حكومة الأمل .. أول الغيث …

بعد تعيين رئيس الوزراء لوزيري الدفاع والداخلية
حكومة الأمل .. أول الغيث …
تقرير: مجدي العجب
منذ فجر الاستقلال وفي كل المراحل السياسية من عمر السودان يظل تشكيل الحكومة التنفيذية أمر فيه كثير من التعقيدات التي تمسك بتلابيب السودان ويظل الأمر محل جدل كثيف أو مخاض عسير قبل تشكيل أي حكومة كانت وعندها يكون على رئيس الوزراء ضرورة مراعاة هذه التعقيدات وأن يضع في الاعتبار كثير من الإشكالات التي قد تواجه الحكومة .
وبرغم التفاؤل والبشريات التي أطلقها رئيس الوزراء الجديد كامل إدريس في خطاباته التي سارت بها وسائل الإعلام وشحنت وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة وأن دكتور كامل إدريس جاء في أكثر الأوقات تعقيدًا ولكنه أمامه أيضًا كثير من الفرص التي قد تقود إلى نجاح حكومته.
فقد يعتقد البعض أن اختياره لكفاءات مستقلة ربما تعصف بالمحاصصات وأيضًا برغم إلتزام رئيس الوزراء في كلا الخطابين بعدم المساس بحصة اتفاق جوبا وظهور بعض المخاوف لكن سوف تظل اتفاقية جوبا حاضرة وربما تشهد تغييرًا في الشخصيات والحقب الوزارية التي تمنح لموقعيها وفقًا للإتفاقية.
وأيضًا مما هو مفرح أن رئيس الوزراء أشار إلى أن تعيين الوزراء سيكون على دفعات حتى تكتمل الحكومة، وهذا أمر فيه تأني محمود يبين أن دكتور إدريس يعكف على اختيار طاقمه بتأني بعيدًا عن العجلة والاختيار (خبط عشواء).
+ أول الغيث
وأصدر كامل الطيب إدريس رئيس مجلس الوزراء الانتقالي قراراً بتعيين الفريق حسن داؤود كبرون كيان وزيراً للدفاع، كما تضمن ذات القرار تعيين الفريق شرطة بابكر سمرة مصطفى علي وزيراً للداخلية. ووجه القرار وزارتي الدفاع والداخلية والجهات المعنية الأخرى إتخاذ إجراءات تنفيذ القرار. وأعتبر مراقبون أن تعيين الوزيرين خطوة ايجايبة وجدت القبول من قطاعات عريضة وقال عنها البعض أنها أول غيث الحكومة الجديدة الذي سيهطل بغزارة ليغسل أحزان البلاد.
+ الحكومة قريبًا
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي دكتور محمد تورشين أن اعلان وزيري الدفاع والداخلية واختيار رئيس الوزراء لشخصيات مهمة جدًا وذات ثقل في المجال العسكري والشرطي يوضح أنه لديه رؤية يختار من خلالها عدد من الوزراء والمسؤولين أصحاب خلفية تتسم بالكفاءة المهنية ولديهم القدرة لإدارة المواقع التى يتولوها. ويضيف تورشين في حديثه لـ (ألوان): فيما يتعلق بوزارة الإعلام برغم الترشيحات والتسريبات ولكن لا يمكن الاعتماد عليها كثيرًا لأننا بحاجة لسماع القرار. أما الخارجية فهي وزارة مهمة جدًا في الوقت الحالي، مشيرًا إلى تراجع دور الوزير الحالي فهنالك ضعف في البعثات الدبلوماسية وكذلك ضعف الوزارة بشكل عام في احداث اختراق خارجي في وقت نحن أحوج إليه، خاصة في ظل الاستهداف الذي يواجهه السودان. لذا فإن اختيار وزير للخارجية بمواصفات خاصة سيسهم بشكل كبير جدًا في معالجة الأخطاء السابقة وبالتالي يحدث اختراقًا في الملفات التي فشلت فيها الوزارة في الفترة السابقة ومعالجة كذلك الأخطاء المتوارثة. وذهب تورشين في حديثه لنا قائلًا: أما فيما يتعلق بسلام جوبا فلا أعتقد أنه يمس بحصة الحركات بل تحدث في كلا الخطابين الذين خرج فيهما رئيس الوزراء حول اتفاق جوبا بشكل إيجابي عن الحركات وبالتالي لا أعتقد أن نسبة 25% سيتم المساس بها. فإن كانت هنالك ملاحظات فهي تتعلق بالشخصيات والأسماء وحول من الذي يشارك. وستكون الاتفاقية حاضرة وربما يطلب منهم تقديم أشخاص لهم قدرات وكفاءة باعتبار أن الحركات تحظى بكثير من الكفاءات والقدرات. وزاد: فيما يتعلق بتشكيل الحكومة أعتقد أن تشكيل الحكومات في السودان في كل العهود أمر فيه كثير من التقيد نتيجة للتعقيدات التي يشهدها السودان. وقال: لا أستبعد أن يكون اكتمال الحكومة في القريب العاجل.
