الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. الأمين محمود: الدعم السريع منتهك للكرامة الإنسانية

الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. الأمين محمود لـ (ألوان):

الدعم السريع منتهك للكرامة الإنسانية

مشاورات تشكيل الحكومة ألقت بظلال سالبة على الوفاق الوطني

المنظمات الأجنبية لم تكن نزيهة في تاريخ النزاعات بالسودان

ظاهرة خلف العهود تعتبر من المظاهر السيئة للسلوك السياسي في السودان

حوار: مجدي العجب
دكتور الأمين محمود، الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي واحد من الساسة الذين أدركوا محاولة انقلاب وابتلاع الجنجويد للدولة السودانية منذ البداية، فشمر عن ساعده ووقف وقفته الوطنية المشهودة بل وتولى الأمانة العامة لحزب المؤتمر الشعبي في وقت بالغ الصعوبة حتى رست سفينته على الجودي. (ألوان) طرحت عليه عدد من الأسئلة، فكان هذا الحوار:

بداية هنالك هدنة بطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الفاشر؟

بتحليل موضوعي للنزاع، للهجرة قيمة ضئيلة على نهايات النزاعات السياسية المسلحة. غالبًا ما ستعمل المليشيا والقوى المساندة لها لتعزيز قوتها بإدخال السلاح وبالتموضع. في تاريخ نزاعات السودان لم تكن المنظمات الأجنبية نزيهة ولم تراع استقلال الدول وعملت على تمرير شحنات السلاح تحت مظلة العون الإنساني. وليس مستبعدًا أن تتخذ الهدنة المعلنة غطاءً لتعديل الأوضاع لصالح المليشيا. وكما هو معلوم فإن للحكومة مسؤولية تجاه مواطنيها حيثما كانوا، بينما تتحلل المليشيا من أي مسؤولية تجاه مواطني السودان. وشهدنا ونشهد كيف تفاقم المليشيا معاناة العزل في مناطق سيطرتها، لا يشعر المواطنون بالأمن وسلامة أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، فالدعم السريع منتهك أساسي للكرامة الإنسانية بترويع المواطنين. لم تشكل طوال الحرب مناطق سيطرتها ملاذًا آمنًا لأي سوداني في السودان الواسع. واتخذت الدعم السريع سياسة التجويع كوسيلة حرب خاصة لتغطية فشلها في السيطرة على الفاشر. الحكومة تعلم بأن المنظمات الوالغة في تأجيج نزاع السودان ستعمل خلال الهدنة المعلنة إلى مد المليشيا بالعتاد، ولكنها في ذات الوقت تستشعر مسؤوليتها تجاه من أستخدم التجويع سلاحًا لإخضاعهم. هي غلبت إنقاذ المواطنين بوفاء احتياجاتهم الحياتية من مأكل ومشرب ودواء وستعمل على الدفاع عنهم مهما أمتلك العدو من عدة قتال ستنقل لها في أسبوع الهدنة.

 

ثغرة المثلث ومحاولة زحف الجنجويد في وقت ينتظر فيه الجميع تحرير دارفور؟

 

فتح الثغرات في الحروب لإيجاد وسيلة ضغط، سياسة استراتيجية قديمة في الحروب. في حرب أكتوبر فتحت إسرائيل بواسطة أمريكا ثغرة الدفرسوار. والسيطرة على المثلث تتحكم فيه علاقات جوار السودان مع دول ثلاث يمكنني القول أن ثلاثتها مرتبطة بمصالح جد دقيقة مع دويلة الإمارات العدوة الظاهرة في حرب السودان وما هي إلا أداة للصهيو أمريكية صاحبة مشروع الحرب على السودان. ولكن ما يمكنني الجزم عليه هو استحالة زحف العدو من المثلث نحو أي مدينة في السودان. فأي قوة زاحفة ستسير نحو مصارعها ولا إمكانية لبقائها. مسألة وقت إن شاء الله وتجد القوة الغازية نفسها مدفونة في رمال متحركة.

 

اتفاقية جوبا والجدل المثار حولها في الفترة الأخيرة؟

 

