إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كلام للغد)

مع إسحق

إسحق أحمد فضل الله

(كلام للغد)

وليس الأدب / ليست هذه أيام الأدب / الفكر البحت،
الفكر الذي نصنع به الكسرة والملاح…
وبحثًا عن هذا ننظر من شقوق أبواب أهل الفكر…
وما نجده هو:
(أمي قالت لي:
دققِي وخَتِّي
لامِن أبوك يجي)
ورفض…
(قلت ليها: لا..)
وهو حوار إذن، لكن
(حوار) كلمة تعني وجود ذاتين منفصلتين،
لكن حوار النفس والعقل عند أهلنا المفكرين هو:
المنقة (المانجو) الحامضة، أكلها قبل أن تنضج، يصنع السكر الثقيل.
وأهل الفكر عندنا أكلوا منقة الإسلام حامضة، فكان أن تخبط السوداني ـ العامي والمثقف ـ تخبطًا خطيرًا.
والخطير فيه هو أن صاحبه لا يخطر له أنه سكران،
والفرق بين العامي والمفكر هو أن الأخير يكتب ويقود،
والمفكر هذا، بسكرته هذه وتأمله هذا، له مشهد صاحبك عنترة في سكرته وتأمله، ورسمه صورة مدهشة للسكران الذي يغوص…
وعنترة حين يصف الذباب في الظهيرة الصامتة ويقول عن الذباب:
(هزِجًا يحك ذراعه بذراعه
فعل المُكِبِّ على الزناد الأجزم)
عنترة بالبيت هذا يرسم صورته هو، وليس الذبابة.

وقلنا إن الأمر كله هو حوار… حوار العقل والنفس…
وكل مفكر يقول ثم يطلب الموافقة:
(لموا لي فقرا
لو في قعر شَدْرَة
لو بي لبن بقرا)
النفس تجيب العقل بالجواب هذا،
ولعلنا نوافق، ثم نسمع المسألة.
……
(حوارات مع أيقونات سودانية) كتاب لمعاوية جمال الدين،
والكتاب يحاور عبد الله الطيب… المجذوب… الطيب صالح… علي المك و…
وفي الحوار نجد صورة دقيقة لما تفعله المنقة الحامضة بأهلها،
فالقوم، عقولهم المتسعة، كرعت من ثقافة الغرب حتى تجشأت… مع هبشة خفيفة للإسلام.
والصورة تصبح هي:
صورة البحارة فوق أسوار مدينة النحاس في ألف ليلة وليلة (وهناك، البحارة يجدون مدينة مذهلة وسط البحر… ويطلون من الأسوار ويجدون أروع الحوريات وهن يدعونهم، والبحار يقفز من فوق السور ليجد نفسه غريقًا في أعماق البحر).
ومثقفونا في الحوار يتكشفون عن… عقول وُلدت مسلمة… إسلام مشوَّه، عاجز، منفر… ويجدون أنهم شربوا ثقافة غربية واسعة ومعادية تمامًا للإسلام.
والرجال هؤلاء ينشبحون بين الإسلام الذي يجهلونه (ويريدونه) وبين الغرب المذهل و…
والحوارات تعجبنا وتخيفنا،
تخيفنا لأنها تعني أننا سوف نكرر للمرة المائة كل الأخطاء التي تفعل بنا ما تفعل منذ سبعين سنة.
…….
وكامل يصنع حكومته الآن،
وسوف يجد من السادة ومن غيرهم حُوبًا كبيرًا، ورفضًا،
ومقبول، لكن
الرجلين من قبيلة (أ) و(ب) حين يقتتلان، يُلقي الأول بالثاني أرضًا ويجثم فوقه… يخنقه،
والآخر، المخنوق، يقول لهذا:
“آآ… زول… الشكل عرفناه… الموت فوق شنو؟”
و. حاشية
والحديث أعلاه، إن هو تخبّط بنا في تلافيف الفهم، نرضى منه بأن نقول إننا… نقبل.
ونطلب صناعة حكومة تحت الحرب، حتى لا تأكلنا الحرب.
ونقبل، ونطلب مشاركة ومعارضة تصبح هي الخلايا الحمراء في الدم… تمنع الخراب.
ويبقى أننا نكتب هذا، ونُفاجأ بأنهم يصنعون الآن شيئًا كأنه انشقاق يُطرشق الحكومة الجديدة،
ويزعمون أن جبريل ومناوي وغيرهم، كلٌّ منهم يُجاذب لتكبير كومه في السلطة… بأسلوب: هذا أو لا…!!
وكأننا نُكرّر اللعنة التي تتبعنا منذ سبعين سنة.
ونشرح… ولا حول ولا قوة إلا بالله