد لك مواطن الوجع فتتجه نحو علاجه، ووقتها يمكن أن تقول بكل ثقة، لقد عبرنا، ليست قولًا يفترى وإنما واقع معاش فكم من تغنى بها وهو كامن في مكانه، فالعبور ليست عبارة تقال، وإنما فعل يحتاج للتحرك وتعبيد الطريق وزاد المسير وقتها يمكن أن نقول لقد بلغت المنزلة.
ولنا عودة