من المظاهر السيئة للسلوك السياسي عامة في السودان ظاهرة خلف العهود بدءً بالدستور وانتهاء بالاتفاقيات التي ظلت الحكومات المختلفة تبرمها مع قوى مختلفة تنازعت معها على السلطة فتصالحت على أساس اقسامها بينهما وحظ الشعب السوداني في الاتفاقية لم تعدو الفائدة المجنية من وقف اقتتال فئتان على السلطة. على كل حال تعد تلك منفعة لا يجوز التقليل من أهميتها طالما حقنت ولو لحين الدماء السوادانية، لكن ما هو مخزي حقآ هو عدم الأعتراف بالمواثيق التي تصالحوا عليها والعودة للحرب مرة تلو الأخرى. واتفاقية جوبا ضمن تلك الاتفاقيات التي أشرت إليها، فقيمتها في أنها أوقفت النزاع المسلح على السلطة، ولها الآن قيمة مضافة بعمل الشركاء ومعهم بقية قوى وطنية في الدفاع عن السودان هذه المرة وليس فقط على أنصبتهم من قسمة السلطة بموجب اتفاقية جوبا التي رعت بالدرجة الأولى تقاسم السلطة بين متنازعين عليها، فهذه بأي سبيل منفعة لا تدعو الحكمة تجاهلها بتبخيسها للسودانيين في هذه المرحلة تحديدًا، فالإبقاء على الإتفاقية منفعة وأنا أدعو إلى وفاء شروطها وعلى أطرافها عدم التشاكس الآن. أي سلوك للتقويض يندرج تحت تغليب مصالح ذاتية على المصلحة العليا للسودان.

تداعيات تشكيل الحكومة خاصة وأن هنالك جدل محاصصات خفي؟

للأسف ألقت مشاورات تشكيل الحكومة بظلال سالبة على الوفاق الوطني في السودان. هي مختبر لإظهار قدرة التوافق على مصالح السودانيين تشخيصًا وعملًا لإيجادها وعلى حمايتها. يبدو أن الحكمة السياسية غير متوفرة لطالما لا نتحسب لآثار سلوكنا السياسي، والذي يبدو متخبطًا وغير متحسب لإيقاظ الفتن من مستصغر الشرر. المتهافتون على السلطة يتجاهلون حقيقة الاستهداف الوجودي للسودان كبلد، ويتجاهلون أهمية الكفاءة لإدارة الأزمة السودانية العامة وضرورة حشد كل القوى الوطنية السياسية والمجتمعية وتصويبها للعمل معًا من أجل السودان. إن على متخذ القرار في تشكيل الحكومة عدم خلق نزاع يعمق الفرقة ويعطي العدو قوة للسير في مخطط محو السودان من الوجود.

الوضع في دارفور وانتظار تحريرها؟

استطال حصار الفاشر. يجب أن ينتهي الحصار عاجلًا. خروج المواطنين منها ليس حلًا لأنه يقوض قوة دافعية المجاهدين الذين يتصدون لهجمات الجنجويد. فتح ثغرة المثلث خطة لإرجاء فك الحصار عن الفاشر. بمن سنفك الحصار عن الفاشر، بتوظيفات أعتقد أنها كانت وما زالت متاحة. وأنا أعتب على الذين يديرون حرب التحرير في عدم استقطاب من هم خارج الانتماء العضوي للحركات في معركة الكرامة ولا أريد التفصيل لاعتقادي أن جهدًا يسيرًا يمكن بذله لفك الحصار عن الفاشر ولتحرير كل مدن دارفور. مستعدون للإرشاد على ما يمكن أن نخترق به التأثيرات التي تعزل شمول المشاركة في معركة التحرير.

تقديم د. علي الحاج نفسه كأمين عام للمؤتمر الشعبي حتى الآن؟

لا قيمة لهذا التقديم إن لم يعانق مشروع المؤتمر الشعبي بقيمه وثوابته ونهجه في تحقيق أهدافه. فليغني كل لليلاه. لا نتضجر إذا كانت محصلة الجهود مرضاة الله ونفع أهل السودان بما يزيل عنهم الضرر الذي أوجدهم فيها من تداعي لما سميت بالاتفاق الإطاري التي أشعلت الحرب في السودان. نحن الآن نعمل من أجل التحرير الكامل لتراب الوطن، ونخطو خطوات نحو الانتقال السياسي، وآمل أن نلتقي به وبمجموعته في نظام خالف يلم كل شعث التفرق السياسي الحالي والمعيب جدًا.

الحركات الدافورية ووهم السيطرة على مفاصل الدولة بأكثر من جهد تحرير دارفور من مليشيا الدعم السريع؟

لا أظن أن هذا صحيح بالمطلق، فهذه الحركات حاربت الدعم السريع أولًا في خارج تراب دارفور وحاربت من صمود الفاشر بوجه التحديد، ونصيبها من السلطة تحدد بإتفاقية جوبا التي سبقت الحرب بما يقرب من عامين. ولم يتناهى لسمعي أنها نادت بحظ أكثر مما حصلت عليه في حكومة حمدوك. كمواطن من دارفور أدرك حجم ما تشعر به قبائل دارفور من ضيم في اقتسام السلطة بموجب الاتفاقية على مستوى التمثيل المركزي والإقليمي والولائي، ولكن الحكمة تستوجب عدم التنازع على السلطة في هذا التوقيت. وكذلك عدم الجأر بالغبون فكظمها مأثرة والترفق في طلب الحق زينة. يجب أن ننأى عن أي إشارات تثبط هممنا في مقارعة الجنجويد.