أحمد الجابري .. جميل الكلام وحلاوة الأنغام

أحمد الجابري .. جميل الكلام وحلاوة الأنغام

كتب: أمير أحمد حمد
أحمد محمد عبد الله كرمنو، الإسم الحقيقي للفنان أحمد الجابري المولود بمنطقة الشرفة. وقد تضاربت الآراء في تاريخ مولده، البعض يرى عام 1934 والبعض الآخر يرى عام1937 هو عام مولده.
وإسم الجابري الذي إلتصق به جاء إليه من جده لأمه. والدته هي فاطمة بت الجابري والمشهورة في حي العرب بـ (بت الجابري) وقليل من يعرف أن إسمها فاطمة وهي إمرأة زاهدة وعابدة وذاكرة لله في حلها وترحالها، حتى قيل أنها حينما تدخل الحمام كانت تضع على فمها قطعة قماش حتى لا تذكر الله. فيه أرتبط بها ابنها أحمد ارتباطًا وثيقًا وقد حز في نفسه كثيرًا وفاتها التي كان حاضرًا لها، عكس الرواية التي تفيد بأنه لم يكن حاضرًا لها، حيث أنها نقلت للمستشفى في تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا وتوفيت في تمام الساعة الواحدة ظهرًا حسب إفادة أهلنا في حي العرب، فترك الغناء لفترة حزنًا على فراقها، حتى أعاده الشاعر الصادق الياس عندما قدم له أغنية الملامة والتي لامست في نفسه هوى.
يعتبر الجابري من أندى الأصوات التي ظهرت في الساحة الفنية في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي. كان الجابري يميل كثيرًا إلى الغناء العربي على السلم السباعي فردد كثيرًا من أغنيات محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش التي كانت تذاع في دور السينما قبل العرض وفي فترة الاستراحة، فظهر أثر السلم السباعي في كثير من أغنياته السودانية. ولعل هذا التأثر بالسلم السباعي أجل إجازة صوته في الإذاعة السودانية حتى أمده الشاعر عبدالرحمن الريح من كلماته وألحانه ووقف إلى جانبه حتى تمت إجازة صوته عام 1958 وبعدها انطلقت مسيرته الفنية التي توشحت بجميل الكلام وحلاوة الأنغام ونداوة الصوت كهديل الحمام.
والملاحظ أن معظم أعماله من ألحانه عدا أعماله التي من كلمات أستاذه ود الريح وقليل من الملحنين . ولعله قبل أن يتصل بعبد الرحمن الريح لحن أول عمل خاص له وهي أغنية في شاطئ الغرام كلمات عزمي عبدالقادر.
تعامل الجابري مع العديد من الشعراء على رأسهم عبد الرحمن الريح وسيف الدين الدسوقي وهم جيران له في الحي (حي العرب) والغريبة لم يتعامل الجابري مع الجنرال الطاهر إبراهيم رغم أنه جاره في الحي.
وكذلك تعامل مع الشاعر أبو قطاطي والصادق الياس وعوض جبريل والسر قدور ومبارك المغربي وكامل عبد الماجد ومصطفى عبد الرحيم ومحجوب سراج وعباس أبومرين والزين عباس عمارة (سامحني) وغيرهم .
كما تعامل مع الملحن أحمد زاهر في أغنية أنت يا قلبي المتيم كنت خالي وهي من تأليف أبو قطاطي وعبداللطيف خضر (انت وأنا) وبرعي محمد دفع الله (سامحني) وعوض جبريل. وأشير إلى أن الجابري لم يتغن بأغنيات فصيحة سوى أغنية واحدة وهي (تولي العام) من كلمات مبارك المغربي.
كان الجابري منضبطًا في موسيقاه لا يسمح للعازفين بإضافة أي لزمة موسيقية أثناء الحفل.
رحل الجابري عن الدنيا الفانية بمنزله بالثورة الحارة الخامسة في منتصف التسعينيات من القرن الماضي وقد كان في آخر أيامه زاهدًا في الحياة، فأصبح متصوفًا وأهدى جهاز التلفزيون الخاص به إلى جيرانه كما علمنا منهم. ولكن تظل أعماله باقية في وجدان الشعب السوداني الذواق.
فنسأل الله أن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.