الحرب في السودان .. اهتمام دولي متصاعد

تقرير: مجدي العجب

بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي أصابت خلالها كل منطقة الشرق الأوسط بالتوتر، وتفقد الكل سلاحه، بحيث إن استمرار هذه الحرب يقود إلى تدخلات الحلفاء بصورة أعنف، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت دعمها لدولة الكيان الصهيوني. بعد التسويف في البداية أو محاولة منها لذر الرماد في العيون، وحينها ربما انشغل البعض خارجيًا عن الحرب في السودان، وهي ذاتها التي تمولها جهات إقليمية ضد الدولة السودانية. ولأن الحرب في السودان بأي حال من الأحوال لم تكن مفصولة عن الإقليم والمنطقة عمومًا، فسرعان ما عادت أنظار العالم تتجه مرة أخرى، وهذه المرة كان الاهتمام أكثر وأكبر، خاصة بعد سيطرة مليشيا الدعم السريع على المثلث الحدودي الذي يهدد أمن عدد من دول الجوار، الأمر الذي لن تسمح به هذه الدول، وإن كانت حليفة في السر والعلن لمليشيات الجنجويد.

 

+ مؤتمر مرتقب

فأمس يهمس الإعلام عن مؤتمر مرتقب في الفترة القليلة القادمة يتعلق بحرب 15 أبريل في السودان، والهمس يتحدث عن تحركات أمريكية برزت في المشهد. وهذا كله بعد أن أعلن مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابق للشؤون الأفريقية، عن نية واشنطن استضافة مؤتمر دولي بشأن السودان بمشاركة وزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات، الكفيل الإقليمي للمليشيا. وأكد بولس أن الإدارة الأمريكية تسعى إلى وقف الحرب في السودان. نافيًا أن تكون الأزمة السودانية مجرد “حرب بالوكالة”، في موقف اعتبره مراقبون تحولًا نحو دور أكثر مباشرة في إدارة الأزمة.

+ المخطط القذر

ويقول المراقب السياسي والخبير العسكري العقيد محمد فرح حاج النور: الموارد المهولة والموقع الجيوستراتيجي للسودان جعل منه محط أنظار القوى العظمي في ظل حرب الموارد المشتعلة بين قوى الدول. وزاد في حديث لـ “ألوان” أن هناك قدرات مالية وعلمية كبيرة وذات استطاعة كبيرة في استغلال الموارد البكر الموجودة على أرض السودان، ومن أهمها مورد الغذاء، وهو الأزمة القادمة للبشرية، بالإضافة لموارد أخرى معدنية وبترولية وزراعية. حيث أن كل المؤشرات المستقبلية تتحدث عن أزمة غذاء ستجتاح العالم في خلال العقود القريبة القادمة. لذلك بدأت بعض الدول ذات القدرات الكبيرة في الاستعداد المبكر لما سيحدث في المستقبل القريب وربما الحاضر المعاش الآن. وأوضح قائلًا: من الواضح، وهذا ما أعتقده، لأنني لا أبرئ أي من الدول المدعوة لهذا المؤتمر المسمى دولي بشأن السودان، وهو ليس دوليًا كما يزعمون، بل هو مؤتمر لدول مخلب القط المحيطة بالسودان، والتي تم استخدامها بواسطة أمريكا وإسرائيل بغرض السيطرة على موارد السودان بمساعدة عملاء ومرتزقة وخونة في تنظيم قحط، الذي قسّمت بين مجموعاته الأدوار لتقسيم كيكة الدولة السودانية. ويكتفي منها عملاء قحت بالإياب إلى بلدانهم التي يحملون جوازاتها في المستقبل القريب. ولفت محمد فرح إلى أن السودان سيمر بصعوبات بالغة التعقيد تحتاج لحنكة ودراية سياسية ودبلوماسية كبيرة جدًا، بالإضافة إلى الموقف من الشعب السوداني الذي يجب أن يتوحد في جبهة واحدة ضد هذا المخطط القذر الذي يجب مجابهته بحزم وبقوة وشدة، لأن الواقع بعد تحرير الوسط والخرطوم عاد للاستكانة واللامبالاة الواضحة في التعامل مع العملاء ودول الجوار التي لا تزال تعيش على وعد الغرب بقسمة كيكة السودان. ونبه إلى أنه لا بد من توحد الشعب السوداني ككتلة واحدة ضد هذه المخططات لحماية بلدهم، حيث قال: “توحد الشعب السوداني خلف القوات المسلحة وحمل السلاح لكل قادر هو الطريق الوحيد والأوحد لخروج السودان من نفق الغرب اللئيم”.

 

+ وسيط غير محايد

وقال الصحفي والمحلل السياسي الأستاذ أحمد عمر خوجلي: الأحداث العالمية الأخيرة والعدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران، ثم ما يحدث في غزة بمباركة غربية، أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست وسيطًا محايدًا نهائيًا. وأشار في حديث خص به “ألوان” أن الاختلاف فقط حول الوسائل والمداخل والحيل والشعارات، ونبه إلى أن كل ذلك هو محاولة لتمرير المخطط، مشيرًا إلى أن تمرير مخطط الهيمنة على السودان عبر توكيل القوى السياسية التي نراها أقرب إلى المعسكر المعادي لقوات الشعب المسلحة تحت غطاء وشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وإغاثة النازحين”. وفي ختام حديثه لنا رد قائلًا: “الخلاصة أن استهداف السودان هو هدف استراتيجي ثابت، والاختلاف فقط في الفرص والمداخل والحيل والآليات والوسائل”.

 

+ ألاعيب الأمريكان

وبما أن السياسة الأمريكية فيما يتعلق بالسودان لن تتغير، أو حتى نكون أكثر وضوحًا إن قلنا إنها لن تنصلح، فالولايات المتحدة الأمريكية تمارس اللعب على كل الحبال خاصة في سياستها تجاه السودان. والأمر الذي يفسر سوء نية الإدارة الأمريكية هو صمتها أو قبولها بأن تكون الإمارات العربية المتحدة جزءًا من هذا المؤتمر. فكلا الفريقين (أمريكا والإمارات) غير محايدين في الأزمة السودانية، بل هما أقرب إلى السيناريو الآخر. ولكن حتى نجعل للتفاؤل مكانًا في المؤتمر المعلن، ربما تراجع الفريقان وأصبح الأمر الإقليمي أكثر تعقيدًا بسبب ما يحدث في السودان، وغدًا تتضح الرؤى.