نشيد العودة .. أهزوجة للغابة والصحراء

ولألون كلمة
حسين خوجلي
نشيد العودة .. أهزوجة للغابة والصحراء
بعد انطلاقة حملة العودة الطوعية المباركة من مصر الشقيقة صوب السودان العائد المنتصر، تلك الحملة العبقرية التي أسرج نورها قيادة الجيش السوداني بتوجيه كريم من الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ونفذتها منظومة الصناعات الدفاعية بكفاءة واقتدار ومهنية عالية بقيادة ربانها الفريق أول ميرغني إدريس سليمان، شاع خبرها بالحُسنى في طول البلاد وعرضها. وقد قام الإخوة الإعلاميون والصحفيون بتسويقها وإطلاق بشاراتها.
زارني إخوة كرام من الجزيرة وبحر أبيض بعدما تسامعوا بخبرها الفياض بالخير، وطلبوا مني أن أتوسل إلى إدارتها لتجهيز بصات لناطقهم، فقد قرروا العودة الطوعية بلا تأخير ولا تسويف. رحبت بهم وقلت لهم بلغة راسخة إن كل مشروع يخرج من الجيش الوطني لا يحتاج إلى واسطة ولا إلى توسل؛ فهذا حقكم ومن حقهم الاستجابة. وفعلاً، وهم أمامي ينتظرون، اتصلت بإدارة المشروع من قيادات المنظومة، فرد علي مديرها التنفيذي بلا تردد قائلاً:
“يا أستاذ، إن التعليمات التي صدرت لنا من الأخ الفريق ميرغني كانت واضحة وملزمة؛ أن هذا المشروع لن يتوقف ولن يتعثر بإذن الله حتى عودة آخر أسرة سودانية ترغب في العودة طوعاً إلى أحضان الوطن. وعليهم الآن أن يتصلوا بنا بقوائمهم، وسوف تتحرك الرحلات بهم بأمان وسعة وراحة من القاهرة حتى مسقط رأسهم.”
وبعد يوم واحد اتصلوا بي شاكرين، وقال ناطقهم الرسمي: “لقد أحسسنا بعد هذه المقابلة أن سوداناً جديداً بدأ يتخلق بقرارات حازمة، وبإدارة راشدة، وبدور وطني يستحق الإشادة والثناء والتقدير.”
ولأن لغة الرجل كانت مفعمة بالزهو الوطني والفخر بما جرى من إجراءات، فقد أيقظت في خاطري ساكن القصيد، و(انفتح باب الغنا) بهذه المقاطع من الدوبيت، آملاً أن تحرك مشاعر العامة والخاصة. وابتدرناها بمشروع العودة من القاهرة الحبيبة، وكان مسك الختام الخرطوم المنتصرة، التي أعادت مفردات الكبرياء ليس للسودان وحده، بل لإفريقيا والعالم العربي والإسلامي، بل للبشرية جمعاء التي جُبِلَت على حب الخير والسلام والبسالة.
(1)
عايدين بالسمح حاقبين كلاشنا مهابة
ما بخوفنا جوع أصلو الفحول غلابة
ما دام (الكنانة) اتحملت اتعابة
برد الجميل وحدة وقمح وكتابة
(2)
عارفين الليوث الاسرجوا التقابة
وعارفين (الفريق) اللعروض نسابة
منظومة الدفاع الفتحت أبوابة
والغابة أم طلح ما بتمنع الحطابة
(3)
راجعين أم بكول دايرين نطفي الفتنة
عبري ودنقلا أرض الخيال والفطنة
شمال العزة دا البكرمنا يوت ما بتنا
وبنعود شندي الحي مننا إن ما متنا
(4)
ودجماع كتب و دنقس رضاها البيعة
إسلاماً نضيف ما فيهو سنة وشيعة
والكرمك هناك سطعت شباب وطليعة
وسنار انفتح فكرة وفنون وطبيعة
(5)
الثغر الحبيب من كسلا ناجا قضارف
والغافل قبيل الليلة أصبح عارف
همشكوريب رفع بالفاتحة سيف ومصاحف
فكيف سبيل جبالا سيدا عابد وكالف
(6)
عايدين للجزيرة ست الجمال والصورة
الشايلة الجميع لا مسرة لا حيكورة
ما دام الرزق حواشة في مطمورة
بنعيد القديم ونرجع الأسطورة
(7)
بحر أبيض شمخ خلوة ومسيد ومنار
ساكنو الملتزم القبلو حاسي وحار
عايدين للدويم صناجة الأفكار
نسوي الدار عريس ونمدح المختار
(8)
ما دام الأبيض شلعن بروقو سحابة
والفاشر الكبير صد الخيانة خيابة
مادام الحرب نسجوها بالكرابة
بالحيل النهود بتعدموا الورتابة
(9)
خرطوم القمم اتجلي غضبة وفرحة
والعاطل صبح في ايدو مهنة وسبحة
قحاطة السجم جازوها حمي وقرحة
جات مستورة تقدل بالحجاب والطرحة
وإن كان في المداد بقية، فهذه برقية نرسلها إلى الإخوة من شعراء الشعب: ود إدريس، ويوسف البنا، وبُشْرى البطانة، وود الخاوية، وود نجاع، وصلاح ود مسيخ، وبقية العقد الفريد من مبدعي بلادي؛ ليكملوا بقية الأوبريت، فهم أهلُ سبقٍ وشاعريةٍ وتجويد، وما نحن إلا ضيوفٌ على مائدتهم الفسيحة بالإفصاح والجمال.
ننتظر منهم ـ عاجلاً ـ الهدايا الفيّاضة بالتحريض الحميد للمساهمة في هذا المشروع الوطني الكبير؛ لنزيّن بكلماتهم قلوب الرجال والنساء من أهل بلادنا. ولعل صادق موهبتهم يفيض عليهم، ويمنّ عليهم بدعوات صالحة، وشكرٍ ممدود، وكيلو من الذهب الخالص من سوق أبو حمد، ومن بطاح الرباطاب النديّة بالخير والنفائس والرجال.
وإن جاء الرزق، فإننا نعدهم بقسمة عادلة، مثل قسمة حاج الماحي للجمال والحور العين في جنّةٍ عرضها السماوات والأرض، حين أنشد بثقته الكاملة في كرم الخالق العظيم.
في الجنة أم قوارير
زوجات على السرير
لابسات الأساوير
وما بعرفن التَرير
الفين جزايا للناظم الحقير
والفين لابنو ابكار من الخُدّير
والفين جدايا للمادح البشير
والفين ندايا للصافي والدخير
والفين قِبالن لمحمد البصير
والفين زهايا لي احمد الفقير
والفين قِبالن للحاج والضكير
والفين ندايا لاحمد الفقير
والفين للطاهر والفين لابو الكبير
والاف ألوفا للزملاء والعشير
(والمعني واضح).