+ ضربة البداية
ويقول الأكاديمي والمحلل السياسي دكتور محي الدين محمد محي الدين في الحديث الذي خص به (ألوان) أن اعلان رئيس الوزراء لوزيري الدفاع والداخلية هي ضربة البداية للحكومة القادمة. وأضاف أنه وبرغم جدل المحاصصات ولكن يبدو أن السيد رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس يعكف على اختيارات تقود حكومته للنجاح. وأشار محي الدين إلى أن البلاد أحوج ما تكون لوزير الخارجية حتى يواجه الاستهداف الخارجي الذي تواجهه البلاد منذ 15 أبريل من العام 2023م. واستبعد دكتور محي الدين المساس باتفاق جوبا في الحكومة القادمة، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء اعلن ذلك وإلتزم بنص الاتفاقية. مشيرًا إلى بداية اختياره لكفاءات شرطية وعسكرية فيما يتعلق بالدفاع والداخلية. ولفت إلى أن حديث رئيس الوزراء بشأن الاختيار يجعله يختار الشخصيات وطاقم حكومته بعد التمحيص والفحص، منوهًا إلى أن حكومة الأمل صارت أمل الشعب الذي يتطلع للأفضل ويجب أن تلبي الحكومة تطلعاته.
+ صخرة المحاصصات
ويرى المحلل السياسي أبو القاسم الزبير أن حكومة الأمل تحفر في صخرة المحاصصات التي اصطدمت بها في أولى مراحلها، ودخلت دهاليز المسكوت عنه بين طيات اتفاق السلام بجوبا! وقال الزبير: ولئن تجاوز الدكتور كامل إدريس هذه المعضلة فسيكون قد أمسك بزمام الأمر مستشرفاً أفقاً واعدًا لمستقبل أفضل. وأشار الزبير إلى أن الأجواء ما تزال مشحونة وملبدة بسحب التسريبات التي لم يُقصد منها إلا إثارة البلبلة ووضع الدكتور كامل في موقف حرج بغية تقديم بعض أو التخلص من آخرين. وما يرشح من تسريبات علينا أن نتعامل معه على أنه مجرد حرب إعلامية تقصد ابتزاز الدكتور كامل من خلال أستثارة آخرين عليه. ويمضي أبو القاسم قائلًا: أما ما يخص حصة اتفاق السلام التي تبلغ 5 وزراء وما يعادل 25% من الحكومة آنذاك . فقد اضطرب الجدل حولها فتحولت من خصوصية أطراف السلام إلى عملية شد وجذب بين بعض هذه القوى والدكتور كامل ادريس! مما أظهره في نظر الناس كأنه هو ذاك الذي يسعى إلى استفزاز وإغضاب القوات المشتركة. ولعل ما يجب التنبيه إليه أن الفترة الانتقالية المقررة في اتفاق السلام قد انتهت منذ يناير 2024 لكن هذه القوى ظلت محافظة على مواقعها من الحكم، بل ما زالت تتحدث عن استحقاق انتهى أجله كأنه قرآن منزل ليس لأحد من الناس أن يبدله. وزاد: في تقديري أن إعلان الدكتور كامل ادريس عن اعتماد التكنوقراط أو الكفاءات المستقلة في ظل انفراد قوى السلام بربع الحكومة يفقده السند والتوافق معه وعليه، وإذا أراد أن يجعلها مستقلة خالصة تسبب في شرخ كبير في الكتلة الداعمة والمساندة للقوات المسلحة، وهذا ما سينعكس سلباً على الموقف القتالي.
وأكد الزبير أنه على الدكتور كامل إدريس الاستعانة بالأجهزة الأمنية في تشكيل حكومته لأنها الأقدر على فهم التقاطعات وعلى دراية تامة بلغة كل المكونات السياسية والمجتمعية في البلاد. وهذا ما سيسهل له ويسرع تشكيل حكومته. وأضاف: مع ذلك كله وبرغم كل التعقيدات فإن رئيس الوزراء أمامه عدد من الفرص تمكنه من تسهيل كل العقيدات التي قد تواجه حكومته وتصبح الحكومة القادمة هي الأمل الذي يخاطب أشواق الشعب السوداني.